يُعدُّ الشهيد المناضِل محمد محمود الزبيري عليه سحائِب الرحمة والمغفرة، المناضِل العصامي الأكثر حصافةً، والمملوء ثقافةً وفكِراً نيّراً ونِبراساً، لا أنَّهُ المُشَّبع بأصالة الحضارة الضاربة في جذور التاريخ، والممزوج بحُب الوطن وفق التعريف الدقيق له بأنَّهُ بيت له سقف هي: ” العدالة،والمساواة، والوحدة الوطنية، والهوية الوطنية الجامعة”؛ ناهيك عن كون الزبيري وفقاً لتعبير الأستاذمحمد المقبلي “قارئ الألفيتين فهو قارئ لألف سنةٍ مضت، وألف سنة ستأتي تباعاً”.
إذ بالعودة إلى قراءة كتابه النثري “الإمامة وخطرها على وحدة اليمن”، الكتاب الفكري الأكثر جرأة في حلحلة المشكلة اليمنية المعقدة منذ ألف سنة خلت، خرجت فيه اليمن من الدولة المدنية الجامعة والقوية، منذ الغزو الرسي لليمن على يد الهالك يحيى الرسي.
بل إن الزبيري في مؤلفه هذا كان بمثابة طبيب قام بتشريح المشكلة اليمنية التي حاولت الهويات الدخيلة الفرعية القمئية ضرب الوحدة الوطنية، وإغفال الهوية الوطنية اليمانية، ومسخ الشخصية اليمنية التي كانت صعبة الترويض من خلال العبودية والاستبداد.
الزبيري وهو يعيد تعريف المفاهيم الجوهرية التي هي أحلام الشعب قائلًا: “إنّ الحق هو حق الشعب، والكرامة هي للشعب، والثروة هي للشعب، والجمهورية هي للشعب، والحرية والكرامة للشعب، وإنّ القوة كلها للشعب وإلى الشعب”. وكأنه بهذه التعاريف قام بصياغة المادة الخامسة من الدستور اليمني النافذ التي تقول في موضعها “الشعب مالك السلطة ومصدرها الرئيسي….”.
الزبيري الذي قام بقراءة الماضي منذ ألفية مضت من الخيبات التي منيت بها اليمن جراء الجرم الإمامي السلالي البغيض؛ استشرف المستقبل تحدث بالتفصيل الدقيق عن مآلات فقدان القيمتين الأساسيتين “العدالة الاجتماعية، والمساواة القانونية” والتي كانتا منبثقتين من المرتكزات الأربع التي دون إحداها لا تحقيق أمثل لقيمتي العدالة، والمساواة والتي هي: “الهوية، الجمهورية، الحرية، الوحدة الوطنية” والتي هي نقائض القبح الإمامي السلالي “الاستبداد، العنصرية، الفرقة المذهبية، التمزق الوطني”.
الزبيري المناضل المنبثق من طبقة الشعب اليمني التي عانت الأمرين، من القبح الإمامي السلالي، إذ تقول بعض المرويات إنه كان يبيع الأقفال في باكستان عندما ضاقت حالته المادية بعد أن كان مدرسًا وصديقه وزير التربية والتعليم في باكستان وقتذاك يفتقده ويكرم مثواه. بل إنه من رواد النخبة اليمنية التي قدت من جبال اليمن وهندوانه، المشبعة بروح الثورة، وروح الخلاص الأبدي للأجيال القادمة.
السلام عليك أيها الخالد محمد محمود الزبيري
ولروحك الخلود.