كتابات

الحرية الدينية وحقوق الإنسان: دعوة لنهج سعودي إنساني

 

 

 

شهدت السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا من قبل العالم بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، حيث أصبحت الدول المتقدمة والنامية على حد سواء تراجع سياساتها وتتخذ خطوات جادة نحو تعزيز تلك الحقوق. ولطالما كانت المملكة العربية السعودية واحدة من الدول التي أثارت تساؤلات عديدة حول التزامها بحقوق الإنسان، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير والحرية الدينية. ومن بين القضايا التي برزت في هذا السياق، قضية الصحفي اليمني علي أبو لحوم، الذي يقبع خلف القضبان منذ أكثر من ثلاث سنوات، إثر اتهامات تتعلق بالترويج للفكر الإلحادي والردة.

***

الحرية الدينية في الإسلام:

 

قبل التطرق إلى تفاصيل القضية، من الضروري أن نتأمل في مفهوم الحرية الدينية في الإسلام. فقد جاءت آيات القرآن الكريم لتؤكد على حرية الاختيار بين الإيمان والكفر. قال الله تعالى: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” (البقرة: 256)، وقال أيضاً: “وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” (الكهف: 29). هذه الآيات تؤكد على حق الفرد في اختيار معتقده دون إكراه أو إجبار، وهو مبدأ ينبغي أن يكون جزءا لا يتجزأ من السياسات الحكومية.

***

قضية علي أبو لحوم:

 

علي أبو لحوم، الصحفي اليمني الذي عمل في قناة الوادي وإذاعة يمن تايمز، جاء إلى المملكة العربية السعودية بدعوة للعمل، لكن رحلته المهنية تحولت إلى كابوس عندما ألقت السلطات السعودية القبض عليه في أغسطس 2021. تم اتهامه بإدارة حسابات على تويتر تروج للإلحاد والردة، وتم توجيه عدة تهم له تتعلق بإنكار وجود الله والإساءة للدين الإسلامي. وعلى الرغم من تراجعه عن اعترافاته، إلا أن المحكمة السعودية استمرت في الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا، منها عشر سنوات بناءً على مبدأ “التعزير”، وخمس سنوات بناءً على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.

***

حقوق الإنسان وحرية التعبير:

لا يمكن إنكار أن حرية التعبير وحرية العقيدة هما من الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق الدولية. وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية أظهرت في السنوات الأخيرة أظهرت المملكة العربية السعودية توجهات إصلاحية وتحديثية معلنة ورائعة، إلا أن قضية علي أبو لحوم أظهرت أن هناك فجوة كبيرة بين الممارسات الفعلية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية التعبير.

وبينما تسعى السعودية لتحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى الانفتاح والتحديث، تبرز مثل هذه القضايا لتذكرنا بأن هناك حاجة ملحة لإصلاحات أعمق في المجالات التي تتعلق بحرية الفكر والضمير. إن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تترافق مع إصلاحات قانونية تحفظ كرامة الإنسان وتضمن له حقه في التعبير عن معتقداته بحرية، دون خوف من القمع أو السجن.

 

تضامننا مع الصحفي اليمني علي أبو لحوم