كتابات

” الاقيال “..الروح التي تبعث الأمل في قلب كل يمني يسعى إلى استعادة كرامة اليمن 

منصة انزياحات

القومية اليمنية ليست فكرة نظرية، بل هي تطبيق عملي في الحياة اليومية لكل مواطن. على اليمنيين أن يدركوا أن هويتهم هي فوق كل الانقسامات الحزبية أو المناطقية أو المذهبية”

إن عدونا الأول والأخير هي الإمامة ومنطق اللامنطق في التمسيد على الشعب”.

  • الاهداء إلى الرائع الكاتب محمد دبوان المياحي إثر مقالته الرائعة في انزياحات بصفة الاقيال كلمة السر لخلاص اليمني.
  • الاهداء أيضا إلى زميلي العزيز فتحي أبو النصر منظر القومية اليمنية منذ العام ٢٠٠٩ م ونرفق في المقال رابط مقالته المعنونة ” عن القومية اليمنية’.

الأقيال هم المفتاح للمستقبل اليمني المنشود. إنهم يمثلون تلك الفكرة الشاملة التي تعيد بناء الأمة اليمنية على أسس متينة، وتحميها من الانقسامات الداخلية والتحديات الخارجية. اليمن لا يزال يحمل في داخله تلك القوة الحضارية التي تمكنه من النهوض مجددا، وفكرة الأقيال هي الإطار الذي سيمكنه من ذلك.

فكرة “الأقيال” ليست نهاية الطريق بل بداية جديدة. إنها دعوة للتفكير في المستقبل بطريقة تجمع بين الإرث الحضاري والواقع الراهن. فالأمم التي تتمكن من استعادة ذاتها لا تعود إلى الماضي لتغلق الأبواب على نفسها، بل تنطلق من هذا الماضي لتبني مستقبلا جديدا. اليمن قادر على ذلك، وقادر على استعادة مكانته بين الأمم، إذا ما تمكن من إعادة الاتصال بجذوره العميقة.

الوعل: رمزية تاريخية
تقول الآثار اليمنية إن أجدادنا العظماء اتخذوا الوعل رمزاً للقوة والخير والجمال والعفة والوفاء، وخلدوه في نقوشهم وأثرياتهم.

تتعرض اليمن اليوم لهجمة شرسة من قوى تسعى لطمس هويتها، وعلى رأسها التيار الإمامي الجديد الذي يحاول استعادة نموذج قديم من الحكم يتناقض مع جوهر الشخصية اليمنية. لكن هذا التيار، رغم خطورته، يبقى عابرا في مسار التاريخ اليمني. فالتيارات التي تحاول قطع الصلة بين اليمن وجذورها الحضارية تظل في نهاية المطاف غير قادرة على محو هذه الجذور.

الوعي بالذات والتمسك بالجذور التاريخية والحضارية هو ما يمكن لليمنيين من مواجهة هذه التحديات. الأقيال هنا يمثلون دعوة للعودة إلى الأساس، إلى تلك الروح اليمنية التي لا تنفصل عن تاريخها. إن استعادة هذا الوعي والتمسك بهذه الجذور هو ما سيمكن اليمن من التصدي لكافة المحاولات التي تهدف إلى تقسيمه أو إضعافه.

اليمن لا يزال يحتفظ بجذور حضارية عميقة، رغم كل ما تعرض له من تمزقات. هذه الجذور ليست مجرد تاريخ طويل، بل هي قوة كامنة قادرة على استيعاب كل التحولات التي مرت بها الأمة، وهضمها داخل إطار وطني شامل. في زمن التيه هذا، تبدو الأقيال كدعوة للعودة إلى الذات، للتفاعل مع التاريخ والحاضر بطريقة تجعل اليمن قادراً على النهوض مجدداً.

