هذه صدفة في تاريخ البلاد أن يعود ذات الرجل إلى رئاسة الوزراء مرتين. ربما حظه، أو العدالة الإلهية تريد إنصافه بسبب ما تعرض له عام 2014م حين تم إقالته قبل أن يتسلم حتى ورقة اعتماده من الرئيس عبدربه منصور هادي. كان قد شاهد الإعلان عبر شاشة التلفزة، وخرج مسرعًا نحو القصر الرئاسي يريد تسلم مكتبه، قبل أن يوقف موكبه الحوثيون ويقتادوه نحو جهة مجهولة ومعه اليمنيون.
هكذا منذ البداية نعرف من خصوم الرجل، لا نحتاج للتحليل وقراءة تاريخه، كل شيء معروف سلفًا. أعداء الأمس هم بذات المركب الآن، أعني خصومه من بعض الأحزاب ومن الحوثيين بالدرجة الأساس. وهي ضغينة أخرى فيما بينه وبينهم، لم يعطوه حتى فرصة “شم” رائحة ورقة الاعتماد والتقاط صورة هنا وهناك.. السجن بدون سابق إنذار، ومع ذلك يكفي أنه خرج سالمًا، وها هو يعود مرة أخرى!
بن مبارك هو الرجل الأكثر قبولًا عند الأمريكان والسعوديين بذات الدرجة، دافع عن سمعتهم أمام العالم، ألا يكفي هذا كإثبات عن صدقية الإخلاص، والولاء، وصون المعروف؟ يكفي وأكثر، لكنه لم يكن أداةً، بل بمعرفته أن ما يريده الغرب هو ابتزاز المملكة فحسب، ولا يهتمون للبلاد، وإلا كان ستجدونه بالطرف الآخر.
دلالة تسلم بن مبارك هذه المرحلة، هي وعي الأمريكان بالحدث، وأنه تم استغفالهم من “الديمقراطيين” أيام أوباما ومن قبل جواد ظريف، والذي كان سيتم إعطاء منطقة الشرق الأوسط للإيرانيين، بحيث تصبح شرطيًا نيابة عنهم. ورغم التحذير من عواقب ذلك، استمر هذا الغباء تحت حماقة أن المعتدلين هم من سيسير البلاد، وقرار هذه الأذرع، قبل أن يبصق “خامنئي” على وجه ترامب ومن بعده إقالة ظريف ومن يحمل ذات الفكر، واستبدالهم بمسؤولين أشد تطرفًا، ولغةً؛ لهذا أيقن الأمريكان، والآن يحاولون الاستيقاظ من هذه الحماقة والتوقف عن الإضرار بمكانتهم الاستراتيجية، وحتى لا ينظر إليهم على أنهم أضحوكة الأمم. المرحلة المقبلة هي تسلم “الجمهوريين” الذين يمثلون كابوسًا مرعبًا للأذرع الإيرانية، والأيام دول.