من المقالات التاريخية للأستاذة نبيلة الزبير اليمن.. ثورة بتصرف الاحتلال -البلدي والجمهورية تحت التهديد!
” كتبته عام 2005 ، قبل عام واحد فقط من الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح والمهندس رئيس أحلامنا في التغيير إلى النزاهة فيصل بن شملان.. اتذكر جيدا كيف اقترفت آلة الإعلام الرسمي حينها شتى أصناف التخوين بل والتكفير ضد الأستاذة نبيلة الزبير”
“لدينا أكثر من (4000) مؤسسة مجتمع مدني، تعيش لتأكل، وتأكل لتسكت”
……..
الناس تخاف الانشقاقات والفتن والحروب! وهذا طبيعي، لكن ليس لدرجة أن تطمر رؤوسها في الرمل.هل آنأن تخرج، وترتفع بنفسها هذه الرؤوس المطأطئة أم تنتظر انقشاع الرمل إما بيد خارقة أو على مهله. ها أصبح الرمل حربا بكل الأسلحة التي واحد منها فقط وأبسطها ربما الأعيرة النارية والقعقعات من حين لحين ومن منطقة لأخرى ومؤخرا “ومجددا” من شريحة لأخرى.. ألا يستغرب الناس أن تجد والأصح: تتجدد حرب الشرائح والنعرات الاجتماعية.. ألم نكن قد خرجنا منها “بالنصر” من أربعين سنة؟! كل حروبنا تنتهي بالنصر.. لكن لا ندري: نصر من؟
من أو ما الذي ينتصر في كل هذه الهزائم التي تتكالب على رؤوسنا لعشرات السنين..
قبل سنتين وصلتني رسالة باكية: بغداد تحترق! رددت: لا خوف عليهم؛ العراقيون أبناء النار، ينهضون كل مرة أقوى
لقد صعقت وأنا أقرأ شهادة الكاتب “شاكر النابلسي” ببيان بعض ما أنجز في العراق خلال العامين الأخيرين. العراق في ظروفه الراهنة، التي لأجلها نتباكى عليه. فمن يبكي علينا؟ الصعقة هي للمقارنة التي تفرض نفسها، وللوهلة الأولى، بين ما وصل إليه العراق من المكاسب في سنتين من الحرب. كما يحلو لنا نحن اليمنيين أن نسميها: حربا، وبين ما وصلنا إليه من الخسائر بعد عشرات السنين من مسالمة الاحتلال “الدستوري والشرعي” صاحب الابتكار الفذ في: الفساد بقانون..!
وإليكم هذه المقاربة.. لنبدأ أولا بالعراق.. عراق العامين الأخيرين:
ما تحقق على المستوى الاجتماعي ومحاربة البطالة، حيث تمَّ توظيف مليون و 200 ألف عاطل عن العمل خلال هذين العامين،
على مستوى التعليم، تم ترميم وتعمير 3100 مدرسة، وبناء 300 مدرسة جديدة، وإعادة الحرية الأكاديمية لعشرين جامعة و46 معهداً عالياً وأربعة مراكز للبحث العلمي، وابتعاث عشرات الطلبة العراقيين للدراسة في الخارج بمنح دراسية مجانية،
على المستوى الإنشائي والإعماري، يوجد 1100 مشروعاً انشائياً وإعمارياً تحت التنفيذ منها: 346 مدرسة، 67 عيادة طبية، 15 مستشفى، 83 محطة قطار، 22 مرفقاً للوقود، 93 مرفقاً للمياه، و 69 مرفقاً للكهرباء.. الخ.
على مستوى رعاية الأطفال تم تطعيم 96 بالمائة من أطفال العراق الآن ضد شلل الأطفال. وأن أربعة ملايين و 300 ألف طفل عراقي قد التحقوا بالمدارس.
