كتابات

زوج حذاء لهذا الوطن

للفنانة المصرية القديرة رجاء منصور
للفنانة المصرية القديرة رجاء منصور
منصة انزياحات
للفنانة المصرية القديرة رجاء منصور
للفنانة المصرية القديرة رجاء منصور

ما الذي يعنيه أن تكون حافيا في هذه الحياة ؟! وما الذي قد يترتب على ذلك من خسائر ؟؟ هل سيتوقف ذلك على إتلاف باطن قدميك ، أم سيتجاوز ذلك الضرر لضرر أكبر بكثير ؟ هو إتلاف حياتك بأكملها !! أسئلة كثيرة تدور في ذاكرتي ، وكلما فكرت بما حدث ويحدث لهذا الوطن ، تحيلني ذاكرتي مباشرة ، للرائعة نبيلة الزبير وروايتها ” زوج حذاء لعائشة ” ..

أنت بلا حذاء ، إذاً أنت بلا مستقبل ، ولا تنتظر قادما ، كي تهيئ أقدامك للسير عليه بكل حفاوة ! أنت بلا حذاء ، أي أنك بلا ظهر ولا سند ، أنت بلا حذاء ، أي أنك بلا أمن ، بلا رادعٍ قد يخيف الشياطين من حولك ، فربما تخاف الشياطين من الأحذية ! أنت بلا حذاء أي أنك مطارد من كل شيء ، وكل شيء ضدك ، حتى أنت بضعفك ضد نفسك .

من المؤسف جدا أن تقتصر الأحذية على أصحاب الذوات ، والمناصب ، أشخاصا كانوا أو حتى دول ! والأكثر أسفا أن يبقى الشعب حافيا ، كل الشعب ! والشعب في نظري هو كل من لا يمتلك حذاء …

تحضرني الآن – وأنا أكتب -عبارة “نشوى ” في آخر أيام الرواية ، وهي تصر دائما باعتزاز على أن لا تكون وسيلة يستخدمها الآخرون بأي شكل مرددة للجميع : ” لن أكون زوج حذاء لأحد ” وأتساءل: ماذا لو تحول الوطن بعظمته إلى حذاء ، يعتليه الآخرون كجسر ، ليعْبروا به إلى مآرب شتى ، ويظل الشعب حافيا !!

لم تعد المشكلة الوحيدة أن تكون بلا حذاء ، المشكلة الأكبر والأخطرأن ينتعلك الآخرون ، فتصبح مجرد حذاء ، يسير عليه الآخرون ، لتحقيق مآربهم والوصول إلى مبتغاهم وأطماعهم ، وبهذا ينقسم الناس في الأوطان ليصبح البعض حفاة والبعض الآخر أحذية ، ولا أدري أيهما أكثر وجعا ..

أنت بلا حذاء ، أنت بلا وطن !! بلا حرية تتنفسها ، ولا عدالة تلجأ إليها كلما نازعتك الشياطين أي شيء ، أو كل شيء .

يا الله ..
أنا الآن أفكر بعائشة والشعب ، أو لنقل عائشة /الشعب ، كلاهما خُلق دون حذاء ، كلاهما تُرك حافيا دون ذنب ، وكلاهما تلاصقت به التهم التي لم يرتكبها ،أو حتى يعلم بها ! فمتى يا ترى سيبعث من يشتري حذاء كبيرا لهذا الوطن ؟

أفكر بكل حاف ٍ ، تُرك بلا وطن ، كلما رأيت بائسا أو مظلوما ، وقد أصبح الكل كذلك وإن تغافلنا ، المظلومون هم الحفاة دائما ، وليس بالضرورة أن تصبح صاحب حذاء لمجرد انتعالك له ، لا أبدا!! فربما تسير قدماك بحذاء ويبقى كل شيء فيك حافيا ..

إذا كانت كل أمورك تسير بلا عراقيل ، أنت صاحب حذاء ، والأحذية طبعا تختلف مقاساتها ، ولكن يمكننا أن نقول لأصحاب الأحذية الكبيرة :

لا تثقوا كثيرا بها ، فربما يأتي يوم وتجدونها في “بسطة” لصّ محترف . فالأيام دول حتى في عالم اللصوص .

المقال من حساب الكاتبة على الفيسبوك