إن الأمة اليمنية تمتلك كل مقومات النهوض، بدءا من تاريخها العريق وصولا إلى حضارتها العميقة التي تمتد عبر العصور. “الأقيال” تمثل مشروعا يوحد الجميع تحت راية واحدة، ويعيد للأمة اليمنية مكانتها المرموقة في التاريخ. كما أن هذا المشروع يمثل الجسر الذي يربط بين الماضي والحاضر، ويتيح لليمنيين بناء مستقبل مشترك مبني على قيم الحرية والعدالة والوحدة

يمكن أيضا القول إن فكرة “الأقيال” تقدم لليمنيين” نافذة نحو الخلاص. إنها ليست مجرد مشروع قومي بل دعوة إلى إعادة اكتشاف الذات، واستعادة التوازن المفقود بين الماضي والحاضر. عبر هذه الفكرة، يمكن لليمن أن ينهض مجدداً، متجاوزاً التحديات والصراعات التي تعصف به.

“عندما تصل الأمم إلى مرحلة من الخراب والضياع، فإن تلك اللحظة غالبا ما تكون اشعارا ببدء حقبة جديدة. هذا القانون يتكرر في مسار التاريخ، حيث تنهض الشعوب مجدداً بعد الأزمات الكبيرة، ممسكة بخيط من جذورها العميقة التي تربطها بماضيها الحضاري.’

“في اليمن، تواجه الأمة اليوم واحدة من أصعب فصولها، حيث تشتت المجتمع وتغلغلت فيه النزاعات. ومع ذلك، يبدو أن جذور الهوية اليمنية الأصيلة، تحت عنوان “الأقيال”، تقدم فكرة للنهضة وإعادة البناء. هذه الفكرة ليست مجرد انكفاء على الماضي أو استرجاع لعصور منقطعة، بل هي دعوة واعية لإعادة اكتشاف الذات اليمنية والبحث عن مستقبل مشترك.’

تتمثل أولى خطوات النهضة في الوعي بالذات. في الحالة اليمنية، ما يعنيه ذلك هو استعادة الشخصية اليمنية في جوهرها الأصلي، بعيدا عن التصورات الحديثة الممزقة أو المفروضة من الخارج. الهوية ليست مجرد مفهوم سطحي أو مجموعة من العادات، بل هي تمثيل لروح الأمة وتقاليدها الثقافية والفكرية التي تشكلت عبر الأجيال.

وعل يمني برونزي تم تهريبه خلال الحرب ليحط في دولة قطر.. اليونسكو ومندوب اليمن الدائم في اليونسكو ووزارة الثقافة اليمنية كانوا طالبوا قطر باسترداد الوعل.

إن”الذات اليمنية ليست مجرد ذكريات ثقافية، بل هي إرث من المعاني العميقة التي تعيش في الوجدان الجمعي للشعب. هذا الإرث يجمع بين القيم، والأعراف، والنضال التاريخي، والتقاليد التي تضبط مسار الأمة. لقد أثبتت العديد من الأمم في التاريخ أن بعودتها إلى جذورها وتفاعلها مع حاضرها، تستطيع مواجهة الأزمات والعبور نحو مستقبل أكثر استقرارا.’

“لقد اليمن شهد الكثير من الانقسامات والصراعات التي مزقت نسيجه الاجتماعي. هذه الانقسامات كانت نتيجة لتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة. ومع ذلك، فإن الهوية اليمنية الأصيلة، تلك التي تعود إلى جذور الحضارة اليمنية القديمة، لا تزال حية وقادرة على توحيد الأمة.

لذا ليست”حركة الأقيال” مجرد رد فعل على الأزمات الحالية، بل هي مشروع تأسيسي يعيد للأمة وحدتها وقوتها. إن تجاوز الانقسامات الحالية لا يمكن أن يتم إلا عبر إعادة ربط الأجيال اليمنية بميراثها الحضاري الذي يحمل في طياته معاني العزة والكرامة.