على مستوى الإعلام أنشئت 75 محطة إذاعة وعشر محطات تلفزيونية، وانتشرت الأطباق اللاقطة في معظم البيوت العراقية وانفتح العراق على العالم، وصدرت 180 صحيفة ومجلة جديدة،
على المستوى الاقتصادي تم إسقاط 90% من ديون العراق للدول الأوروبية وأمريكا وروسيا وغيرها، وانشاء بورصة بغداد للأوراق المالية في يونيو الماضي 2004 ، وتحسن ميزان المدفوعات العراقية وانتعاش الاقتصاد العراقي عامة،
هذا ما وصل إليه العراق من منجزات بعد سنتين من التحرير فماذا عما وصل إليه اليمن خلال عقود من الحرب الباردة (والساخنة) التي يشنها ضدنا أفراد العصابة الحاكمة:
ثورة العمل والانتعاش الاقتصادي (البطالة والإنعاش الاقتصادي)
حسب لجنة الأسكوا فإن 63% من سكان اليمن يرزحون تحت خط الفقر. وتعد اليمن من أفقر دول العالم وفقاً لتصنيف البنك الدولي، ورغم أجراس الخطر التي يقرعها البنك للأعوام 96م و98م و2005م، ما من مجيب لأن شروطه التي تقع في بندين رئيسين أحدهما المعالجة بالإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والآخر المعالجة بالجرع الاقتصادية لا يطرق منها إلا الأخير وبضراوة، فتظل المؤشرات تعلن عن تدن مستمر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. ولا ندري ماذا بعد رتبة الدولة الأكثر فقرا، على مستوى المنطقة والعالم.!
ارتفعت البطالة السافرة من (277 ألفا) عام 94م إلى (509 ألفا) عام 2000م كما ارتفعت نسبة العاطلين الذين سبق لهم العمل من (29,7%) عام 94م إلى (62,8%) عام 99م. وأوضاع الخمس سنوات بعد الألفين تجعل من التقارير بأرقامها المتوفعة فاجعة لا شك.
ثورة التعليم:
نسبة 66,2% من المسجلين في سوق العمل هم من الأميين والذين يجيدون القراءة والكتابة. وتشير دراسات تتبع الفوج أن 8% في المتوسط يتسربون من التعليم الأساسي كل عام لينضموا إلى عدد الأطفال خارج نظام التعليم. وتبلغ نسبة التسرب الدراسي 42% كما تبلغ نسبة الأطفال خارج نظام التعليم الأساسي 38% ونسبة الالتحاق بالمدارس في الريف 30%، وفي الحضر 80%.
نسبة 15.4% من إجمالي المدارس غير صالحة للاستخدام. و55% من المدارس تحتاج إلى ترميم. و74.1% من طلاب المرحلة الأساسية يدرسون على الأرض (دون كراسي وطاولات دراسية). و9.7% لا يحصلون على مناهج.
وفي واحدة من ورش العمل أكد مختصون أنه وفي كل محافظات الجنوب (الشطر الجنوبي سابقا) لم يزد عدد المباني المدرسية ولو بنسبة واحد إلى مائة إلى ما تركه لنا الاستعمار البريطاني، وأن هذه المدارس التي هي تركة استعمارية لم تتعرض لأي ترميم أو إصلاحات منذ أنشئت! (قاتل الله الاستعمار الأجنبي؛ يبني مدارسا تتحدى إهمال وأحقاد الاستعمار البلدي لعشرات السنين!)
ثورة التسول:
يصل عدد الأطفال المتسولين (أطفال الشوارع) إلى 30.000 طفلا تقريباً في مدينة صنعاء وحدها، بالإضافة إلى 7000 طفلا عاملا. وحسب الدراسات فان 86% منهم محرومون من التعليم أو تسربوا من صفوف التعليم الأولى. وتقول الإحصاءات غير الحكومية أن أطفال الشوارع يصل عددهم إلى (مليوني) طفل/ة.
