كتابات

تواطؤ المبعوث الأممي مع الميلشيات يجعل السلام أمرا بعيد المنال 

  •  القحطاني ‘ما يفرق الحكومة اليمنية -كمجلس قيادة رئاسي ومكونات سياسية أو عسكرية -أكثر مما يجمعها. لذا، فإن الوسيط الإقليمي ليس لديه ترف اختيار الخيار الجيد، بل هناك خيار سيئ وخيار أسوأ”.
  •  المذحجي “استعادة الجمهورية اليمنية لحضورها السياسي في معادلات الأمن الإقليمية لن يتم إلا بتقليص نفوذ جماعة الحوثيين عسكريا وسياسيا”.
  •  المذحجي “هذه النسخة من خارطة الطريق والمفاوضات بين الحوثيين والسعودية ستؤدي إلى تفاقم الفجوة في ميزان القوى لصالح الحوثيين، وستقوض من فرص الحكومة المعترف بها دوليا، الحليف السياسي للمملكة”.

 

 

 

يمر اليمن بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والسياسية في العالم، حيث تسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات في تدمير البنية التحتية وتفاقم الوضع الإنساني. تتميز الأزمة بتعدد الأطراف المتنازعة بما في ذلك الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران. الوضع الحالي في ظل تواطؤ المبعوث الأممي مع الميلشيات يجعل السلام أمرا بعيد المنال في ظل غياب رؤية واضحة تجمع الأطراف المتنازعة حول تسوية شاملة ومستدامة.

ففي ظل تواطؤ المبعوث الأممي مع الميلشيات يجعل السلام أمرا بعيد المنال في ظل غياب رؤية واضحة تجمع الأطراف.

كان مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حلقة نقاشية تناولت أسئلة محورية تتعلق بجدوى المحادثات بين السعودية وجماعة الحوثيين في تحقيق تسوية دائمة للأزمة اليمنية.

وقال مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية على موقعه شارك في حلقة النقاش “وجهات النظر السعودية واليمنية حول التسوية السياسية في اليمن”، التي عُقدت عبر الإنترنت، ماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء، وبدر القحطاني، مسؤول تحرير ملف الخليج في صحيفة الشرق الأوسط.

 

وفي مستهل حلقة النقاش قال ماجد المذحجي إن “استعادة الجمهورية اليمنية لحضورها السياسي في معادلات الأمن الإقليمية لن يتم إلا بتقليص نفوذ جماعة الحوثيين عسكريا وسياسيا”، موضحا أن ذلك لا يعني استئصال الجماعة، بل إعادة دمجها في مسار سلام مبني على إعادة التوازن في القوة ومن ثم

وحول خارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ نهاية العام المنصرم، قال المذحجي إن “المسار الذي ترعاه المملكة في نسخة خارطة الطريق لا يؤدي إلى السلام الذي يطمح له اليمنيون ولا يلبي تطلعاتهم”.

لمشاهدة اللقاء اضغط على رابط حلقة النقاش

وعزا ذلك إلى أن هذه النسخة خارطة الطريق والمفاوضات بين الحوثيين والسعودية ستؤدي إلى تفاقم الفجوة في ميزان القوى لصالح الحوثيين، وستقوّض من فرص الحكومة المعترف بها دوليًا، الحليف السياسي للمملكة.

 

وأشار إلى أن من حق المملكة إغلاق ملف اليمن. غير أنه تساءل عن كيف ستدير المملكة ذلك في خضم صراع عالمي.

في الواقع خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تمثل محاولة للوصول إلى تسوية دائمة بين الأطراف المتنازعة، إلا أن هذه الخطة تواجه انتقادات لكونها قد تعزز سيطرة الحوثيين بدلا من تقليص نفوذهم. بعض المحللين، مثل ماجد المذحجي، يشيرون إلى أن التفاوض المباشر بين السعودية والحوثيين دون إشراك الأطراف اليمنية الأخرى سيؤدي إلى تفاوت في ميزان القوى لصالح الحوثيين، مما يقوض من فرص الحكومة المعترف بها دوليا.

