علي أحمد العمراني سياسي ودبلوماسي وبرلماني يمني. شغل منصب سفير اليمن لدى الأردن منذ 22 أغسطس 2016 وحتى يناير 2023. شغل منصب وزير إعلام سابق في حكومة الوفاق الوطني، وتعرض آنذاك لمحاولة اغتيال فاشلة في 31 يناير 2012 أثناء خروجه من مجلس الوزراء
———-
كل ما ينتمي لليمن نعزه ونحبه، إلى حد القداسة، من سقطرى في المحيط، حتى أصغر ذرة تراب في البحر الأحمر ومياهه.
وتعز تحب اليمن واليمن تحبها؛ وقَدَّرتُ بعد سقوط صنعاء، أن تعز ستكون المنطلق لتحرير صنعاء، واتجهت إليها في 23 سبتمبر 2014. وقيل لي حينذاك، أن هناك من ينتظر قوات “السيد” في تعز على أحر من الجمر!
كان رشاد العليمي ما يزال في صنعاء، بعد سقوطها، وأرجو أنه لم يكن من المنسقين لتمكين قوات “السيد” في تعز وقتها!
ونعلم أن تعز الأبية لم تكن تنتظر قوات “السيد” بل واجهتها وما تزال، ونعلم من كان “ينتظر” ولا أرغب في العودة للحديث عن ذلك الآن، فالجميع قد أدرك الأخطاء الفادحة وسوء التقديرات، ودفعنا جميعاً ثمن ذلك.
وعندما نقول الجميع يحب تعز، فنحن نعلم إن الحوثيين لا يحبونها وإنما يطمعون فيها،كما هي نظرتهم وموقفهم من سائر اليمن.
أما الإنفصاليون، فقد سخروا كثيراً من تعز وصمودها وبسالتها، على الرغم من خذلانها وقلة ما بيدها، ولم يسلم أبناء تعز، وغيرهم، من استهدافات الانفصاليين، وتم طردهم من عدن، في مناسبات سابقة. ولو قُدر لمشروع الإنفصال العنصري أن يمضي قدماً، فسيعود الطرد الجهوي والتهجير القسري من جديد.
في مانشيت عريض لصحيفة تعزية، بعد سقوط صنعاء بأيام، قالت : إن صنعاء واليمن تحتاج قائداً محرراً مثل ديجول! وبعد عشر سنوات من السقوط، نعرف أين صرنا.ولو وُجِد قادة كبار على قدر التحديات، فسوف يضع لهم اليمنيون تماثيل ضخمة وأقواس نصر!
وأعلم أن هناك قادةً أبطالاً كثر، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، ومنهم من سيأتي من بين الركام والحطام والخذلان والألم، لكن المشكلة في من يتقدم الصفوف منذ سقوط صنعاء وما قبل وما بعد!
بدا النصر ممكناً في بداية الحرب، وكان تحرير تعز والبيضاء وصنعاء وتهامة ومران ممكناً؛ لكن الأجندات سرعان ما تغيرت؛ والعاصفة تبددت، والأمل تلاشى، وكأن التحالف دخل الحرب بلا استراتيجية، ولا هدف لصالح اليمن، وإنما حرب لمجرد الحرب، حتى أن كثيرين يقولون منذ فترة، هل كان الهدف من الحرب، دمار اليمن وتفتيتها وضياعها! يصعب تصور ذلك وقبوله، ولكن ذلك ما حدث بالفعل.
في زيارة العليمي، رفعت تعز صور أعضاء المجلس الثمانية، لكن لم يحضر معه إلا اثنان منهم، مثل آخر زيارتين له إلى حضرموت، ومأرب.. ثلاثة من ثمانية! أين الخمسة؟ مع الإمارات! ما هو مشروع الإمارات في اليمن؟ تدعم الإنفصال! وتدعم وحدويين، أو من نفترضهم كذلك! لكنهم لا يظهرون موقفاً وحدوياً! فهل تغير الإمارات من أجندتها في اليمن وتدعم الوحدة؟ السؤال موجه للوحدويين اليمنيين من حلفاء الإمارات الذين لا يتحدثون عن التمسك باليمن الواحد الكبير، لحد الان، ويبدو أنهم لا يتحدثون مع حلفائهم في الإمارات، حول ما له علاقة بوحدة اليمن!
ذات مرة، سألت دبلوماسياً غربياً نشطاً في موضوع اليمن؛ عن الإمارات في اليمن..وقال: الإماراتيون قريبون من السعودية الآن، ولكنهم في أعماقهم يخافون منها؛ ويريدون، وهم قريبون منها الان، أن يتموضعوا في مناطق تهمهم، بحيث يصعب إزاحتهم منها عندما يختلفون مع السعودية لاحقاً!
وحيث نرحب بكل ما يخدم مصالح اليمن المشتركة مع الأشقاء والأصدقاء، غير أن اليمنيين يرفضون رفضاً قاطعاً وباتاً، أن تُقسَّم بلدهم مناطق نفوذ، لأي أحد على وجه الأرض.
وما هو موقف السعودية، تجاه وحدة اليمن؟
منذ تأكيد الملك سلمان في قمة الظهران إبريل 2018، وقمة البحر الميت مارس 2017، لم تعد المملكة تتحدث عن وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه! بل إن السفير آل جابر قال : حسبما يقرر اليمنيون! هل نسي سعادة السفير أن اليمنيين قد قرروا في عام 1990 وتم الإستفتاء على دستور دولة الوحدة، بأغلبية ساحقة، في عام 1991!
وفي قمتي جدة والمنامة، تحدث بيانا القمتين، عن الإلتزام بدعم وحدة الصومال وليبيا وسوريا والسودان ولبنان، وتم تجاهل اليمن، ولم يتحدث عن ذلك العليمي، لكنه أكد على الإلتزام بوحدة سوريا في قمة جدة!واتخذ العليمي اجراءات وقرارات وتعيينات تدعم مشروع الإنفصال، في المحافظات الجنوبية، وفي الجيش وفي القضاء، وقال إنه يتفهم “تطلعات الانفصاليين” ولم يتحدث عن وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، حتى وهو في تعز الوحدوية، وسكتت الدول المؤيدة لوحدة اليمن، عندما صمت من يمثل الشرعية اليمنية في كل المحافل، وسألت أحد أعضاء مجلس الرئاسة، عما هو مشروع العليمي، فقال : لا يوجد لديه مشروع! وإذا كانت المشكلة في سيطرة الإنفصاليين على عدن، والمتاعب التي قد يسببونها له، لو جهر “بموقفه الوحدوي” فبإمكانه أن يستقر في حضرموت ويصدر مرسوماً بإعلان المكلا، أو سيئون، عاصمة.
وإذا تبنى السيد العليمي مشروعاً واضح المعالم لليمن الواحد، واستقلاله وحريته، وكرامته،وسلامة أراضيه، وتحريره، فسنكون إلى جانبه، مالم، فلا.. بالتأكيد، لا.
*(من حساب الكاتب على منصة إكس)