تتميز التجربة الشعرية للشاعر اليمني عبدالودود سيف بن سيف، أنها تجربة أصيلة تمتد لأكثر من نصف قرن ولاتزال قريحة الشاعر متدفقة بالإبداع ورغم أن الشاعر عبدالودود سيف يبتعد عن الأضواء الإعلامية والبهرجة إلا أننا نرى تشوقاً وفرحاً لأي قصيدة ينشرها على حسابه فيسبوك والذي ظل المتنفس الجيد للكثير من الشعراء والأدباء في اليمن، خاصة بعد توقف عشرات الصحف والمواقع الأدبية وحتى دمار إرشيفها وعدم وجود أي اهتمام من المجلات والمواقع الأدبية العربية بالمشهد الشعري اليمني، أغلب هذه المواقع والصحف والهيئات العربية تعتمد على ما يأتي لهم دون تدقيق ولا مراجعة وبسبب ما شهدته وتشهده اليمن من حروب وصراعات وجوع أصبح المبدع غريباً ومنفياً في وطن تغتاله كل وسائل الوجع والموت.
شاعر يسكن الحرب ويتنفس البارود
تناول تجربة مبدع يمني يقيم بالداخل فيه من الخوف عليه، حيث ثمن الرصاص فيه أقل من ثمن الخبز ويمكن أن يُسجن فيه المبدع أو يُسحل بأي تهمة ولو عمل لايك على منشور، أقول هذا ورُبما يمكنكم الشعور برعب كل لحظة وبأشباح الحرب ترقص بأزقة القرى وشوارع المدن وكما يُعبر شاعرنا في إحدى حواراته ويقول: أنا مع الحرب، وأسكن موقد الحرب، وأتنفس بارود الحرب.
لتكن مادتنا هنا، تأملات في بعض القصائد الأخيرة التي نشرها وإليكم النموذج الأول
تداعيات.. بدخول عمر الخامسة والسبعين
١ـ متعّبٌ ! ودمي مطبِقٌ في خناق دمي. أحتمي بعناد الطلاسم؟
أم أرتمي صوب اَخر قبَرةٍ سوف تسطعُ جاهشةً من زنادِ فمي؟
أم أؤجلُ هذا الدعاءَ وهذا الدعاءَ إلى حلمٍ مرجأٍ، سوف يصدحُ ثانيةً..
ربما، من رمادِ شذى الياسمين؟
الطواحينُ عامرةٌ.. والسلاطينُ إنْ كسروا أمةّ؛ أسروا أمّةً.
وليكنْ ! تلك أحلامهم. هم يخافون عنفّ الشذى، ونعافُ صنوفَ
الأذى .فلماذا إذا افتتحوا قريةّ قاسمونا البطولةَ ؟
إن الشجى يستجرُّ الشجى . والرمادُ اذا حاصر الجمر أرمدها عنوةً.
فلندع ما “لروما” لقيصرها ! ولنقلْ: إن بعض الرثاء، إذن، صالحٌ
للهجاء.
٢ـ بلادٌ لمن لا بلادَ له : حزننا المتفائلُ في حزننا.
نحن أبطاله وهو هزجُ الصدى.
نحن أنجاله؛ يوم يورثُ من لا هوادةَ فيه هوادتنا.
وهو نفحُ مودتنا، يوم تٌجبى لنا وردةٌ (من أقاصي ظلامِ الحراب)
٣ـ أقول إذا قلّدتني القصيدةُ في عنق مرثيةٍ: ذلكم وطني!
وأشير إلى طلقةٍ؛ لم تحط بعدُ اكليلها، فوق غار دمي.
إنهم قادمون ليحنوا ظهور الجياد بكحل العطايا.
ويلووا جباه الحصى فوق عنق التراب.
…ويمضون من حيث جاءوا.
وأطبق مرثيتي…وأنام.