وفي واحدة من ورش العمل أكد مهتمون، وعبر دراسات ميدانية، أن الأطفال اليمنيين الذين يتم ترحيلهم (إلى ومن وإلى) السعودية بدافع الارتزاق يصل عددهم للآلاف.. واللافت المؤلم أن الطفل من هؤلاء يلزم في السعودية بحمل بطاقة هوية (وممكن أن نسميها بطاقة مهنة) مكتوب عليها: “متسول”.! ولا أدري كيف تتعامل حكومتنا الرشيدة مع هذا الوضع وما إذا كانت تدرجه ضمن بروتوكولات التعاون الاقتصادي والثقافي بينها وبين دولة السعودية.
ثورة الصحة:
يشير كتاب الإحصاء السنوي (2003) بأن عدد السكان للطبيب الواحد 6372 وعدد السكان للسرير الواحد 1662. ويشير تقرير وضع الأطفال في العالم دون سن الخامسة لعام 2004م “اليونيسيف” أن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة لعام 2002 بلغ 107 حالة لكل 1000 طفل والأطفال في عمر اقل من سنة بلغت 79 حالة لكل 1000 طفل، ونتيجة لانتشار الفقر وسوء التغذية فأن 46% من الأطفال يعانون من نقص الوزن المتوسط والحاد و13% منهم يعانون من الهزال ويعاني 52% من التقزم المتوسط والحاد. كما يشير التقرير إلى أن النسبة المئوية للسكان الذين يستخدمون مصادر محسنة لمياه الشرب عام 2000م في الحضر 74% والريف 68% والذين يستخدمون منشآت للصرف الصحي في الحضر 89% والريف 21%. وبقي على الناس أن يستحدثوا محسنات “لهواء التنفس” لأن حملة اجتثاث الأشجار مستمرة ولن تنتهي كما يبدو إلا بعد أن تصبح “اليمن الخضراء” جدباء تسر الحاقدين.
أليس مخجلا أن تنتشر عندنا هنا في اليمن أمراض لم يعد العالم يخطر له أن أحدا يتكلم فيها مثل أمراض البلهارسيا والسل والملاريا والتفوئيد ومؤخرا امتلأت المستشفيات بحالات شلل الأطفال نتيجة فساد اللقاحات.
اللهم نجنا من شر “الثوابت” وشر القوانين الموقوتة، اللهم وباعد بيننا وبين أولاد الحرام وأولاد الطبقات الصاعدة
لندع الآن المقاربة مع أي بلد في مجال الإعلام وإن كان مجالنا لا يتجاوز “الحكواتي”. دعونا الآن نتتبع إنجازاتنا “الثورية” ولنمر في طريقنا على الأهداف الستة للثورة السبتمبرية المباركة. دون أن نصدق أنها لم تعد أكثر من ستة أكياس إسمنتية في ميدان السبعين:
6)احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم:
نحترم مواثيق الأمم المتحدة ونوقع ونصادق على المعاهدات الدولية والاتفاقيات، ولا نعمل بها، وننشئ لأجل ذلك لجانا، مهمتها التسويف، ورفع تقارير بمغالطات مكشوفة. لتكون النتيجة: أن ليس لدينا مشكلات في هذا المجال أو ذاك، وأن كل شيء على ما يرام. أولو كانوا توقفوا عن الإنشاء واللجان، وعدلوا وأضافوا ما يلزم من القوانين، وأفسحوا للوحدات الإدارية، للعمل على تنفيذ بنود الاتفاقيات، وتذليل صعوبات تنفيذها، وردم الهوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بين مجتمعنا حاليا، والمجتمع الذي تصوره تقاريرنا الموهوبة..؟!!
5) العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة:
حققنا الوحدة الوطنية لكننا إلى الآن لا ندري ما هي الوحدة؟ هل هي إزالة البراميل الحدودية كما في فرحة 90م؟ أم إزالة الشركاء كما في خيبة 94م؟ أم هي جمع وغربلة 19 مليون إنسانا وجلده بقائمة المكلفين بدفع الواجبات، والزكاة، والضرائب، والفواتير ذات العيار الثقيل لخدمات تكاد تكون معدومة..؟ ما هي الوحدة الوطنية إذا كانت كل منطقة أو بقعة جغرافية تعالج مشكلاتها داخل إطار نفس الدولة بواسطة قوى الجيش كما لو كانت دولة أخرى. ثم نتذكر أن الزج بالجيوش في النزاعات المسلحة، لا يكون شرعيا إلا في حال رد العدوان الخارجي عن الدولة. فنعود ونعلن بعد أن تكون الحرب قد بدأت واستفحلت بأنها ـ هذه المنطقة أو تلك ـ خارجة على الشرعية.! ما هي الوحدة الوطنية؟ أسأل جدية وما الذي تحقق منها؟
4) إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف:
أنشأنا مجتمعا ديمقراطيا تعاونيا عادلا! وبقي فقط أن نعرف أين؟ لأن المجتمع اليمني حاليا لا تمت له الديموقراطية والعدالة بصلة، لدينا أكثر من (4000) مؤسسة مجتمع مدني، تعيش لتأكل، وتأكل لتسكت. بما فيها الاتحادات والنقابات الكبرى.. التي هي في كل دول العالم “كبرى”، ويعول عليها في المجابهة والتغيير مثل “الكتاب، الصحفيين، العمال، المحامين..الخ. وقلة من الأصوات الحرة والتغييرية تتصدى للمواجهة في العراء دون أن يكون لها ظلة من تلك المؤسسات المدنية التي هي في الواقع “بنت حكومة” (وفي تعبير أحدهم: “مرة حكومة” وفي تعبير أيتمهم: “خالة” ومدللة وجاهلة) ولا تستطيع أمام ما يتعرض له الزملاء من التنكيل والبطش أكثر من إصدار بيان ومن يدري قد يكون هو الآخر بإملاء من الحزب الحاكم ل”إشاعة” الديموقراطية..! ولدينا في المقابل عشرات الآلاف من المتنفذين (باستقلال عن الدولة وقوانينها المكتوبة) مسؤولين حكوميين، وعسكريين، وتجارا، وشيوخا، وأعيانا. في بيت كل واحد منهم ثكنة مسلحة، ومعتقل، وبوسعه بمكالمة تلفونية أن يعتقل من يشاء عبر أي قسم شرطة. أو أية جهة أو شخص في نطاق “تعاونه”.
3) رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا!! أيضا أين: أين هذا الرفع، أو أين هذا المستوى، أو أين هذا الشعب..!! إذا كان 63% من الشعب اليمني يرزحون تحت خط الفقر أي أكثر من نصف عدد السكان.. أكثر بكثير.. علهم يتكلمون عن شعب تم رفعه عن مستوى الحياة البسيط والعادي.. أو عن الحياة التي تم رفعها بمعنى: إزالتها. والواقع أن هذا هو الشعب الذي يحكمونه! المرفوعة عنه أسباب الحياة والتطلع. إنه لا يكاد يقوى الواحد من هؤلاء “الشعب” أن يرفع رأسه ليسأل ما الذي يحدث..! هنالك مناطق في الشرق والشمال لم يسمع سكانها بعد بحرب الخليج ولم يعرفوا من هو صدام حسين.. مثلا! لكن الواحد منهم يصوت في الانتخابات بكيس قمح.. وأحيانا بحفنة من كيس القمح وغيره من المؤن التي ينشط توزيعها مرة كل بضعة سنين!!
