لا يوجد جماعة من الجماعات أساءت إلى الأعراض، وقدحت في الأخلاق والأنساب كالشيعة بشكل عام، وكالهادوية الجارودية في اليمن على وجه الخصوص، كأداة من أدوات الحرب طول تاريخها، ابتداء من يحيى حسين الرسي، وحتى عبدالملك الحوثي، إلى حد اعتبار أن كل من عارضهم هو ابن “سِفاح” أو “يهودي” أو “دعي” أو “شقي” أو “سلقلقي” كما في بحار الأنوار للمجلسي. 223/27.
ونتابع:
الإمام الرسي
ورد في سيرة الرسي عن معارضه السياسي، الشيخ الدعام هذا النص: “وكان معَ الدعامِ جُندٌ فسَّاقٌ يشربون الخمورَ ويركبون الذكور، ويفجرون بالنسَاء عَلانية..”. انظر سيرة الإمام الهادي يحيى بن الحسين، رواية: علي بن محمد عبيدالله العباسي العلوي، تحقيق: سهيل زكار، د. ت، 94.
ويضيف كاتب سيرته عنه: “إنَّه كان في عَسْكر الدعامِ في “بيت ذؤد” أربعمئة امرأة فاجرة، يظهرون الفجور علانية، لا يَستترون بذلك؛ بل يتحاكمُ العسْكرُ فيهن إلى سَلاطينهم وعُمَّالهم، وكانوا كل عَشية يجتمعون إلى بابِ سُلطانهم الفاسقِ فيلعبنَ بين يديْه، وينشرن شُعورهن، ويُبدين زينتهن، ويُظهرن محاسنَهن، ويلبسنَ أرقَّ ما يقدرنَ عليه من الثياب، ليبْدوَ ما خفي من أبدانِهن، فيأتي العَسكر، فإذا هَوى الرجلُ منهم واحدةً، دفع إليها دراهمَ بحضرةٍ من يحضرُ معهم، فلعلها لا تروح إليه تلك الليلة، فإذا أصْبح أتى إلى السُّلطان، وأعلمَه أن ملعونته لم ترح إليه، وقَدْ أخذتْ دراهمَه، فيأمر سُلطانه عند ذلك بأدبها، وبأن تصيرَ إلى صَاحبِها..”. نفسه، 94.
وللقارئ أن يتخيل هذا العدد المهول الذي قد لا يملكه اليوم أكبر نادي للعهر في بلد غربي، على توافر الإمكانيات، قياسا إلى ذلك الزمن القديم بإمكاناته المحدودة..!
وحين ناوأه أهلُ “الأعصوم” وهي منطقة على مسير يوم من خيوان، أشاع عليهم أنهم يكرمون الضيف بتقديم بناتهم أو أخواتهم له، فتقضي نهارها أو ليلها مع الضيف؛ حتى يذكر أنه “يمس بطنها وجسمها، ويلمس موضع العورة منها، وأبوها ينظر وأمها”، وأنهم يرون أن ذلك حلالا. نفسه، 125. كما يتهم أهل العصيمات من حاشد أنهم يكرمون الضيف ببعض محارمهم، معتبرين ذلك من كمال الضيافة.!
وفي صنعاء اتهم الجفاتم/ الأتراك بأن الرجلَ منهم ربما حملَ الغلامَ من السُّوقِ للفسقِ، وكذلك المرأة يحمُلها بعضُهم من بعضِ الطريق، وكذلك كانتْ معهم الطنابيرُ والغلمانُ في الأسْواقِ، وكانوا يأخذونَ أموالَ النَّاسِ عُنوةً لا يقدرُ أحدٌ يكلمُهم”. نفسه، 205. كذلك الشأن مع أهل ذمار، في منطقة الأخطوط، قال عنها: “كان الفسق فيها ظاهرا، فلما صار الهادي بالأخطوط خرج منها خلق من أهل البلاء في أنفسهم والنساء الفواسد، وكن بها مقيمات مع إبراهيم بن خلف لعنه الله..”، كما ذكر أنه ظهر فيهم أيضا حتى بعد رحيل الهادي نفسه بعض الفاسدين من أهل الفسق، ممن يجمعون بين الرجال والنساء. نفسه، 213.