يهمسُ الشاعر عبدالودود سيف ويعترف بتعبه وثُقل السنين، فالوجع يتضخم ومنابع الحياة تجف، الطرق للنجاة قليلة، (أحتمي بعناد الطلاسم؟) كأنه يسألنا أو يسأل ذاته، كيف لشاعر أن يعود للطلاسم والخرافات لتحميه، ربما إن الخرافة من المنابع المهمة للإبداع الإنساني كونها تُمثل الخيال الطفولي للإنسانية في فهم ظواهر وتجاوز حروب وأزمات وأوبئة أو البحث عن حلم وتخليد قصة عشق، نشعر هنا أن كل شيء يتأجل حتى الأسئلة والأحلام والأشياء تحال إلى رماد، لكنه يتمسك بجمال بقايا الجمال والحياة، يرسم صوره وينتظر السلام وعودة الحياة إلى أحلامه ربما، من رمادِ شذى الياسمين؟
هروب من خوف خارجي إلى رعب وشكوك داخلية وأحلام مؤجلة
تجربة عبدالودود سيف لا تقل شعرية عن أي تجارب يمنية وعربية عديدة نالت الشهرة والدراسة والبحث، وهو يتسم بثرائه اللغوي والثقافي وكان ولايزال إلى هذه اللحظة يُجدد ويخلق عدة أشكال وقوالب وفي هذا النموذج كأني به يتسم بمسرحة خلاقة وعالية وكأن القصيدة همسات ممثل مسرحي يقف ويتحرك على المسرح، فهو يرسم ويصور ما يراه ويحفر بدواخله فيجد الخوف والحزن الإنساني أي كأننا في حالات هروب من خوف ووجع خارجي إلى رعب وشكوك داخلية وأحلام مؤجلة أو هي أيضاً تهرب وهو هنا ذاتي وكذلك جمعي وإنساني فالتراجيديا تعصف بالأمة والوطن بل بعدة أمم وأوطان، والدهشة هنا ليست وليدة حرفية وذكاء صناعة بل هي تلاقحات روحية فالحرب والموت وكل وسائله حاضرة وهو يبتعد عن المباشرة والخطابات السياسية ليقدم القلق من كل شيء (والرمادُ اذا حاصر الجمرّ أرمدها عنوةً) هو يقدم هذيانه ورُبما هو يعجز عن تفسير بعض الصور التي تتقافز رغم شكلها البنيوي وكأنه هنا يهدم ما قد ينساب إلى مخيلتنا بشكل سلس أو كلاسيكي ولا يسعى لنص يتسم بمنطقية بنية كلاسيكية متوقدة وأصيلة ففي زمن الحروب يكون الخلق الشعري أكثر صدقاً والجوهر أهم من الشكل الفخم جداً والقواعد والثورة على هذه القواعد الجمالية والبلاغية خلق ابتكارات جديدة تقوى وتشتعل في زمنالمحن وداخلها، ولذلك أمثال عبدالودود سيف من يعيشون الجحيم اليومي هم أكثر صدقاً من أولئك الذين يكتبون وهم على مكاتبهم الفخمة أو بداخل حانات راقية.
إذن نستنتج أن الشاعر اختط لنفسه مسارات خاصة تتفجر بالموسيقى والجزالة اللغوية المهيبة إلا أن الهدم الذي فهمته يكون بالصور التخيلية التي تصلنا، فقد يأتي بالشيء وضده أو الشيء وما يفوقه أو يتولد منه.
ما يخلق الدهشة ويصبح إرثاً إنسانياً ليست تلك القصائد التي يكتبها البعض تحت تأثير الويسكي الفاخر اللذيذ وهم بالمنتجعات المريحة وإنما من يتجرعون مرارة الموت ويعانون من تلاعباته، طفرة ضخامة وكثرة البحوث الجامعية على نوعية من شعراء وشواعر بعضهم يستحق وبعضهم فرضته ذائقة نقدية تعاني من أمراض خطيرة، حظ عبدالودود سيف وأمثالة قليل جداً من الاهتمام النقدي رغم إشعاع ما يخلقونه من دهشة وربما يُصحح النقد العربي من مساراته المعوجة.
