تحول ذكرى ثورة 26 سبتمبر إلى رمز للرفض والمقاومة، والى مرجعية وطنية ضد المشروع الطائفي.
هذا التحول مهم.
نظام صالح كان قد حول سبتمبر إلى احتفال فلكلوري (اناشيد واحتفالات ورقصات بلا مضمون).
الخطاب اليساري والمعارض تبنى موقفا عدميا من الثورة واعتبرها ميتة بعد خروج اليسار من معادلة القوة في أغسطس 1968.
الخطاب الإسلامي( إصلاح- حوثي) لم يخرج من دائرة اعتبارها ثورة جاهلية استوردت الأفكار غير الإسلامية عند الاول، وانتزعت الحكم من أولاد النبي عند الثاني!
عودة ثورة 26سبتمبر الى الشعب والى الوعي الشعبي تحول مهم لإعادة تجديد وعي الثورة ومبادئها وقيمها بعيدا عن الأيديولوجيات السياسية الضيقة.
لكن استدعاء سبتمبر لا يجب أن يظل عاطفيا وخطابيا، ولا بد أن يحفر عميقا في تاريخ الثورة وانجازاتها وأسباب تعثرها وسقوطها.
يظل سبتمبر (رغم عثراته ونقص إنجازاته مقارنة بأهدافه) أعظم أحداث التاريخ اليمني لمعاصر.
ويعرف اليمنيون اليوم أهميته لأنه يرون نقيضة رأي العين مدججا بالسلاح والقبح الطائفي.
***
……
في مثل هذا اليوم، 21 سبتمبر 2014، لم تسقط الجمهورية بالقوة.
كانت الجائحة الطائفية مجرد ميليشيا بتسليح بدائي وبعض الأسلحة المنهوبة من عمران. بينما داخل صنعاء وما حولها كانت معسكرات الحرس بكل قواتها، ومعسكرات الفرقة، والقوات التي جيشها الإصلاح أضعاف أضعاف التجمعات العشوائية للميليشيا.
“تسليم صنعاء” تم “بالتوافق” مع 3 قوی رئيسية هي: الرئيس هادي ووزير دفاعه، وقيادات الإصلاح، وعلي عبدالله صالح وجناحه في المؤتمر…وبعد اتصالات وتفاهمات مع ميليشيا الكهف..
هؤلاء هم من سلموا صنعاء للميليشيا في 21 سبتمبر 2014..
.
الاصلاح تجنب حربا كان يعتقد انها تهدف الی تصفيته وسلم مناطقه ومؤسساته بلا قتال، وكلف وزير داخليته باستقبال المقاتلين الطائفيين واعتبارهم “أصدقاء الشرطة”..
و الرئيس هادي في سابقة تاريخية (لا اعتقد انها ستتكرر في تاريخ اي أمة) وجه المعسكرات بعدم القتال، بينما وجه وزير الدفاع الجنود والمعسكرات بالبقاء في مقراتهم وعدم التفريط في عُهدهم العسكريه!
صالح ذهب ابعد من ذلك وارسل المشائخ الموالين له ليشاركوا في اعتصامات الحوثيين حول العاصمة، وارسل قوات من الحرس للقتال ضد الفرقة، والخطاب الاعلامي للمؤتمر كان متناغما مع تحركات الحوثي ومؤيدا لها منذ بدء حصار الحوثيين لعمران..
لم تكن قوى المعارضة متفرجة، اذ انشغل قادتها بالتبشير بالقوة “الشابة والصاعدة” التي ستعيد ألق الجمهورية! وانشغل اليساريون بالتنظير حول عبور المضيق عبر الميليشيات “الفتية” التي ستسقط مراكز القوى وتترك الساحة خالية للقوى المدنية لكي تحكم!!
وانشغل غيرهم من السياسيين والمثقفين المعارضين بالكتابة عن جيفارا القادم من مران مرتديا عمامة سوداء.
كانت خيانة متعددة الأطراف، وكنت في صنعاء أشعر بطعنات الخيانة في جسدي وفي جسد الوطن.
والحديث اليوم عن سقوط الجمهورية واستعادة الدولة سيكون بلا معنى لو لم يطرح حقائق التاريخ بوضوح ويشير بثبات الى صانعي النكبة وذابحي التجربة الجمهورية.
لا يمكن لمن سلموا الجمهورية للمسخ اللطائفي أن يكونوا صادقين اليوم في احتفالهم ب26 سبتمبر. استعادة ألق الثورة والجمهورية بحاجة لأصوات نقية وجيل جديد متحرر من آثام الخيانة.
…
من صفحة الكاتب الحر حسين الوادعي على الفيسبوك