 

من جهته، استبعد الصحفي السعودي بدر القحطاني أن تكون بلاده هي من فرضت خارطة الطريق. وقال “إذا كان ذلك صحيحًا، فليخرج أحد من مجلس القيادة الرئاسي ويقول إنها خريطة السعودية”.

 

غير أنه أشار إلى أن خارطة الطريق لم تكتمل بعد، إذ ما تزال مسودة قابلة للتعديل والتطوير والنقاش، وقال “ما أعلنه المبعوث الأممي هو حصوله على التزامات من الحكومة والحوثيين. ولولا وجود المشاغبات الحوثية في البحر الأحمر، لكان المبعوث الأممي قد مضى في رسم هذه الخارطة”.

 

وأوضح القحطاني أن بلاده تلعب دور الوسيط مهما حاول الحوثيون أن يقولوا إنهم يتفاهمون مع الرياض مباشرة. مؤكدا أن أي اتفاق سيجري بين الحكومة والحوثيين، كما نفى أن يكون هناك سعي أو إرادة سعودية لتسليم اليمن للحوثيين.

إن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن جاء كنتيجة مباشرة لصفقة سياسية بين السعودية والإمارات، مما جعل الحكومة اليمنية تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي في اتخاذ القرارات. هذا الأمر أدى إلى تفاقم الانقسامات الداخلية وزيادة الصراعات على مستوى المحافظات وعلى مستوى الهوية الوطنية، وهو ما يضعف قدرة الحكومة على التصدي للحوثيين وإعادة بناء الدولة.

في المقابل، أوضح المذحجي أن الثمن السياسي الذي دفعته الحكومة اليمنية بسبب افتقارها للموارد وعدم قدرتها على اتخاذ مسار مستقل هو تقديم تنازلات كبرى في نسخة خارطة الطريق. وقال “الضعف السياسي في الحكومة اليمنية يؤدي إلى انقسامات أعمق في البلاد، على مستوى المحافظات وعلى مستوى الهوية”.

 

وحذر من أن التفاهمات الجارية بين السعودية والحوثيين تؤدي إلى تضخم عناصر القوة بيد الأخيرة.

 

وحث المملكة على أن تأخذ في الاعتبار مصالح اليمنيين وأن تدير ملف الخروج من الصراع في اليمن بطريقة تراعي أمنها القومي وأمن الخليج.

 

وقال “ما نطلبه هو ليس التوقف عن الحوار مع الحوثيين، بل التوقف عن الإذعان لطلباتهم”.

أشار المذحجي إلى الحرب الاقتصادية الأخيرة وقرارات البنك المركزي اليمني التي جرى التراجع عنها، وقال إنها مثال على القرارات غير الملائمة.

 

وبحسب المذحجي فإنه “لم يُجرَ أي حوار سياسي بين الأطراف اليمنية ولا أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بل تنازلات فُرضت وقُدمت للحوثيين في ليلة، وهذا بدا لليمنيين بروفة أولى لنسخة السلام التي يُمكن أن تُفرض عليهم دون أن يُأخذ فيها رأيهم”.

إن الحوار الموضوعي كما نراه يجب أن يكون يمنيا-يمنيا بمشاركة كافة الأطراف السياسية والعسكرية، بما في ذلك المكونات الجنوبية والحراك الشعبي في تعز والحديدة ومأرب. يجب أن يكون هذا الحوار بمظلة دولية ومحلية محايدة تسعى إلى ضمان التوصل إلى حل يتفق عليه الجميع ويحترم الوحدة الوطنية.

وفي المقدمة من المهم إعادة بناء الجيش اليمني والقوات الأمنية على أسس وطنية غير حزبية أو مناطقية، مع دمج المقاتلين الحوثيين في الجيش والقوات الأمنية كجزء من التسوية السياسية. هذه الخطوة قد تساعد في تقليص النفوذ الحوثي العسكري وتحقيق نوع من الاستقرار على المدى البعيد.