***
دحاتم.الصكر: كانت قصائد النثر التي يكتبها سيف أكثر نضجًا واقترابًا من تقنيات قصيدة النثر العربية السائدة
وحتى يسهل علينا فهم تجربة الشاعر عبدالودود سيف فربما نضع شهادة مهمة أخرى للناقد د. حاتم الصكر إذ يقول : كما أنّ لعبدالودود سيف جهده البارز في الكتابة الشعرية الطليعية، كونه من أبرز شعراء مرحلة التحديث الشعري في اليمن، ومن الموجة التالية للرواد التي يمثّلها شعراء من جيل السبعينيات، وتحمل سمات التبلور والنضج بتأثير استقرار قصيدة النثر العربية وتبلورها، وتداولها على مستوى الكتابة والتلقي، فكانت قصائد النثر التي يكتبها عبدالودود سيف أكثر نضجًا واقترابًا من تقنيات قصيدة النثر العربية السائدة، وإظهارًا لمزاياها ومقوماتها الفنيّة التي تتجسد في نبذ الغنائية والمباشرة والنثرية، وتأخير الموضوع أو المضمون لصالح الشكل الجديد، رغم أنّ شعراء هذه الموجة جاؤوا إلى قصيدة النثر من تجارب وزنية جيدة، وراوحوا بين كتابة قصيدة الوزن وقصيدة النثر، بل جمعوا بينهما أحيانًا.
***
شاعر يعيش ويتعايش في مجتمع تأكل الحرب كل شيء حوله
وعند قراءة مقالة د.دورين سعد وتحليلها لبعض نصوصه، فقد سعت لفهم تجلّيات الأنا وهي بؤرة مهمة في الكثير من نصوصه وهي تتسم بالحيوية والنشاط وتحيلنا إلى البعيد والأبعد وتتخذ أبعاداً فلسفية وفكرية واجتماعية وأعجبتني خاتمة مقالتها وختمتها بقولها: (وتجدر الإشارة إلى أنّ الذي يتكلّم في النّصوص الشعريّة ليس هو عبدالودود سيف، بوصفه شاعرًا واقعيًّا اجتماعيًّا وحسب، إنّما هو الشّاعر الحاضر عبر ضمير المتكلّم (أنا). فهو ذات صنعها الشّاعر لتعبّر عن تجربة حياتيّة تحيكها الكلمات، أو هي ذات أخرى للشّاعر لا تستطيع أن تكشف عن نفسها إلاّ بواسطة اللّغة ومضامينها.
فكيف تستطيع هذه الذات أن تحافظ على حضورها، وليس لديها أيّة وسيلة ولا إمكانيّة لتحقيق وجودها سوى اللّجوء إلى اللّغة؟ وذلك بغية خلق واقع جديد مغاير للواقع الراهن الذي تعيش فيه. فاستخدامه لضمير (الأنا) وتكراره بشكل ملحوظ أتى من محاولة من أجل الخروج من المأزق النفسي الداخلي وتخفيف الضغط الخارجي. فأين تناثرت شظايا الأنا؟ ومَن لملمَ أجزاءَها المفكّكة؟
إلى أين تذهب الأنا؟ لا الماضي يشفيها، ولا الواقع يرضيها، ولا الهروب ينقذه منها. كيف تلملم أجزاءها المبعثرة؟ هي التيه والشوق والرغبة والموت. هي نفسها، وأهلها، ومجتمعها، ووطنها المجروح. هي الضعيفة المتألِّمة، الحزينة والثائرة).
ولعلنا نفهم إذن أن الذات الشعرية ليست للتعبير على ذات الشاعر المفردة فهو يعايش ويتعايش بمجتمع تأكل الحرب كل شيء فيه وحوله وحتى هي تأكله وتجعله حزيناً، الظلام والرصاص في دمه ورائحة البارود تنهش صدره فيعترف بتعبه الجسدي وتعبه أيضاً النفسي والروحي.
