بريطانيا تحث رعاياها على سرعة مغادرة اليمن وتوقف السفر إليه، دون أن توضح الأسباب التي دعت لمثل هكذا توجيه ، وإن كانت كل المؤشرات ترجح عدم إستمرار الوضع الهش كما هو عليه ، وإمكان إنزلاق اليمن ثانية لمستنقع الحرب ، في ما تتجه تطورات الأحداث الإقليمية، إلى ترجيح توجيه ضربات قاصمة للحوثي برضى خليجي على خلفية المواجهة مع ايران.
السعودية والإمارات تتأهبان لمثل هذا التصعيد المرجح ، وتريان وتحديداً الرياض للتماس الجغرافي، أنها عرضة لردود فعل إنتقامية من إيران عبر الحوثي، حال سهلت مرور الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو طهران، من خلال أجوائها ،أو حتى دون الحاجة لمثل هكذا حجة، فمعركة إيران مع الولايات المتحدة والغرب تبدأ بضرب مصالحهما من اليمن، بإخراج مواقع إنتاج الطاقة عن العمل ، وتوسيع استهدافات خطوط الملاحة التجارية.
ليس لدى إيران ماتنازل به واشنطن سوى خوض معركتها باليمنيين، وتدمير عبر منصتها الحوثية معقل المصالح الإمريكية في دول الخليج.
اليمن مفتوح على عديد إحتمالات :
ضربات إسرائيلية يعقبها ردود إنتقامية في الجوار.
توجهات إيرانية لتحويل مناطق الثروات إلى ورقة تفاوضية مع الغرب.
عودة اليمن إلى المربع الأول حرب، بالزحف نحو المناطق المحررة وتحديداً مثلث النفط والغاز وعُقد المواصلات البحرية .
وزير الدفاع اليمني على غير عادته أكد في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية جاهزية القوات اليمنية والمكونات الأُخرى ، ل”إستعادة صنعاء اليوم أو غداً” ، مايفتح قوس الإستنتاج بأن مشاورات تمت وإنتجت قرارات فحواها الإستعداد لكل الاحتمالات، وإعداد الجيش اليمني لخوض معركة إستعادة صنعاء مرة ثانية ،بعد إنكسار لسنوات عشر من إخفاقات متتالية ، وإن كان لإنجاز هذا الهدف لايبدو إن إصلاحات بنيوية حقيقية قد شملت مؤسسة عسكرية، تفتقر إلى جانب رداءة التسليح إلى المهنية ، ويسود صفوفها إزدواجية الولاء والفساد ، وغياب العقيدة العسكرية لصالح الحسابات الجهوية القبيلية الحزبية مادون الدولة، إضافة لصراعات بينية مع المكونات ذات الحيثية المسلحة .
هذا الحراك الإقليمي المغطى دولياً يزحف بسرعة متناهية نحو اليمن ، ولا يبقي لليمن خيارات بما في ذلك الحفاظ على راهن السلام الهش ، ويزج به في حرب محاور ربما إن أحسن التموضع وأصلح جسمه السياسي العسكري وبيته الداخلي ، يمكن إنجاز أهم مكسب وهو إضعاف الحوثي ،حد إمكانية هزيمته من قبل الفرقاء المناهضين له داخلياً.
الحسابات الدولية لا ترهن أهدافها بإطاحة الحوثي وحسب ، ولكن تمضي نحو البحث عن عقد سياسي للقوى المناط بها إستلام تركة الجماعة ، عقد لا يجعل اليمن أسوأ ، ونهباً للفوضى وحروب التجزئة متناهية الصِغر ، وصراع المشاريع المتصادمة ، العقد الذي يشتغل عليه الإقليم وعواصم القرار هو صيغة توافقية لشكل دولة ما بعد الحوثي، وموقع القضية الجنوبية في صلب التفاهمات ، ومادون ذلك التوافق لن تذهب الإستراتيجية الدولية باليمن نحو الفراغ، وإدارة الحرب بمعادلة المفاضلة بين السيء والأسوأ .
…
من صفحة الكاتب على إكس