من جانبه، عبر القحطاني عن تفهمه للغضب من تراجع مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن قرارات البنك، إلا أنه قال “منذ عام 2022، هناك سعي سعودي للحفاظ على التهدئة. ولا يمكننا أن نحكم على سلام من خلال نقطة أو منعطف اقتصادي بسيط”.

ووفق الخبير اليمني ماجد المذحجي فإن للسعودية والإمارات نفوذا كبيرا وقرارًطا علي مجلس القيادة الرئاسي، مما يجعل من الصعب على الحكومة اليمنية اتخاذ قرارات مستقلة.

 

أرجع المذحجي ذلك إلى أن المجلس جاء نتيجة صفقة سياسية بين الرياض وأبو ظبي، جمعت أطرافا من معسكرٍ منقسم سياسيا وممول من الدولتين.

نرى أن الحل الأمثل هو إعادة التوازن والردع،فالحل للأزمة اليمنية لا يكمن في إقصاء الحوثيين أو خضوعهم الكامل، بل في إعادة دمجهم ضمن مسار سياسي يضمن إعادة التوازن في القوة ومن ثم تحقيق الردع. الحل يجب أن يعتمد على تسوية تستند إلى مشاركة جميع الأطراف المعنية بما في ذلك الحوثيين ولكن ضمن إطار يحد من نفوذهم العسكري والسياسي.

من جهته، دافع القحطاني عن الموقف السعودي من مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وقال إن الاتهامات للمجلس الذي تشكل عام 2022 نتيجة مشاورات الرياض، بأنه مجلس سعودي وقراراته سعودية، غير دقيقة.

 

في الوقت نفسه، قال القحطاني إن ما يفرق الحكومة اليمنية -كمجلس قيادة رئاسي ومكونات سياسية أو عسكرية -أكثر مما يجمعها. لذا، فإن الوسيط الإقليمي ليس لديه ترف اختيار الخيار الجيد، بل هناك خيار سيئ وخيار أسوأ”.

ورغم أنه لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة في العلاقات الدولية، بل مصالح ومعطيات لكل مرحلة، إلا أن السعودية لم تتخلَّ عن أي حليف، بحسب القحطاني.

إن عملية إعادة الإعمار يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من أي تسوية سياسية. يجب أن تشمل هذه العملية إصلاح البنية التحتية المدمرة، ودعم الاقتصاد المحلي، وتحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. يمكن أن تلعب دول الخليج دورا كبيرا في تمويل هذه العملية، لكن يجب أن تكون بإشراف دولي لضمان عدم انحرافها عن أهدافها.

ومن الضروري أن تمارس القوى الدولية والإقليمية مثل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا ضغوطا أكبر على الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار والالتزام بخارطة طريق تضمن تحقيق السلام والاستقرار. يجب أن يكون هناك دور أكبر للمنظمات الدولية في مراقبة تنفيذ الاتفاقات وإجبار الأطراف على الالتزام بها.

إن الدور السعودي والإماراتي يجب أن يتحول من دعم عسكري مباشر إلى دور وساطي حقيقي، حيث يمكن لهذين البلدين استخدام نفوذهما لدفع الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات. يمكن للسعودية والإمارات ضمان استمرار الدعم الاقتصادي لليمن، ولكن بشروط تضمن تحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدول.

يتوجب دعم المملكة العربية السعودية وقود الكهرباء في عدن ،

وإعادة توحيد البنك المركزي اليمني وإصلاح النظام المالي والاقتصادي يجب أن تكون من الأولويات. السياسات الاقتصادية الرشيدة ستساعد في تقليل نفوذ الحوثيين الذين يعتمدون على الفوضى الاقتصادية لتحقيق تطلعاتهم اللامشروعة.

 

 

 

 

.