***
الناقد د. عبدالحميد الحسامي: قصيدة وتجربة عبدالودود سيف مسكونة بكل أنواع القلق وأيضاً قلق التغيير
وأختم بلمحة مختصرة مما قاله الناقد اليمني د. عبدالحميد الحسامي حيث أكد أننا مع تجربة شعرية مهمة وتجربة تفرض حضورها وتأثيرها وأن الشاعر ربما غائب أو مغيب عن المشهد الشعري اليمني والعربي، ورغم كل الظروف فإن التجربة حضرت ولم تجد الاهتمام الذي يليق بها وهل قوة هذه التجربة أدت لصعوبة التلقي؟
وذكر أننا مع تجربة فلسفية متشعبة وغامضة موغلة في التأمل والفضاء التصوفي ورغم غياب تجربة عبدالودود سيف في الفضاء النقدي إلا أنه يحضر بنصوصه وهناك من استلهم منها وأستفاد، وتجربته نابضة بالحياة وواكبت الحداثة الحقيقية وقصيدته تجربة رؤية وبحوارية ثنائية الأنا والآخر ومسكونة بكل أنواع القلق وأيضاً قلق التغيير فالشاعر لا يعيش الماضي، فتجربتة تجربة ثائر وقصيدته قصيدة سؤال وانتظار وتحيلنا عناوين قصائده إلى الصوفي الفلسفي ونحتاج أن نتعمق في هذه التجربة كونها إنسانية بديعة.
ونجد بعض قصائد عبدالودود سيف قد تثير المتلقي والناقد ونعني هنا إثارة إبداعية ومثالاً لذلك ما كتبه الشاعر أحمد الفلاحي عن قصيدة (قبل أن يكتب المغني سيرته) وهي قصيدة موغلة في الواقع بتناقضاته وإليكم النص:
سنيناً من الضوء جالدتُ موتي .
ترحلتُ في مَدِّ ظلمْاته ..
من دٍم لدمِ .
ومن كَف نصلٍ إلى رأسِ نصلِ.
تغربَّتُ ما بين لهْب الجراح وبين الدخان
تغربَّتُ ما بين نشج الصدور وأناتِها.
تغربتُ ما بين حزن القلوب ونبْضاتِها.
تغربتُ بين الخطى والمنافي .
وشرَّقُتُ، غرَّبتُ
هاجرتُ في كفن الحلمِ
أُشعل في عتمةِ القبرِ عينيَ دمعاً
لعلي أشاهدُ في وسوسات الدموع
تفاصيلَ عمري البديدِ ..
وأحلامَ عمري البديدةْ.
أحُدِّقُ، حدقتُ
سالت شعائرُ عينيَ ..حتى الجذوع .
رأيت ُالذي لا يُرى
ولكتُ بعيني سُخامَ السآمةِ
والصلبَ صبرا.
رأيت ُفمي.
يتغضنُ، يُصبح سرداب قمل.
ووجهي أثاليلُ تطفح بالقيح،
أدميتُ حنجرتي بالصلاة إلى أن تحجرَ صوتي
وصرتُ بلون الرمال العتيقةِ هشاً..
يخالطني الرملُ ـ كانَ ـ
فأُستفُ في مدِّ كثبانه.. كلما عوَت الريحُ
مَن يحمل الصخرَ عن كاهلي؟
إنني أتدحرج في عبء موتيَ حتى القرارةِ،
كان تراب الظلام يدوَّم ، يهوي
كطرق السكاكين في جسدي.
جسدي حفنةٌ من ظلامٍ يهومُ في قبة الأفق ِ
نبضٌ يسافر في رحمِ الأرض ِ
يبحث في ساحِها عن وطن.
يرى الشاعر أحمد الفلاحي أن القصيد تمتاز بإبداع لا متناه وتعبر عن حالة موحشة فعلا.. وعندما ننظر إليها نشعر بأننا ننظر إلى لوحة فنية معقدة وجميلة في الوقت نفسه، تجمع بين الأسلوب الأدبي والفلسفة والإبداع. فقد تمكن الشاعر من خلق تأثير مرئي وملموس يستحوذ على القارئ، من خلال استخدام عدة عناصر أدبية وفلسفية متميزة.
حاول الفلاحي برأي تأملي أن يفهم عالم هذه القصيدة وبعث بالمادة إلى الشاعر والذي بدوره نشرها كما وصلته والكثير من النصوص وبعض المواد النقدية متاحة للقراءة على حساب فايسبوك الشاعر عبدالودود سيف بن سيف ويسهل لأي باحث أن يصل إلى الكثير من النصوص والمواد المهمة وكذلك يسهل التواصل مع الشاعر وهو شخصية متواضعة وإنسانية بديعة ومتعاونة جداً.