فكرة “الأقيال” تجسد هذه العودة إلى الذات. وهي ليست مجرد حركة قومية تسعى لتعريف اليمنيين بما كانوا عليه، بل مشروع يهدف إلى تحريرهم من التأثيرات الخارجية التي مزقت نسيجهم الثقافي. في قلب هذه الفكرة يكمن مشروع إعادة تعريف العلاقة بين اليمنيين وتراثهم الحضاري.

“إن الاستلهام من الماضي لا يعني التراجع عن الحاضر أو الهروب من التحديات المعاصرة. بالعكس، فإن الفكرة القومية تمثل أساسا لبناء مستقبل يعيد للأمة وحدتها وتماسكها. والمؤكد أن “الأقيال” هي نداء للمجتمع اليمني ليعود إلى أصوله المشتركة التي تتجاوز الانقسامات الآنية، وتعيد توجيهه نحو مشروع نهضوي شامل.

“فمنذ آلاف السنين، كان اليمن شاهداً على حضارات عظيمة وقوى إقليمية طامحة، ولكن بالرغم من كل التحديات، ظل اليمن صامداً بوحدته الجغرافية والثقافية. هذا الصمود يأتي نتيجة لوحدة الهوية اليمنية التي تمثل جوهر الشخصية اليمنية، وتعتبر اليوم من أكثر الأمور أهمية في مواجهة تحديات التمزق والتقسيم’.

فضلا عن ذلك فإن القومية اليمنية ليست مجرد تيار سياسي أو فكري، بل هي الروح التي تبعث الأمل في قلب كل يمني يسعى إلى استعادة كرامة وطنه. في الماضي، لم يكن اليمنيون يعرفون التقسيمات المناطقية أو المذهبية كما يعرفونها اليوم. لقد وحدتهم هوية واحدة، وتمحور ولاؤهم حول وطنهم اليمن. كان اليمن قبل تلك الصراعات يمثل بوتقة حضارية تنصهر فيها المكونات الاجتماعية والدينية، في وحدة تعزز من قوته ومكانته.

نقش صخري أثري في جبل المسلحقات بمحافظة صعدة ويظهر فيه تصوير الإنسان لصراعه مع الوعل.. تصوير ذاكرة اليمن الفنان الكبير الفوتغرافي عبد الرحمن الغابري

لكن مع مرور الزمن، بدأ المشروع الوطني اليمني يتعرض لضربات قاسية من الخارج والداخل، ساهمت في تمزيق نسيجه الاجتماعي والسياسي. ومع كل انقسام داخلي حول زعامات أو مشاريع خارجية، كان الوجدان اليمني يتأثر ويفقد جزءاً من هويته الجامعة. ومع ذلك، يظل الأمل موجودا في قدرة الأمة اليمنية على استعادة وحدتها من خلال فكرة القومية اليمنية التي ترتكز على روح سبتمبر وأكتوبر وفبراير، وهي أبرز رموز النضال اليمني ضد الظلم والاستبداد.

 

إن التنوع اليمني مصدر قوة وليس ضعف،فالقومية اليمنية لا تهدف إلى إلغاء التنوع الموجود في اليمن، بل تسعى إلى احترام هذا التنوع وجعله مصدرا للقوة لا وسيلة للتفريق. اليمن هو وطن الحضارات المختلفة والثقافات المتعددة التي تعايشت مع بعضها عبر قرون. ولكن، ما شهده اليمن خلال العقود الماضية هو استغلال هذا التنوع من قِبَل قوى داخلية وخارجية لزرع الفرقة وتعزيز الانقسامات.

إن عدونا الأول والأخير هي الإمامة ومنطق اللامنطق في التمسيد على الشعب.أما التنوع اليمني، سواء كان مذهبيا، مناطقيا، أو ثقافيا، يجب أن يكون عنصرا لبناء دولة قوية وموحدة. في واقع الأمر، التاريخ يعلمنا أن الأزمات الكبرى تخلق الحاجة إلى التماسك والوحدة، وهذا ما تحتاجه اليمن الآن أكثر من أي وقت مضى.

