كتابات

كيف يمكن أن نكون عونا لبعضنا البعض ؟

منصة انزياحات

 

 

.كيف يمكننا أن لا نتسبب في تعاسة بعضنا البعض.كيف يمكننا أن لا نتسبب في ظلم وايذاء بعضنا البعض؟..كيف يمكننا أن نكون عونا لبعضنا البعض ؟..

 

أسئلة في غاية الأهمية والإجابة سهلة جدا اذا أدركنا بوعينا بعض الحقائق ..ومن هذه الحقائق أن الكون بكل مكوناته مرتبط ببعضه البعض ولايعيش مكون من مكونات الكون بمعزل عن المكونات الأخرى , وكذلك الطبيعة بكل عناصرها لاتوجد لنفسها بل من أجل وجود بعضها البعض , والشمس لاتشرق لذاتها ولاتغرب لذاتها والارقام لانفهم أو نعرف أحدهما الا بوجودها مكتملة والأشجار لا تاكل ثمارها والموسيقى لانستمتع الا بوجود وحدتها الموسيقية ..الخ ..فكل مافي الكون والطبيعة والوجود ليست موجودة لذاتها بل من أجل بعضها البعض وكل عنصر بوجوده يدعم ويكمل الآخر …

 

ففيما يتعلق بالبشر والعلاقة الخيرية التي ينبغي أن تكون بينهما لكي يكون كل منهما دعما وسندا وعونا للآخر وان لا يؤذي أحدنا الآخر ..كيف يمكننا أن نخلق هذه العلاقة الخيرية…

 

طبعا هناك طرائق وموازين عديدة تمكننا من ذلك غير أن هناك ميزان فلسفي لفيلسوف عظيم يستخلص لنا من خلاله الإجابة على أسئلتنا السابقة بأسلوب معرفي وحواري..

 

سقراط فيلسوف اثيني عظيم.. هو من انزل الفلسفة من السماء ( اي من دراسة الميتافيزيقا ) الى الارض ( اي دراسة الإنسان ) وبالتحديد صفاته الجوهرية الأساسية وعلاقتها بخيرية الإنسان الفطرية..ويستحق وعن جدارة لقب عميد فلاسفة اليونان في عصرهم الذهبي… وقد اشتهر سقراط بحكمته وبفلسفته المعتمدة على التهكم والسخرية بمحاوريه بهدف انتزاع الحقيقة معرفيا،، وقد وضع امتحانا سماه ” امتحان الفلتر الثلاثي ” .فما هو هذا الامتحان السقراطي وعلاقته بموضوعنا..

 

• ففي أحد الأيام صادف الفيلسوف سقراط رجلا من معارفه الذي ركض إليه وقال له بتلهف :

يا سقراط أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك..

فرد عليه سقراط انتظر لحظه قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحان صغير يدعى امتحان الفلتر الثلاثي.. فقال الرجل بتعجب الفلتر الثلاثي..

قال سقراط هذا صحيح قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله يعني لنصفي كلامك..

 

وبدأ سقراط الفلتر الأول وهو الصدق.. وسأل الرجل قائلا : هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح.. رد الرجل لا في الواقع لقد سمعت الخبر..

قال سقراط حسنا إذا أنت لست متأكد أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ.. لنجرب الفلتر الثاني.. الفلتر الثاني فلتر الطيبه.. فهل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب.. رد الرجل لا على العكس.. تابع سقراط حسنا إذا ستخبرني بشيء سيء عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح.. بدأ الرجل بالشعور بالإحراج.. تابع سقراط ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان فهناك فلتر ثالث.. الفلتر الثالث فلتر الفائده.. هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني.

رد الرجل في الواقع لا.. تابع سقراط إذا إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ، ولا بطيب ولا ذي فائده أو قيمه بل وقد يسبب لي الأذى النفسي فلماذا تخبرني به من الأصل.. فسكت الرجل وشعر بالهزيمة والإهانه…

 

لهذا السبب كان سقراط فيلسوفا يقدره الناس ويضعونه في مكانة عاليه.. فكم نحن بحاجة اليوم إلى فلتر سقراط قبل أن نظلم الخلق بأخبار غير صحيحة عنهم فنؤذيهم بجهالتنا.. ‏لا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه.. النهر لا يشرب ماءه

والأشجار لا تأكل ثمارها والشمس لا تُشرق لذاتها

والزهرة لا تعبق لنفسِها..فلنعش لبعضنا..عونا لبعضنا البعض ..وهذا هو قانون الطبيعه..فلنكن عونا لبعضنا البعض ولا نكن سببا في تعاسة بعضنا البعض..