كتابات

الاصلاح..رغم التحديات ما زال يمتلك القدرة على إحداث تغيير إيجابي في العقل السياسي اليمني 

منصة انزياحات

تهانينا لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه، وكل التوفيق في مسيرته نحو بناء يمن حر، آمن ومستقر.

حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي يحتفل بذكرى تأسيسه الـ34، يعتبر من أبرز القوى السياسية في اليمن. ورغم مشاركته الفاعلة في الحياة السياسية، إلا أنه لا يمكن إغفال حقيقة أن الحزب نفسه كان جزءا من حالة الخراب التي عصفت بالبلاد على مدى السنوات الماضية. ليس التجمع اليمني للإصلاح فقط وانما الحزب الإشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وغيرها من الكيانات السياسية الكبرى.

إن قراءة نقدية ، ونكرر أنها نقدية لأن النقد الذاتي الوطني هو الكفيل بالإصلاحات والمراجعات.فيما يهمنا تطور الوعي السياسي لدى قيادات وأعضاء وقواعد وأنصار التجمع اليمني للإصلاح.

وتكشف كلمة رئيس الحزب محمد اليدومي بمناسبة ذكرى التأسيس عن رؤية متناقضة بين ما يدعو إليه الحزب وبين مسار الواقع الذي أسهم فيه بشكل مباشر.

 

قراءة ما بين السطور: في خطابه، يدعو اليدومي إلى “إيقاف التدهور الاقتصادي” و”إيجاد حلول جذرية للقضايا السياسية”، مؤكدا على دعم الشرعية ورفض انقلاب الحوثي، ومشدّدا على ضرورة إدارة الشراكة والتوافق بين القوى السياسية. هذا الخطاب يحمل دعوات ذات طابع إصلاحي في الشكل، لكن في المضمون يعكس تحديات تواجه الحزب، أبرزها بطيء التطور السياسي الذي يتسم به منذ تأسيسه.

 

التناقض في الموقف السياسي: من الواضح أن حزب الإصلاح لا يزال يعاني من مسألة القبول بالحوار مع الميليشيات المسلحة، وفي مقدمتها الحوثيين. هذه الخطوة، التي جاءت تحت ضغوط محلية ودولية، كشفت عن إشكالية كبيرة في تقدير الحزب للمخاطر التي واجهتها الدولة اليمنية. كيف يمكن لحزب يتبنى خطاب دعم الشرعية والدولة أن يقبل بالتحاور مع ميليشيات تمثل جوهر الانقلاب على الدولة؟ هذا السؤال يفتح الباب لنقد مشروع الحزب نفسه في تقديم تنازلات سياسية بدت في النهاية ضارة بمصالح اليمنيين.

 

تحليل سياسي شامل: رغم ما يحمله خطاب اليدومي من شعارات وطنية ودعوات لإصلاح الأوضاع الاقتصادية ودعم القوات المسلحة، إلا أن حزب الإصلاح كان ولا يزال جزءا من المنظومة السياسية التي أسهمت في التدهور الذي تعاني منه البلاد. هذا لا يعني أن الإصلاح هو الوحيد المسؤول، لكنه يُعدّ شريكا رئيسيا في هذه المرحلة الحرجة. تحالفه مع القوى الأخرى، سواء في الداخل أو الخارج، احيانا لم يكن على أساس مصلحة وطنية خالصة، بل بدافع البقاء في المشهد السياسي مهما كانت التكاليف.

 

الحزب، الذي يطالب اليوم بحلول اقتصادية، كان أيضا مسؤولًا عن قرارات سياسية واقتصادية اتخذت في السنوات الماضية، أدت إلى هذا التدهور. ومن غير الممكن تجاهل دعمه لحكومات سابقة كانت غير قادرة على كبح الفساد أو تحسين الأداء الإداري. ” حكومة باسندوة كمثال”وبالتالي، الدعوات الإصلاحية في خطابه تبدو وكأنها محاولة للعودة إلى المشهد، لكنها لا تحمل في طياتها حلولًا عملية سوى إعادة تدوير الشعارات.

 

إن حزب الإصلاح، برغم وجوده التاريخي والفعلي في الساحة اليمنية، يحتاج إلى مراجعة شاملة لتوجهاته وسياساته. من غير المنصف تحميله كل مسؤولية الخراب الذي حل باليمن، لكن من غير المقبول أيضا تبرئته من المسؤولية. الحوار مع الميليشيات، في أروقة موفنبيك،ووالقبول بتسويات مؤقتة على حساب الدولة والشرعية كان خطأً استراتيجياً.فيما كنت انتقدت حزبي الحزب الإشتراكي اليمني وأنا سكرتير تحرير صحيفة الثوري لسان الحزب الإشتراكي اليمني داخل الصحيفة نفسها.

