لا يمكن لأي جاهل أن ينتقص من الدور التاريخي والوطني لأبناء الحجرية، الذين كانوا دائما في طليعة المدافعين عن الجمهورية والحرية في اليمن. إن تاريخ الحجرية في النضال والبناء هو جزء لا يتجزأ من تاريخ اليمن الحديث، ولا يمكن فهم تحرر عدن وصنعاء ونهوضهما دون الاعتراف الكامل بدورهم المركزي في هذه العملية.
أبناء منطقة الحجرية في تعز، التي تميزت بتاريخها الوطني والاجتماعي العريق، لعبوا دورا مركزيا في إعادة عدن إلى حاضنتها اليمنية العربية، كما يؤكد ذلك الدكتور ثابت الاحمدي ، من خلال مساهماتهم الوطنية والاقتصادية والثقافية. فكانت الحجرية على مدار عقود مصدرا للوعي السياسي والنهضة الاقتصادية في الجنوب اليمني، خاصة في فترة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، حين بدأت عدن في التحول إلى مركز تجاري وسياسي مهم.
الوجبات والمعمار واللهجات
كانت بفعل سيطرة التجارة عبر شركة الهند الشرقية وبفعل الاستعمار البريطاني تبدو اللهجة طاغية ومكسرة هندية على غربية..الملابس الوجبات المعمار.
تأثرت عدن في تلك الفترة باندماج الثقافات المتنوعة بالتأكيد ولذلك كانت مدينة كوزمبليتية متعددة الأعراق والثقافات . لكن الثقافة اليمنية العربية التي جلبها أبناء الحجرية وغيرهم من أبناء المناطق اليمنية الأخرى والمهاجرين من الهند وأفريقيا. أدى هذا الاندماج إلى تطوير نمط حياة جديد في عدن، حيث امتزجت الأكلات اليمنية التقليدية مع أكلات هندية مثل “البرياني” و”الكاري”، فضلاً عن تأثير الطهي البريطاني والغربي. وفي العمارة، كان هناك تأثير هندي وغربي على المباني في عدن، التي اتسمت بمزيج فريد من الطابع الشرقي والغربي، مع وجود مبان تقليدية بجانب العمارة الكولونيالية البريطانية التي انتشرت في تلك الفترة.بالمقابل صارت عدن بمثابة المصهر، تخلقت لغة عدنية يمنيه عربية.
لم تكن الملابس واللهجات بمعزل عن هذا التأثير، إذ انتشرت الملابس المعاوز وبدلات السفاري المناسبة لأجواء عدن الحارة في تلك الحقبة، مما منح المدينة طابعا متعدد الثقافات. اللهجات أيضا تأثرت بتعدد الجنسيات والثقافات التي كانت تجتمع في عدن، ما ساهم في صياغة لهجة محلية مميزة، تمثل مزيجا بين لهجات يمنية، هندية، وصومالية، وغيرها.
أبناء الحجرية: روح النهضة بعد الثورة
بعد ثورة 1962 ضد النظام الإمامي في اليمن، كان أبناء الحجرية في طليعة من عملوا على نهضة عدن وصنعاء. العديد من الشخصيات البارزة من الحجرية، ممن كانوا قد هاجروا للعمل في عدن أو دول شرق إفريقيا مثل إثيوبيا والصومال وكينيا، عادوا لدعم الثورة وبناء الدولة اليمنية الجديدة. كان لهم الفضل في تطوير التجارة، الإعلام، والتعليم، بل وحتى تأسيس الصحف المعارضة للإمامة مثل “صوت اليمن”، والتي كانت تمول من قبلهم من خلال تبرعاتهم.اضافة إلى الاستيراد حيث أهم البضائع التي دخلت صنعاء وعدن عبر وكلاء وتجار من أبناء الحجرية.
الحجرية والروح الجمهورية
تعتبر الحجرية من المناطق التي تعد رافعة للنظام الجمهوري في اليمن، بحسب الدكتور ثابت الاحمدي ، الأحمدي الذي أنصف الحجرية بشكل مبدئي مثير ،حيث تمثل الروح الحقيقية للمقاومة والنضال الوطني حسب تأكيداته. أبناء الحجرية لم يتوقفوا عند حدود النضال السياسي، بل أسهموا بالمال والجهد في دعم الثورات اليمنية المتعاقبة. كان لهم دور أساسي في إعادة بناء المناطق المحررة من الإمامة بعد الثورة، خاصة في صنعاء وعدن. ” من ينكر ذلك كما قال في تصريح لانزياحات وهو يحتفي بصدور كتابه القيم” روح اليمن.. مال الحجرية في موكب النضال” فمن نهض بعدن وصنعاء بعد الثورة إن لم يكن أبناء الحجرية؟ هم الذين استثمروا في بناء المدارس، المؤسسات، والمشاريع الاقتصادية، وووووو .. كما بالأيدي العاملة الغفيرة الشغيلة وهي القوة الناعمة والمدنية التي يمتاز بها أبناء الحجرية.هذا ليسهموا بشكل مباشر في إعادة الحياة إلى هذه المدن، بل لا نبالغ إن قلنا إلى كل المدن اليمنية.