واتهم أحد كبار وجهاء البون بالقول: “كان يأخذ بعض النساء للفجور، وكان يشرب الخمور”. نفسه، 216.
واتهم الرسي أهل مذيخرة من إب أن خصمه السياسي الثائر على بن الفضل فيها قد أمر الناس بنكاح الأمهات والأخوات وشرب الخمر، وحرم جميع الحلال وأحل جميع الحرام وكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء من عند الله، وادعى الألوهية، وأنه جمع الرجال في مكان، والنساء في مكان آخر، ثم أرسل الرجال على النساء فتقع الأم للابن، والأخت مع الأخ، ومن امتنع من ذلك قتله وأباح حرمته لمن معه. وأن علي بن الفضل سبى من النِّسَاء في مدينة زبيد خمسة وثلاثين ألف امرأة، وأنه أمرَ بنكاح الأمهات والأخوات، وأحل جميعَ الحُرم، وكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وشرب الخمر. !! ولم يكن يذكر اسم علي بن الفضل إلا ويدمغه باللعن. سيرة الرسي، 394. وقد نسب إليه هو وجماعته تلك القصيدة الشهيرة زورا وبهتانا.
وعن منطقة منكث في إب أيضا قال: “يدخل الرجال على النساء ويجمع بينهم في الفسق”. نفسه. 213.
أحمد ين سليمان
ومن بعده الإمام أحمد بن سليمان الذي قذف نساء يام بالفواحش، واتهمهن زورا وبهتانا بإقامة ليلة سماها ليلة الإفاضة، وفيها قال شعرا:
لستُ ابن أحمد إن تركت زعانفا
يتبخترون وينكحون سفاحا
يتواعدون كل ليلة جمعة
فإذا تلاقوا أطفأوا المصباحا
انظر سيرة أحمد بن سليمان 193.
السفاح ابن حمزة
ومن بعده طعن السفاح ابن حمزة نساء منطقة ذي مرمر ــ وهي من نواحي بني حشيش ــ بأنهن من الباطنية، وقد ثبت على الباطنية أنهم يأتون الفواحش، وأنهم من إباحيون. انظر: السيرة المنصورية، أبو فراس بن دعثم، تحقيق: د. عبدالغني محمود عبدالعاطي، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، ط:1، 1993م، 170.
القاسم بن محمد
ودمغ القاسم بن محمد الصوفية بفاحشة أكبر حين عارضوه، بقوله: “.. وهؤلاء لم يجعلوا إلههم إلا الحسَان من النِّسَاءِ والمُردان، ولا يعرفون لهم ربا غيرَ ذلك، قاتلهم الله..”. انظر: النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة، “سيرة الإمام القاسم بن محمد، مخطوط، 31. مؤكد بقوله: “.. فالواجبُ على المُسلمين اسْتباحة دمائهم وأموالهم؛ لأنهم كُفار مُشركون؛ بل شركهم أعْظم وأكثر.. فمن أجارهم فهو كافر، ومن أحسن إليهم فهو كافر؛ لأن من فعل ذلك فقد أعان على هدم الإسلام، ومن أعان على هدم الإسلام فهو كافر”. نفسه.
المتوكل على الله إسماعيل
وتكثر في سيرة الإمام المتوكل على الله إسماعيل شائعات مثل “كثرت فيهم المفاسد والمنكرات” في كل قُطر يسبق دخوله إليه، كما قال ذلك في بلاد المير وطريق حيد، خارج صنعاء. نفسه، 301/1.
واتهم المتوكل على الله إسماعيل نساء البيضاء بأنهن قد خرجن في جنازة الشيخ الرصاص حين توفي “ناشرات شعورهن متكشفات”. وأن ابن هذا الشيخ “لا يعرفُ شيئا من العقليات خمّيرًا، سفاكا”. نفسه، 677/2.
