في الآونة الأخيرة انتشرت كثيراً مطاعم العصيد ،وفي إحدى الأيام المشرقة، انطلقت وأنا ذات الأربعة عشر عامًا، مع والدي إلى مطعم العصيد. كانت هذه الوجبة الشعبية المكونة من الشعير والقمح والذرة الشامية جزءًا لا يتجزأ من حياة اليمنيين، انهت الوجبة المقدسة التي تربت عليها أجيال منهم.
عندما دخلت المطعم، شعرت بمزيج من الحماس والدهشة. كانت المطاعم التي تقدم العصيد مشهورة بكونها مكانًا يكثر فيه الرجال، لكن والدي لم يمانع أن تدخل ابنته إلى هذا العالم المختلف. جلست إيناس مع والدها، وانتظرت بفارغ الصبر وصول الوجبة التي طالما تذوقتها في بيتها، ولكن هذه المرة كان التجربة مختلفة تمامًا.
قدمت لي العصيد في طبق كبير، وبدأت تلاحظ الفرق في المذاق. هنا، في المطعم، كان الرجال هم من يقومون بإعداد العصيد، وطريقة تحضيرهم كانت تضفي عليه نكهة مميزة. أخذت لقمة، ومن ثم لقمة أخرى، وأحسست وكأني اطير من الفرحة. كان المذاق رائعًا، أفضل مما كانت تتذوقه في البيت.
ابتسمت وأنا اتذكر كيف كانت النساء في بيتها يقمن بتحضير العصيد، بينما هنا في المطعم كانت تحس بأنها تذوق طعمًا جديدًا ومختلفًا. طلبت طبقًا آخر من العصيد والحلبة المرق مع الليم الحامض، وربع فخذ دجاجة وكنت سعيدة جدًا بهذه التجربة الجديدة.
بينما كنت استمتع بالوجبة، أدركت كم أنا محظوظة لاعيش هذه اللحظة واتععرف على جوانب جديدة من ثقافتها وتقاليدها. وبتلك البساطة، تحول اليوم العادي إلى ذكرى جميلة ستظل محفورة في قلبي إلى الأبد، تجربة تجمع بين الأصالة والتجديد، بين البيت والمطعم، بين الطفولة والنضوج.
العصيد وجبة شعبية يمنية لاتخلو منها بيت تربت عليها أجيالا من اليمنيين بل إنها مقدسة ولا ابالغ تصوروا تلك المدرجات الزراعية التي تضاهي الاهرامات المصريه في عظمتها بنتها إياد كانت تأكل العصيد ثم يخزنون القات كيفهم الأول ليشتدوا ويقومون ليبنوا المدرجات الزراعية الأعجوبة .
شكراً لأبي