- في خضم الصراع والأزمات التي تواجهها اليمن، يُظهر خطابي الرئيس رشاد العليمي وعياً عميقاً بالتحديات المعقدة التي تحيط بمشروع الوحدة الوطنية. ورغم هذه التحديات، يحمل الخطابان رؤية مستقبلية طموحة تعتمد على إصلاح مسار الوحدة من خلال عدالة ومشاركة شاملة لجميع المواطنين.
- من خلال التركيز على الحوار الوطني، معالجة المظالم، تعزيز الحكم اللامركزي، وإعادة بناء المؤسسات، يقدم الرئيس خارطة طريق لاستعادة اليمن كدولة موحدة ومستقرة. ومع ذلك، تظل هذه الرؤية مرهونة بتعاون جميع الأطراف السياسية والالتزام بمبدأ الوحدة القائم على السلام والاتجاه نحو التقدم.
فجأة عدت إلى ارشيفي .. كانت في جهازي اللابتوب كلمتي فخامة الرئيس رشاد العليمي التي ألقاها بمناسبة الذكرى 33 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية والتي ألقاها في الذكرى 34.. وأنا احلل خطابي فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي وجدته يحمل أبعادا سياسية، تاريخية، واجتماعية، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد.
في هذا التحليل، سنستعرض جوانب القوة والضعف في الخطابين، ونسلط الضوء على الأهمية الرمزية والتحديات التي تواجه الوحدة اليمنية، مع التركيز على رؤية الرئيس لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة.
السياق التاريخي والسياسي:
أتى خطاب الرئيس رشاد العليمي في ذكرى تحقيق الوحدة اليمنية في ظروف استثنائية تمر بها اليمن. تعاني البلاد من صراع داخلي مستمر بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية المدعومة من إيران، فضلاً عن الانقسامات الداخلية العميقة بين الشمال والجنوب، مما يزيد من تعقيد مسار الوحدة الوطنية.
الرمزية والتاريخية في الخطابين:
الوحدة اليمنية التي أُعلنت في 22 مايو 1990 كانت حلماً قومياً لأجيال من اليمنيين، وجاءت كتحقيق لنضال طويل امتد لعقود من الزمن. في الخطابين، يعبر الرئيس العليمي عن هذا الحلم وكيف تحول إلى واقع، مع اعتراف ضمني بالانتكاسات التي شهدتها اليمن منذ حرب 1994، والتي عمقت الانقسامات بين الشمال والجنوب.
يبدأ العليمي خطابه بالتأكيد على تضحيات القادة التاريخيين الذين صنعوا هذا الإنجاز الوطني. هذا الإطار التاريخي ليس مجرد تذكير بالماضي، بل هو توظيف للرمزية الوطنية لجمع اليمنيين حول قضية الوحدة، وإعادة بناء الدولة التي تعرضت لتحديات جمة منذ اندلاع الحرب في عام 2014.
إحدى النقاط المهمة في الخطابين هي اعتراف الرئيس بأن مسار الوحدة قد تعرض للانحراف بسبب الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة، ولا سيما في فترة ما بعد حرب 1994. يعكس هذا الاعتراف رغبة في الانفتاح على حوار شامل يعيد تقييم مسار الوحدة ويستجيب لمطالب الجنوبيين الذين يشعرون بالظلم والتهميش.
التحديات المعاصرة للوحدة:
الخطابين يظهران بوضوح أن الوحدة اليمنية تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل الظروف الحالية. المليشيات الحوثية، التي وصفها الرئيس بأنها مشروع إمامي عنصري وعميل للنظام الإيراني، تسعى لفرض نظامها بالقوة وتقسيم البلاد مجدداً. يشير الرئيس إلى أن الحوثيين يستخدمون شعار “الوحدة أو الموت” كذريعة لاعتداءاتهم على المحافظات الجنوبية والمحررة، مما يعمق الانقسامات ويهدد الاستقرار الوطني.
التحدي الآخر الذي يتناوله الرئيس هو الانقسامات الداخلية بين الشمال والجنوب، والتي تفاقمت بعد حرب 1994م.
تقوية التحالفات الإقليمية والدولية:
يجب تعزيز الشراكة مع التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، ليس فقط على الصعيد العسكري ولكن أيضا في المجالات الاقتصادية والتنموية. هذه الشراكات تعتبر أساسية في إعادة بناء البنية التحتية اليمنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما ينبغي على الحكومة تعزيز العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية لضمان استمرار الدعم في مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية.
تحقيق العدالة الانتقالية:
من الضروري إنشاء نظام عدالة انتقالية يعالج الجرائم والانتهاكات التي حدثت خلال فترة النزاع. ينبغي أن يكون هناك آليات محاسبة وإنصاف للضحايا من مختلف المناطق اليمنية، سواء في الشمال أو الجنوب. هذا النوع من العدالة سيعيد الثقة بين المواطنين وسيؤسس لبيئة أكثر استقراراً بعد النزاع.
اعادة بناء المؤسسات الحكومية:
يجب العمل على إصلاح المؤسسات الحكومية وإعادة هيكلتها بما يتوافق مع معايير الحكم الرشيد، مع التركيز على الكفاءة والنزاهة. يجب أن تكون هذه الإصلاحات مصحوبة بإجراءات لمحاربة الفساد وتطبيق الشفافية في جميع جوانب الإدارة العامة.
التركيز على التنمية المستدامة:
إلى جانب الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي والعسكري، يجب وضع خطة شاملة للتنمية المستدامة تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية الأساسية، وتعزيز الخدمات العامة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين. يتطلب ذلك استثماراً في التعليم، والصحة، والزراعة، والطاقة، والتكنولوجيا.
تعزيز الوحدة من خلال التنوع:
يجب أن تكون الوحدة اليمنية قائمة على قبول التنوع واحترام حقوق الأقليات والمناطق المختلفة. يتطلب ذلك تغييرا في الخطاب السياسي والثقافي ليصبح أكثر شمولاً وتعددية، مما يعزز من فكرة الوحدة الوطنية التي تعترف بالتنوع كقوة وليس كتهديد.