 

إن التدخلات الخارجية لها تأثيرها السلبي فانظروا ماذا فعلت بنا عمالة الميليشيات الحوثية لإيران. إن العديد من القوى الخارجية لعبت دورا كبيرا في تمزيق الهوية اليمنية، بدءا من التدخلات الاستعمارية إلى محاولات فرض أجندات سياسية وأيديولوجية غريبة عن الواقع اليمني. هذه التدخلات لم تكن أبدا لصالح اليمن، بل كانت تعمل على إبقائه في حالة ضعف وتشتت، حتى لا يستطيع الشعب اليمني استعادة مكانته الحقيقية في المنطقة.

لذا فإن القومية اليمنية، كمشروع نهضوي، تسعى إلى قطع كل أشكال التبعية الخارجية وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية تقوم على الاستقلال والحرية. المشروع القومي اليمني يعتمد على فكرة أن اليمن يجب أن يكون لأبنائه، وأن القرار اليمني يجب أن يصنع في اليمن وليس في أي عاصمة أخرى.

ويظل المطلوب تحقيق الخطوة الأولى نحو استعادة الهوية الوطنية اليمنية بحيث تكمن في وعي كل يمني أهمية التمسك بوحدته الوطنية. ونشدد على أن القومية اليمنية ليست فكرة نظرية، بل هي تطبيق عملي في الحياة اليومية لكل مواطن. على اليمنيين أن يدركوا أن هويتهم هي فوق كل الانقسامات الحزبية أو المناطقية أو المذهبية. هذا الوعي يجب أن يتجسد في احترام التعددية والتنوع دون الوقوع في فخ العصبيات الضيقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة إلى إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس عادلة، حيث يتمتع كل يمني بحقوقه السياسية والمدنية دون تمييز أو تهميش. لا يمكن أن تقوم دولة قوية ومستقرة إلا إذا كانت تضمن المساواة بين جميع مواطنيها. هذا هو جوهر المشروع القومي اليمني الذي يسعى إلى بناء دولة تقوم على أسس العدالة الاجتماعية والمساواة.

نعم ستظل القومية اليمنية هي مشروع المستقبل ويتوجب التمسك بالقومية اليمنية لأنها الحل الوحيد للخروج من الأزمات المتتالية التي تعصف باليمن. إنها تمثل المشروع الوطني الأكبر الذي يتجاوز كل الفروقات الضيقة ويضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار. كما أن القومية اليمنية تحمل في طياتها إمكانية إحياء المشروع الحضاري اليمني الذي لطالما تميز في تاريخ المنطقة منذ فجر التاريخ.غمن خلال الوحدة الوطنية يمكن لليمن أن يستعيد دوره الريادي في المنطقة والعالم.

القومية اليمنية ليست مجرد فكرة ماضوية أو تيار سياسي عابر، بل هي مشروع المستقبل. إنها الرؤية التي يمكن من خلالها لليمن أن يستعيد قوته ووحدته، ويتجاوز كل محاولات التقسيم والتفتيت التي عانى منها عبر التاريخ.

هذا المسعى لن يكون سهلاً، فهناك تحديات كبرى تقف في وجهه، من تدخلات خارجية إلى انقسامات داخلية. لكن إذا ما تمسك اليمنيون بمشروع القومية اليمنية، فإنه يمكنهم تجاوز هذه التحديات وبناء وطن آمن ومستقر ومستدام.

وعل استخرج من تحت الرمال بدون تنظيف التقطته مطلع الثمانينات في مأرب، وكان الذي استخرجه أحد شبان القبائل
الوعل السبئي المهاجر والحزين سبقته وعول.. تصوير ذاكرة اليمن الفنان الكبير الفوتغرافي عبد الرحمن الغابري

 

***

اضغط هنا لقراءة رابط مقال فتحي ابو النصر عن القومية