الإمام المنصور بن محمد
واتهم الإمام المنصور محمد حميدالدين، والد الإمام يحيى نساء حجور من حجة ورجالها بأنهم: “كانوا لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه.. وكذلك تبرج النساء والاختلاط وعدم السراويل..”.
انظر: سيرة الإمام محمد بن يحيى حميدالدين، المسمّاة بالدر المنثور في سيرة الإمام المنصور، علي بن عبدالله الإرياني، دراسة وتحقيق: محمد عيسى صالحية، دار البشير، مؤسسة الرسالة، ط:1، 1996م، 149.
الإمام يحيى
واتهم الإمام يحيى نساء تعز ورجالها بأنهم يتزاوجون بلا عقود شرعية، بقوله: “.. فقد تهاونوا بأمور الدين حتى لم يبق لديهم منه ومن تعاليمه ما يُعدون به من أهل الإسلام، إلى حد إهمالهم لعقود الأنكحة، وترك الصَّلاة وخراب المساجد.. “. انظر: سيرة الإمَام يحيى بن محمد حميدالدين، المسماة كتيبة الحكمة من سيرة إمام الأمة، عبدالكريم بن أحمد مطهر، دراسة وتحقيق: د. محمد عيسى صالحية، دار البشير، عمان، ط:1، 1998م، 248/2.
ويذكر صاحب كتاب مآثر الأبرار في تفصيل مجملات الأخبار، نسبة إلى شيخ متشيع يقال له الخوارزمي، مهاجما خلفاء بني أمية والعباس: ما أصف من قوم هم نطفُ السكارى في أرحام القيان؟ وماذا يُقال في أهل بيت نبع فيهم البغاء، وراج فيهم التخنيث، وبهم عُرف اللواط، وكان إبراهيم بن المهدي مغنيا، وكان المتوكل مؤبنا، وكان المعتمد مخنثا، وكان ابن زبيدة معتوها مفروكا..؟! إلخ. انظر: مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار، محمد بن علي يوسف بن فند، تحقيق: عبدالسلام الوجيه، خالد قاسم المتوكل، مؤسسة الإمام زيد، ط:1، 2002م، 166/1.
أما شاعرهم المشهور الحسن بن جابر الهبل: 1048 ــ 1079هـ، فيقول مخاطبا كل من يعتقد بصحة خلافة “الشيخين” أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما:
قل لمن قدم تيما وعدي
من زنًى أنت في معتقدي
ولكم أن تتخيلوا أنه حتى الإمام الشوكاني على جلالة قدره لم يسلم من سفاهة القوم، إذ أمطره الفقيه الجارودي المتعصب محمد بن علي السماوي، الملقب بابن حريوة السماوي بجملة ألفاظ سوقية مثل: “كافر لعين، كلب، حمار، سفيه، مهين، ملحد، دجال، فاسق، منافق، ضال، خبيث، لئيم، ماص بظر أمه، مجانب للإسلام، منحرف عن الملة، قرين الشيطان، منتحل للدين، شيطان الإلحاد..”. كل هذه الألفاظ وردت في النسخة الأصل من كتاب الفقيه ابن حريوه السماوي، “الغطمطم الزخار المطهر لرياض الأزهار من آثار السيل الجرار”. وقد حذفها المحقق محمد سالم عزان، ونبه على ذلك في مقدمة التحقيق. وقد تأكدتُ من ذلك بنفسي بتواصلي معه فأجابني بالقول: “حذفت تلك الألفاظ القبيحة التي لا دلالة علمية فيها، ووضعتها في جدول منفصل نُشر بالتزامن مع نشر الكتاب”.
الإمام أحمد
أكثر من هذا وذاك، الإمام/ الطاغية أحمد حميدالدين، يصم معارضيه من الأحرار الذين تخرجوا من مكتب الأيتام في أرجوزته الشهيرة بأنهم أبناء زنى، في قوله:
وكم من مكتب الأيتام نذلٌ
وبعضهمو من أولاد الزواني!
وهكذا تتواصل السفاهة ضد كل مناوئ ومخالف، باعتبارها دينا وعقيدة، ومن شابه أباه فما ظلم. و:
إذا كان الطباعُ طباعَ سوء
فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