نعرف أن أهم فناني الخليج يمنيون، محمد عبده من المراوعة، وعبدالمجيد عبدالله من حجة. حتى طلال مداح أصوله حضرمية. أيضا عبدالرب ادريس حضرمي.
هؤلاء غناءهم خليجي، بخلاف مجموعة أغاني صنعانية قدمها محمد عبده، حتى أن بعض الألحان اليمنية التي اخذها محمد عبده ونسبها لنفسه، غناها بأسلوب خليجي. وهذا الأخير بالاضافة الى طلال مداح يعتبرا أهم رمزين للأغنية السعودية.
هل هؤلاء خانوا وطنهم الأم؟ بالتأكيد لا، لكن وطنهم أصبح المكان الذي حققوا فيه ذواتهم ونجاحهم.
ربما أبوبكر استثناء في الغناء، حيث ظل متصلا بالغناء اليمني، الحضرمي على وجه التحديد. لأنه حين غادر عدن، كان لديه هوية غنائية جاهزة وحقق من خلالها نجاحه. لكن لولا هجرته لم يكن ليحقق ما حققه من نجومية ونجاح.
تعالوا نستعيد ما حدث للفنانين اليمنيين. الفنان علي الآنسي اشتغل بسيارة بيجو لنقل المسافرين حتى يوفر قوت يومه، ومات دون ان يملك شيء.
الفنان أحمد قاسم مات بحادث في سمارة وكما يقال انه كان مسافر بسيارة بيجوت. فنان كبير لا يملك سيارة. أيضا الفنان محمد سعد عبدالله رحل فقيرا.
كما أن الفنان فيصل علوي عانى أثناء مرضه وترك أسرته دون ان يرثوا شيء لحياتهم غير مجده الذي لم يعد يمنحهم ما يعيشون عليه.
هذا حال صناعة الأغنية في اليمن، لا يسمح للفنانين بالنمو، ولا يسمح لهم بتأمين حياتهم، رغم ان الموسيقى صناعة مربحة حول العالم.
عندما نتحدث عن مصر ولبنان وغيرها، فإن صناعة الغناء هناك لها حضور قوي، وتسمح للفنانين بالانتساب لها. مع ذلك، تركي ال الشيخ يسوقهم جميعا إلى حفلاته، ويغنون بالطريقة التي يريد في كثير من الوقت. مثلا نجوى كرم جعلها تغني خليجي بشكل بائس،فهي لا تجيد غير الغناء الجبلي.
في اليمن، كل ما نسمع له من موروث وغناء جميل كان يحمل خلفه طابع مأساوي، مصير الفنانين المأساوي. من يصنعون المتعة للناس، كانوا يعانون على الصعيد المادي، وليس تلك المعاناة التي يشعر بها الفنان في جوانب ما، ونقول يالها من معاناة.
من الطبيعي ان يفكر البعض بالنجاة من مصير مفجع ومؤلم، باحثا عن فرص أفضل. مع هذا أرى ان الأغنية اليمنية سيكون لها مستقبل وسوق أوسع، فقط بحاجة لتنظيم صناعتها.
يقول سلمان رشدي، وهو اقتباس سبق لي ان اوردته: الهجرة هي فرار فردي، والانفصال فرار جماعي. وحقيقة الأمر لا أستسيغ ادعاء المثالية بمعزل عن الواقع.
نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك