كان الدكتور أحمد عتيق يثيرني جدا جدا هو أعمى ومع ذلك عنده إرادة للحرية لا تتكرر.. كان دائما مع شباب وطلاب حركة 15,يناير أول حركة وخيمة تأسست في ساحة التغيير بصنعاء عام 2011 حيث اندلعت الثورة الشعبية.. مايهمني أنه كان يغادر الساحة ليلا بينما عسس ومخبري النظام يترصدونه ومع ذلك كان دائما لايخاف.. فرحت اليوم وأنا أجد صفحته على إكس قرأت له اراء ثورية جمهورية ضد الانقلاب الحوثي الغاشم وصدقوني دمعت فقد انقطعت عني أخباره لأعوام.
كان الدكتور أحمد عتيق ملهمي وضميري النبيل، الاسم الذي يتردد في الذاكرة عندما نتحدث عن الإرادة التي لا تعرف الحدود، والنضال الذي ينبع من القلب والوعي العميق. رجل أعمى جسديا، لكنه أبصر الحقيقة بوضوح يفوق كثيرين، ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهها، لم يكن يوماً يخشى الوقوف في وجه الظلم، وخاصة في مواجهة النظام القمعي والانقلاب الحوثي الذي اجتاح اليمن. كانت مشاركته الفعالة في الثورة الشعبية عام 2011 بمثابة دليل حي على ما يمكن أن يحققه الإنسان حين يمتلك إرادة الحرية والإيمان العميق بالقضية.
وُلد الدكتور عتيق في مجتمع يتسم بالصراع والقمع وازدراء إعاقته البصرية، لكن هذا لم يمنعه من السعي لتحقيق العدالة والمساواة. ورغم كونه مكفوفاً، لم تكن إعاقته حاجزاً بينه وبين الكفاح من أجل مستقبل أكثر إشراقاً لليمن. على العكس من ذلك، كانت عيناه المغمضتان مفتوحتين على وعي سياسي وإنساني نادر. كان صاحبي التاريخي ودائما ابن محافظة إب” وسط اليمن” و”وسط الروح”واحداً من أولئك الذين يشتركون بعمق في حركة “15 يناير”، وهي أول حركة شبابية تأسست في ساحة التغيير بصنعاء مع اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام علي عبدالله صالح عام 2011.
لقد كانت الحركة بمثابة منارة للمحتجين المطالبين بالحرية والديمقراطية، وكانت ساحات الاعتصام وقتها تشهد أجواء مشحونة بالأمل والخوف معاً. في هذا السياق، برز الدكتور أحمد عتيق كشخصية ملهمة، ليس فقط لموقفه السياسي الراسخ، ولكن لشجاعته المطلقة. فقد كان يغادر الساحة ليلاً بينما كانت عيون النظام تراقبه وتترصد خطواته، ومع ذلك، لم يكن الخوف يعرف طريقاً إلى قلبه. لقد عاش متمسكاً بمبدأه، وكان حاضراً دوماً بين الشباب والطلاب، يلقي الضوء والمحاضرات ،داعماً ومعيناً لهم في تلك اللحظات الحرجة التي كانت تحدد مصير البلاد.
إحدى السمات اللافتة في شخصية الدكتور عتيق هي إيمانه الراسخ بالجمهورية، ورفضه التام لأي محاولات للعودة إلى حكم السلالات والانقلابات . ومع دخول اليمن في فوضى الانقلاب الحوثي عام 2014، ظل الدكتور عتيق ثابتاً على مواقفه، يكتب ويناقش ويدافع عن الحرية والعدالة ضد الظلم والطغيان والميليشيات الحوثية. ما يجعل مواقفه أكثر تميزاً هو أنه بالرغم من مرور السنوات وانقطاع أخباره عن البعض، مثل ما حدث معي، ظل مستمراً في الدفاع عن الجمهورية والحريات المدنية.
لقد تأثرت اليوم برؤية صفحة الدكتور عتيق على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، ومتابعة آرائه الثورية التي لم تتغير ولم تتبدل. هي نفس الآراء الصامدة التي كان يطرحها منذ اندلاع الثورة الشعبية في 2011، كان المبصر الذي رأى التوجهات الحوثية مبكرا والتي بدأت تتشكل في ساحة التغيير بصنعاء، كان يحذر منها ،لكنها اليوم تتخذ شكلاً أشد صلابة في مواجهة الانقلاب الحوثي الغاشم. أن تقرأ له وتتابع مواقفه، وتشعر أن هذا الصوت الصادق والروح الثورية لا تزال تنبض بالحياة، هو أمر يبعث على الفخر والأمل.
الدكتور عتيق ليس مجرد ناشط سياسي أو أكاديمي يكتب من خلف الكواليس، بل هو إنسان يُشعر كل من حوله بقوة الإيمان بالحرية والكرامة الإنسانية. هذا الإيمان هو الذي كان يدفعه للتحدي والاستمرار في النضال، حتى في أوقات كان الكثيرون يختارون الصمت أو الانسحاب. لم يكن الدكتور عتيق من هؤلاء الذين يتراجعون أو يخافون. كان صوته دائماً عالياً، وكان مواقفه ثابتة لا تهتز.
ما يميز الدكتور أحمد عتيق، وما يجعله نموذجاً للإلهام، هو إدراكه العميق بأن النضال ليس فقط في الميادين، بل هو أيضاً في الفكر والموقف، في الكلمة والضمير. لقد أدرك أن المعركة ضد الظلم لا تنتهي بحدث أو موقف، بل هي مسيرة طويلة، يتطلب فيها الصمود والثبات. ومع ذلك، لم يكن أبداً متشائماً أو يائساً، بل كان يزرع الأمل في نفوس من حوله، حتى في أحلك اللحظات.
اليوم، بعد سنوات من الانقطاع، حين قرأت آرائه وجدتني استعيد تلك اللحظات التي شارك فيها الدكتور عتيق معي ومع الآخرين في ساحات التغيير. تلك اللحظات التي كانت تتسم بالأمل والعزم، والتي أثبتت أن الحرية ليست حلماً بعيد المنال، بل هي واقع يمكن تحقيقه بالإصرار والشجاعة.
في النهاية، الدكتور أحمد عتيق هو ليس فقط شخصية بارزة في الحركة الثورية اليمنية، بل هو أيضاً رمز للإرادة التي لا تنكسر. إرادة تقف في وجه الظلم بكل ثبات وشجاعة، وهي الإرادة التي تظل حية في كل من يؤمن بالحرية والعدالة. إن عتيق هو مثال للإنسان الذي لا تعيقه الظروف، بل يتجاوزها ليصنع من خلالها أفقاً جديداً للمستقبل.
تحية للدكتور أحمد عتيق، وتحية لكل من يظل متمسكاً بالقضية رغم كل شيء.