“كل ما عملته هو أنها راحت تفتش في أعماق بعض ” الكبار”، من مختلف الأطياف ، عن العكفي القديم الكامن في زاوية من زوايا الروح المهترئة ”
(١)
26 سبتمبر.. علامة فارقة بين عهدين
د. ياسين سعيد نعمان
سفير اليمن في بريطانيا
الأمين العام الأسبق للحزب الإشتراكي اليمني
ستظل ثورة 26 سبتمبر علامة فارقة بين عهدين: الأول عهد الإمامة الكهنوتية الذي أغرق اليمن في الجهل والفقر والمرض، أخرجه من مسار العصر وألقى به على هامش الطريق كئيباً، متخلفاً، مقموعاً بلا حاضر ولا مستقبل، يلعق جراحه وآلامه في ساحات الإعدامات التي سجلت نذالة الطغيان في مواجهة وقمع نبالة الحرية.
والثاني: هو العهد الذي أطلق رافعة الثورة التي حملت البشارة إلى اليمنيين داخل اليمن وخارجه، وفي المنافي وبلدان الاغتراب، عهد الجمهورية التي دافع عنها المحرومون والفقراء والعمال والجنود وأبناء القبائل والمثقفون، كل من موقعه، وفي ساحات القتال، ليسجل الشعب بذلك أروع انتصار وضعه على طريق الحرية والكرامة، ومعها الأخذ بالمعرفة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والعمل من أجل بناء اليمن الجديد.
كابوس العهد الإمامي الكهنوتي، ظل يؤرق اليمن بحروبه التي استنزفت جهود البناء طوال ما يزيد على 27 سنة حروب موزعة على مراحل مختلفة من عمر الثورة، لا بد أن يندحر بصمود الشعب في مواجهة كل التحديات التي عطلت مسيرته.. وما يمر به اليوم ليس سوى واحد من هذه التحديات التي لا يمكن لها أن تقرر مستقبل هذا البلد العظيم.
مستقبل اليمن معقود بثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر الخالدتين.. وكل ما يحتاجه الأمر هو أن يعاد لقيم الثورتين اعتبارهما قولاً وعملاً في حياتنا اليومية.
عاشت ثورة 26 سبتمبر خالدة، والمجد لشهداء الثورة.. وكل عام وشعبنا اليمني بخير.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك
***
(٢)
عكفي الإمامة المتربص بالجمهورية
لم تستطع جماعة الحوثي الارهابية أن تكسر سبتمبر في وجدان وأفئدة المتعبين والغلابا والمقهورين من أبناء اليمن ، كل ما عملته هو أنها راحت تفتش في أعماق بعض “الكبار” ، من مختلف الأطياف ، عن العكفي القديم الكامن في زاوية من زوايا الروح المهترئة ، وأخذت تحرضه على الخروج من مخبئه ، والتعبير عن نفسه بصور مختلفة، ليتعملق بيدها كمعول لهدم ما تبقى من صرح الجمهورية .
لم تدخر هذه الجماعة الارهابية وسيلة إلا واتبعتها لإخراج هذا العكفي من رحم الجمهورية والوطنية المتقرح بفساد الطوية ومراوغات التاريخ في ثوب جديد ، لتبدو وكأنها تهيل التراب على تاريخ كامل من التضحيات التي قدمها الشعب للتخلص من حكم السلالة والإمامة البغيض .
كان ذلك هو الجزء الأكثر نذالة في إنقلابها ، وكان بعض هؤلاء “الكبار” بمثابة فئران مختبراتها طوال سنوات الانقلاب والحرب بهدف تعزيز سطوتها ونفوذها ، وتقديمهم كنماذج ل”فشل” الثورة والجمهورية .
لم تنتبه قوى الجمهورية والثورة أن جانباً من معركتها كان مع هذا العكفي المتربص بالجمهورية ، والذي ركب سفينتها وخرقها ، لا لأن وراءها ملك يأخذ كل سفينة غصبا ، وإنما ليغرقها ليخلو الأمر للملك .
المعركة اليوم مع هذا العكفي المتآمر على مستقبل اليمن يجب أن تكون من أولويات قوى الثورة والجمهورية ، ذلك أنه الاحتياطي الامامي المتخفي بأقنعة مختلفة ، وقد ظهر منها الكثير ، ولا زال هناك الكثير ممن ينتظر اللحظة المناسبة للاعلان عن نفسه .