2) بناء جيش قوي!! لا ندري ما إذا كان قويا، لقد تحلى في كل معاركنا في المواقع الحدودية بضبط النفس، وهذا بذاته نصر لأننا لم نعد نأمن إلى قوة “فرد العضلات”. لكنه أرانا عضلات وخدعا منقطعة النظير في حرب 94م ولا ندري لماذا تأخر خروجه منتصرا من حرب صعدة 2004-2005م مع أنها نفس الحرب، هكذا تنتهي حروبنا الأهلية لتصبح حروب شرعيةٍ، و: دستوريةً مائة بالمائة! وهكذا تشابهتا في النتيجة، حرب الجنوب وحرب الشرق، ليصبح كل منهما حرب “ردة”. تلك عن “الوحدة” وهذه عن “الجمهورية”..!! وفي ذلك كلام كثير وغصاااات.
1) التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات:
الحق أن “العسكري” حررنا من الاستبداد والاستعمار وعاد يجمع بينهما في كرسي واحد.
حتى ما كنا قد حققناه في الخطاب الاجتماعي وليس فقط على صعيد النداء بالألقاب بل أزيلت فعليا التراتبية المعبر عنها بلفظ: “سيد” و”سيدة” ليصبح الجميع مواطنين. لم يدم ذلك طويلا، لقد تم خلال ربع القرن المنصرم إعادة إنتاج الطبقات على طريقة البيادات الحاكمة، ومن كانوا يسمون في الماضي السحيق بالسادة أو الأشراف تعرضوا للاستهداف سرا وعلانية كأنما هنالك إصرار أن يزج بهم في خانة “الأقلية” الدائمة الاستهداف. أية إعادة إنتاج للطبقات هذا الذي ينتهي بأكثر من ثلثي سكان البلاد لأن يكونوا هذه “الأقلية الهائلة” مقابل حفنة “آل” الحكم ومن شملتهم رعايته.
ليست مصادفة القلاع التي يتحصن بها “المحترمون” بدء من سماكة الحراسة، والسكن، والسيارة (وغالبا الموكب)، والسكرتاريات، والبوابات الغليظة، والتفتيش، وحتى ما جدَّ عليهم من ألقاب، أصبح لابد أن نضع مسافة في مخاطبة ومقابلة ومساءلة أصحاب المعالي والسعادة والسمو والفخامة. و: حفظه الله..!! ولنتجاوز ذلك كله على أنه شكليات مع أنني أشك في أنه كذلك. ويبدو أنه مطلوب منا أن نتجاوز كل شيء مما تقدم ومما لا يزال في جعبة الفساد ويشغلوننا عنه بحروبهم ومناوشات جانبية يزجون بها هنا وهناك. ولن تنتهي فنونهم في ملاعبتنا ومشاغلتنا وتعطيل الدور المناط بنا في مراقبة المفسدين والمتجاوزين ومحاسبتهم وفق الدستور نفس الدستور الذي لا يتعطل لهم، ونفس القوانين التي يخرجونها من الأدراج وينفضون عنها الأتربة عند الحاجة. يوقظون القوانين من نومها ويلقون بها في طريق أعدائهم كما لو كانت أفعى. قانون الصحافة، قانون العقوبات، قانون العمل، وحتى أشد القوانين وعورة يستطيع أن يلين وأن يعمل في يد المتنفذ سوطا يجلد به أعداءه..!
ليس غريبا أن نصحو على ثورة مأكولة والمهم أن نصحو
من يصدق أننا نقف اليوم أمام سؤال “الجمهورية”! يا إلهي!! هل وصل العطب الذي التهم أهداف الثورة السبتمبرية ليطال الهدف الأساس: “الجمهورية..؟!! والحق، أنه تتمة طبيعية لمسلسل بقاء أحدهم في الحكم لأكثر من (27 سنة) وللمسلسل الذي بدأ بثه: “التوريث”. المسلسل الذي ليس من قريب بدأ بثه، وبدأ للأسف ترداده على أنه أمر واقع من قبل الكثير من فئات الشعب المطحونة..
