كتابات

إلى أين يمضي علي البخيتي ؟

لنفترض أن علي البخيتي هو شخصية معقدة ومثيرة للجدل، وقد أثار العديد من التساؤلات حول تحوله من داعم لجماعة الحوثيين إلى معارض شرس لهم، ثم لاحقا إلى داعم للعلمانية وناقد للأديان.

في بداياته، كان علي البخيتي متحدثا باسم جماعة الحوثيين خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن. في تلك الفترة، تبنى البخيتي خطابا داعما للحركة الحوثية، التي تروج نفسها على أنها حركة سياسية ودينية تسعى إلى تصحيح الأوضاع في اليمن، وبالأخص فيما يتعلق بحقوق الزيدية. كان البخيتي يعبر عن مواقف عدائية تجاه المملكة العربية السعودية، التي اتهمها بالتدخل في الشؤون اليمنية ودعم الشرعية المعترف بها دوليا في مواجهة الحوثيين.ثم بعد فترة فوجيء الجميع به وهو في زيارة للمملكة العربية السعودية يصفها من هناك بكل احترام.

بعد فترة من التحالف مع الحوثيين، حدث تحول ملحوظ في مواقف البخيتي. بدأ ينتقد الحوثيين بشكل علني ووصفهم بالجماعة المتطرفة التي تسعى للهيمنة بالقوة على اليمن دون تقديم برنامج وطني ديمقراطي. البخيتي ترك جماعة الحوثيين وانتقل من المملكة العربية السعودية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، حيث واصل من هناك معارضته الشديدة لحركة أنصار الله-كما يسمى الحوثيين حركتهم -هذا التحول يعكس نوعا من الصراع الداخلي الذي ربما كان يعيشه البخيتي، والذي أدى به إلى إعادة تقييم مواقفه السابقة.

 

مع مرور الوقت، تعرض البخيتي لضغوط متزايدة في الأردن، ويُعتقد أن السلطات الأردنية طردته بسبب معارضته للحوثيين، ربما تحت تأثير العلاقات السياسية والدينية بين الأردن والحوثيين الذين يروجون لأنفسهم كهاشميين، مما قد يوفر لهم دعما ضمنيا من الأنظمة الهاشمية في المنطقة. بعد طرده من الأردن، لجأ البخيتي إلى بريطانيا، حيث حصل على لجوء سياسي على ما يبدو.

***

علي البخيتي يتبنى العلمانية

 

بعد انتقاله إلى بريطانيا، بدأ البخيتي في الترويج لأفكار علمانية بشكل واضح. لم يكتفِ بذلك، بل أبدى مواقف داعمة للإلحاد وحرية الفكر، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة للكثيرين، خاصةً في اليمن حيث تتسم البيئة الاجتماعية والدينية بالمحافظة الشديدة. البخيتي يدعو الآن إلى دولة علمانية تفصل بين الدين والسياسة، ويرى أن ذلك هو السبيل الأمثل لحل مشكلات اليمن. لكنه في نفس الوقت يعبر عن مواقف يعتبرها البعض استفزازية، خاصة في مجتمعات مسلمة محافظة.

***

تناقضات البخيتي وتأثيرها

البخيتي شخصية تحمل الكثير من التناقضات. فهو من جهة يدعو إلى العلمانية وحرية الفكر، لكنه من جهة أخرى يعترف بأنه ليس لديه مشكلة مع الإلحاد. هذه التناقضات تثير تساؤلات حول مدى مصداقيته وصدقه في تبني هذه الأفكار. البعض يرى أن البخيتي يتبع مصلحته الشخصية ويتغير مع تغير الظروف السياسية، بينما يرى آخرون أنه ربما قد خاض رحلة فكرية حقيقية أدت إلى تغيير جذري في قناعاته.

***

تأثيره على الصراع اليمني

 

فيما يتعلق بالصراع اليمني، يمكن القول إن مواقف البخيتي المتقلبة قد أفادت الحوثيين بشكل غير مباشر. عندما تحول إلى العلمانية وأبدى مواقف داعمة للإلحاد، رأى الكثير من اليمنيين في ذلك انحرافا خطيرا عن القيم الإسلامية التي تشكل جزءا من هويتهم الوطنية. بالنسبة للحوثيين، الذين يروجون لأنفسهم كحماة للإسلام وللهوية الزيدية في اليمن، يمكن أن يُستخدم تحولات البخيتي إلى العلمانية والإلحاد كدليل على أن معارضيهم يتبنون أفكارا غريبة على المجتمع اليمني.

الثابت أن علي البخيتي شخصية مثيرة للجدل تجمع بين التقلبات الفكرية والسياسية، وبين محاولة إيجاد موقع له في المشهد السياسي اليمني والدولي. لا يمكن إنكار أن مواقفه المتقلبة أثارت الكثير من الجدل وأفادت الحوثيين من حيث الصورة العامة. في الوقت نفسه، قد يكون البخيتي قد وجد في العلمانية والإلحاد مسارا جديدا في حياته الفكرية، ولكن يبقى السؤال حول مدى قناعته الحقيقية بتلك الأفكار أو ما إذا كانت مجرد رد فعل على تجاربه السابقة مع الحوثيين والإسلام السياسي.

اليومين الماضيين اطلعت في منصة اكس على لقاء الإخواني شوقي القاضي مع علي البخيتي وعبد الله القيسي معارضه العقلاني والذي يحترم العلمانية لكنه لايمجد الإلحاد ، وجدت أن علي البخيتي شارك في نقاش مثير مع الاستاذ شوقي القاضي حيث كان البخيتي محور الانتقادات بسبب تقلباته السياسية والآراء المثيرة للجدل، خاصة فيما يتعلق بقضية العلمانية والإلحاد التي بدأ يروج لها في الفترة الأخيرة.

خلال النقاش، أكد البخيتي أنه أصبح مقتنعا بالعلمانية كحل للأزمات السياسية في العالم العربي، واعتبر أن تبني العلمانية لا يتعارض مع الإيمان الشخصي لكنه قد يساهم في تأسيس دول مدنية متقدمة. من ناحية أخرى، انتقد عبد الله القيسي تلك التحولات التي مر بها البخيتي، متهما إياه بالابتعاد عن جذوره ومحاولة استغلال العلمانية والإلحاد لأغراض شخصية أو سياسية، معتبرا أن هذه المواقف قد تخدم أعداء الدولة اليمنية، لا سيما الحوثيين، الذين يروجون لصورة مغلوطة عن المعارضة الدينية.

يمكن القول أيضاً إن هذا النقاش يسلط الضوء على انقسامات عميقة في الآراء السياسية والفكرية داخل اليمن وخارجه حول موضوع العلمانية وتبنيها كمبدأ في المجتمعات الإسلامية المحافظة على رأسها اليمن.. اليمن التي تستحق نقاشا معمقا حول عديد قضايا ثقافية اجتماعية سياسية بشكل مستقل.

باختصار شديد..إلى أين يمضي علي البخيتي ؟