إن قراءة ما بين السطور لكلمة محمد اليدومي بمناسبة الذكرى الـ34 لتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح تكشف عن العديد من التحديات والمواقف المتشابكة التي تواجه الحزب والدولة اليمنية. بصفته أحد الأحزاب الرئيسية في الساحة السياسية اليمنية، يواجه الإصلاح تطورات معقدة، خاصة فيما يتعلق بمسار الحرب والسلام مع الحوثيين، ومستقبل العملية السياسية في البلاد.

حزب الإصلاح، رغم مكانته وتأثيره السياسي، يظل جزءا من الوضع السياسي المعقد الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه. الكلمة، ورغم كونها منصفة في كثير من النقاط، تعكس أيضا غيابا للرؤية الواضحة نحو تجاوز العقبات الكبرى، وتفادي تكرار الأخطاء السياسية التي ساهمت في تفاقم الأزمة.

التطور البطيء والاستراتيجية التكيفية

من الواضح أن الإصلاح، كغيره من الأحزاب اليمنية، مر بتجارب مليئة بالتحديات، ومع أنه لا يزال لاعبا سياسيا مؤثرا، إلا أن تطوره يواجه بطيئا. هذا البطء قد يكون نتيجة لعوامل متعددة، منها الهيمنة السياسية التي عانتها البلاد، والانقسامات الداخلية بين القوى المختلفة. ومع ذلك، الإصلاح ما زال جزءا لا يتجزأ من المعادلة السياسية، وهذا ما يظهر في تأكيده على دعمه للشرعية واستمراره في رفض الانقلاب الحوثي.

الدور في الخراب السياسي

الإصلاح، بالرغم من موقفه الواضح ضد الحوثيين، لا يمكن تجاهل دوره في الساحة السياسية على مر السنوات. فهو جزء من النظام السياسي الذي ساهم في تفاقم الأزمة اليمنية. لا يمكن نكران أن الإصلاح، كغيره من القوى السياسية، قبل بالتحاور مع ميليشيات مسلحة مثل الحوثيين. هذا الانخراط في العملية التفاوضية كان محفوفا بالمخاطر، إذ انتهى بخداع سياسي واستمرار للانقلاب الحوثي. هذه التجربة تُلقي بظلال على مصداقية الحزب وتُبرز ضعف الرؤية السياسية في تقدير المخاطر المرتبطة بالتفاوض مع الأطراف المسلحة.

الدعوات للإصلاح الداخلي والشراكة السياسية

في كلمة اليدومي، هناك دعوات واضحة للحكومة اليمنية لوقف التدهور الاقتصادي وإصلاح الأوعية الإيرادية، وهي إشارات إلى الحاجة الملحة إلى استقرار داخلي. غير أن هذه الدعوات، رغم كونها منصفة، تفتقر إلى طرح حلول عملية ملموسة أو رؤية جديدة يمكن أن تحدث تحولا في مسار الأمور. الإصلاح يطالب بإدارة الشراكة السياسية بحكمة، إلا أن هذه الشراكة نفسها بحاجة إلى إعادة تعريف، خاصة وأن البلاد في حالة حرب وأزمة شاملة.

تأكيد المرجعيات ومخاطر التماشي مع الحلول السطحية

الإصلاح يعيد التأكيد على مرجعية القرارات الدولية مثل قرار 2216، وهو ما يظهر التزامه بالقواعد الأساسية لاستعادة الدولة. لكن هذا التمسك بالمرجعيات قد يبدو وكأنه محاولة للبقاء في إطار الحلول القديمة دون تقديم حلول إبداعية تناسب المتغيرات السريعة على الساحة السياسية والعسكرية. التمسك بالمرجعيات شيء، ولكن من الضروري التحلي بمرونة سياسية لإيجاد حلول واقعية تعالج الأزمة الحالية وتجنب الدخول في حلقة مفرغة من الفشل السياسي.

 

رغم ذلك نؤمن أن حزب الإصلاح، رغم التحديات التي واجهها، ما زال يمتلك القدرة على إحداث تغيير إيجابي في العقل السياسي اليمني. فالمرحلة الراهنة تتطلب التفكير العميق، والتعاون بين كافة القوى السياسية لإيجاد حلول وطنية تضع اليمن على طريق الاستقرار والازدهار. نحن نعوّل على الإصلاح، إلى جانب بقية الأحزاب الوطنية، في قيادة هذا التطور وتحقيق التغيير الذي ينشده كل يمني، بعيدا عن الخلافات الضيقة والمصالح الشخصية، مع التركيز على مصلحة الوطن واستعادة الدولة اليمنية.

ولذا في الذكرى الـ34 لتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، نجد أنفسنا أمام فرصة لإعادة النظر في الأدوار التي لعبتها الأحزاب السياسية في اليمن خلال العقود الماضية، وفيما بينها حزب الإصلاح الذي كان شاهدا وضحية للتحديات والصراعات التي عصفت بالوطن، شأنه شأن الأحزاب الأخرى مثل الحزب الاشتراكي اليمني، المؤتمر الشعبي العام، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.

تهانينا لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه، وكل التوفيق في مسيرته نحو بناء يمن حر، آمن ومستقر.