إن مجرد وضع “الجمهورية” في كف رهان الحروب ولو من قبيل المناورة العسكرية لهو مسألة في غاية الخطورة!
وإنه لما يبعث على الغثيان والقيء ألا يناقش ويرفض واقع الحكم المؤبد وتوريثه بل الأمر الذي يناقش اليوم، وكأنه مفروغ منه أن يحكمنا شخص للأبد وأن يورثنا لمن بعده، ما يناقش اليوم هو: من له حق الجلوس على كرسي الحكم المؤبد: حاكم موصوف ب:الإمامي أم حاكم موصوف ب:الجمهوري! وكم هو مخجل أن تطفو على السطح نعرات “العدنانية والقحطانية” كأن لم نردمها ونقف على أنقاضها منذ أربعين سنة..
الثورة إعلام أولا.. ثورة الإعلام..
صحيح أننا لم ننهض ـ كشعب ـ بثورتنا ولم ندافع عنها كما ينبغي لأي شعب في ثورته، لكن ليس لدرجة أن تعودا بنا إلى الصفر..!! صحيح أنكم أحكمتم الطوق عسكريا واقتصاديا، ونجحتم في صناعة شعب يرزح بأكثر من ثلثيه تحت نياط الفقر والجهل بحيث أمنتم مساءلته لكم ما الذي تفعلونه..!! لكن من يدري عل في ذلك خيرا، وعله آن؛ ألا يكتفي الجميع بلعنكم والدعاء عليكم ليل نهار..!
عله آن لنا أن نسترد الثورة المنهوبة وأن ننهض بها، وبما أنكم أعدتمونا للأيام الأولى للثورة.. فلا بأس من التأكيد على ما تغاضى عنه آباؤنا وإخواننا وأخواتنا الأكبر سنا الذين فرحوا بالثورة كما لو كانت مباراة كرة قدم وعادوا إلى بيوتهم سالمين. ونسوا أو لم يتنبهوا إلى أن الثورة ليست تغييرا ينجز في سنة أو سبع سنوات إنها تغيير مستمر.. الثورة ليست عملية عسكرية.. إلا إذا وافقنا أن الثورة تنتهي بانتهاء العملية العسكرية وبتنصيب حاكم عسكري. الثورة اشتغال ودأب مستمران.. الثورة التي على قيد الحياة لا يأتيها الفساد لا من أمامها ولا من خلفها ولا من فوقها ولا من بين أرجلها.. الثورة التي على قيد الحياة هي الناس في حراكهم اليومي واتجاه الواحد/ة منهم إزاء ما هو خاص وما هو عام.
إن أكثر من نصف السكان هم من الشباب، وهذا يعني أنه يمكن أن تكون لنا ثورة شابة. لن نقبل المساومة على الجمهورية والديموقراطية. هذا خيارنا الذي ندافع عنه. لدينا شارع لا يشكل رأيا عاما! أن يكون لدينا رأي عام وحر، هو ما يعني بالضرورة: إعلاما حرا. أية تعددية سياسية تلك التي يضحكون علينا بإعلانها، أين هذه التعددية المعلنة إذا لا يزال إلى اليوم صوت واحد يحتكر أقنية الإعلام المرئية، وهي الأداة الأولى وربما الوحيدة التي تستطيع أن تغطي كل فئات الشعب بمتعلميه وبأمييه. والمؤكد أن أكثر من 95% من اليمنيين يعتمدون على هذه الأداة التي هي محليا محتكرة.. طبعا، سيكونون أصحاب السبق في تفريخ قنوات مرئية يأتمنونها على حكمهم ومسلسلاته، بواجهات معارضة، كالعادة، لا بأس! المهم أن يبدأ فك الحصار ورفع اليد القابضة بإطلاق وانفراد على فضاء الإعلام المرئي ليتسع لغيرها. وقتئذ، ستكون الواجهات مكشوفة وكل إناء بما فيه ينضح!