***
تقنية الحلم وتصويره سينمائياً
أود أن أضيف رؤيتي التأملية لهذا النص حيث نشعر بالغربة الداخلية والنفي داخل هذا الوطن، وحتى الوطن هو منفي ومعزول حيث تركه العالم بكل منظماته وساسته وهيئاته الحقوقية والإنسانية، تركوا اليمن يعيش ويتجرع كأس الدمار والخراب ومن مطلع البيت الأول فهو ربما يرسم همسة الوطن وليست همسته الشخصية وشكواه الذاتية، الغربة بداخل الوطن تكون أقسى وأعنف في تأثيراته لذلك فهو يحاول تصوير غربته من فجيعة إلى فجيعة وهو يعيش قسوة المنافي وظلمتها وهذه التجربة بمراراتها الطويلة أدت إلى وضوح الرؤية. (رأيت ُالذي لا يُرى) فالذي لا يُرى يمكن أن يصفه الشاعر وقد يعجز المتلقي عن فهمه
رأيت ُفمي.
يتغضنُ، يُصبح سرداب قمل.
ووجهي أثاليلُ تطفح بالقيح،
أدميتُ حنجرتي بالصلاة إلى أن تحجرَ صوتي
وُصرتُ بلون الرمال العتيقةِ هشاً.
هنا كأننا مع تقنية الحلم وتصويره سينمائياً وهنا الفم قد يكون فم الشاعر والذي يتغصن بأغصان الشجر ثم نفاجأ به سرداب نمل وكأنه مشهد من سيلفادور دالي بكل جنونه وعنفوانه وتحمل دلالات متعددة ويصعب على أحدنا تحديد تفسير منطقي وهذه قوة الشعرية أن تتمانع عن المعنى وتشاكس وتستنهض خيالنا كشعراء وفنانين، كأنه لا فرق لما يحدث وما يصوره الشاعر عن نفسه وعن ما يحدث في جغرافيا الوطن التي تتمزق ويطفح القيح من كل قرية وزقاق، فلا أحد في مأمن ولا أحد يضمن أن يكون ولو حلم منام فيه بعض السكينة، الخرس والتجمد والصوت المتحجر رغم كثرة الصلوات، نحن مع قصيدة تضج بمرئيات وتحولات مهمة تحدث في ذات المشهد وذات اللقطة وهنا يذكرنا بشعرية الشاعر السينمائي الروسي “أندرية تاركوفسكيوالذي يبحث عن الروح ولا يتورع بتعديلات قاسية للضوء أو الصوت أو الألوان دون أن يبررها مونتاجياً لآن ما يشعر به هو باللحظة واللذة الروحية التي يحققها هي أكبر وأهم من القواعد ولا يهم ما سيقوله بعد ذلك النقاد، رؤية الشاعر ستظل غامضة وإن حاولنا فهمها منطقياً سنفشل، ولذلك ربما التعانق معها روحياً ونُحرك مخيلتنا وهذه دعوة للتأمل والتخييل وهذه هي الشعرية، عبدالودود سيف يقدم رؤية شعرية إنسانية تبحث عن حلم ويكون الحلم في مأمن من بشاعة هذه الحروب المدمرة وبعيدة من كل أصناف الإستبداد والإستعباد.
***
خاتمة وتوصية
من المهم جداً التذكير أن الشاعر اليمني عبدالودود سيف، يكاد يكون منسياً تماماً من المهرجانات والتكريمات الشعرية وربما أغلب مبدعي ومبدعات اليمن أيضاً يتم تناسيهم وكأنهم يعيشون في كوكب معزول وموبوء وزادت قسوة الجميع عرب وأصدقاء منذ تدحرج اليمن لهاوية البؤس بسبب الحروب والصراعات، وشاعرنا يستحق أن تُدرس تجربته ويحظى بالتكريم اللائق لكننا نعيش في عصر ثقافي مرتبك وأغلب المؤسسات الثقافية ومهرجاناتها تُدار بمجموعة تسعى إلى تعميق التجهيل والبشاعة..