كتابات

قصيدة خالدة .. لأديب خالد 

قصيدة يمنية خالدة لم تمت ولن تمت ومن لا يعرفها ولم يقراها ولم يسمعها لا يعرف اليمن معرفة العارفين وصاحب القصيدة روح خالدة بعد رحيل الجسد.

ونحن صغار قرأناها بل وقرأها كل صغار اليمن في مقرر المنهج الدراسي في التعليم الإعدادي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي فيما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية .. وحفظناها عن ظهر قلب .. وظللنا نرددها كبارا ولن ننساها حتى اخر نفس ..وقد قال عنها الأستاذ عمر الجاوي ( رحمه الله ) قصيدة أصبحت تتردد في كل مكان وعبرت عن وضع اليمن كل اليمن في تلك المرحلة … وقال عنها الدكتور الأكاديمي المصري أحمد القصير عبرت عن رؤية شاملة لأوضاع اليمن بكافة مناطقه كما استشرف الشاعر فيها المستقبل..

 

القصيدة حملت في كلماتها معان ومعاناة وغضب ورفض وصراخ في وجه الظلم وارباب الظلام.. وعبرت عن يمن وشعب كان حاضرا في جحيم العبودية وتنبا لهم الشاعر في هذه القصيدة بأيام جديدة..و بشرهم فيها بثورة عارمة وهي ثورة 26 سبتمبر 1962م …كما عبر فيها الشاعر عن فخره واعتزازه بانتمائه إلى اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا …

 

ففي عام1931م وفي حارة الهنود بمدينة الحديدة عاصمة تهامة اليمن كانت ولادة صاحب القصيدة..

وفي سن مبكرة وتحديدا 1936م التحق بالدراسة الابتدائية ثم الإعدادية حتى الصف الثاني الاعدادي في مدرسة السور ثم المدرسة السيفية ( مدرسة خولة حاليا ) في مدينة الحديدة،..

وفي 1947م كان صاحب القصيدة في سن ال17 عشر من العمر بدأ نشاطه المعارض للحكم الامامي فقام الامام يحي بن حميد الدين بأبعاده مع مجموعه من المعارضين ( الدكتور حسن مكي واللواء محمد الاهنومي ) إلى بيروت للدراسة …

وببلوغه ال18 من العمر وتحديدا في عام 1948م بدأ بزوغ نجمه كشاعر ..وفي العام 1949م انتقل من بيروت إلى القاهرة لإكمال دراسته..وفي 1951م كتب قصيدته التي نحن بصدد الحديث عنها وهي قصيدة ( أنا يمني واسأل التاريخ عني أنا يمني ) التي غناها الفنان الفقيد ابراهيم طاهر ( رحمه الله ) في عام 1966م في الحديدة بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة 26سبتمبر1962م…

وصاحب القصيدة هو الشاعر والمناضل والسياسي والتربوي, هو الانسان الاديب الخالد الفقيد ابراهيم علي ابراهيم صادق والمعروف بابراهيم صادق ( رحمه الله ) ..ويقول في قصيدته انا يمني :

أنا يمني 

 واسأل التاريخَ عنِّي 

 أنا يمني

  أنا كَوَّنْتُ “مَعِيناً” و”سَبَأ”٠

 أنا مَنْ شَيَّدَ غُمْدَانَ ومأربْ

 أنا لولا أنَّ أمّي والأبا

  صَنْعَا صَنْعَاء فناراً للأجانبْ

  كانتِ الدنيا ظلاماً

  كانت الدنيا جحِيمْ

 لا ترى فيها سلاماً

  او نبيّاً أو عظيم

  وسأبني موطناً 

وسأبني مِن جديدْ

  صائحاً يا أيها التاريخ سجّلْ

  أنا يمني 

 أنا إنْ نمْتُ على الضيم زمانَا

وأذاقُوني لهيباً وهَوانا 

 فأنا اليوم سأمْضي صارخاً 

 لم أَعُدْ يا أيُّها الباغي جَبانا

  لم تَعُدْ بلدي رَهائنْ

  لم يَعُدْ أهلِي عبيدْ 

 لم يَعُدْ قلبي بواهنْ

 إنّما اليومَ حديدْ 

 وسأبني موطناً 

 وسأبني مِن جديدْ 

 صائحاً يا أيها التاريخ سجّلْ

  أنا يمني

ثورةٌ تبعثُ للعالَم حِمْيَرْ 

 ثورةٌ تُهدي إلى الشعب السلامْ

 ثورةٌ فيها رؤوس الظلم تُكْسَرْ 

ثورةُ الماضي على عهدِ الظلامْ 

أنا بَتْرُولٌ ونارٌ 

في وُجُوهِ الظالمينْ 

 أنا روضٌ واخْضِرارٌ

 لِجُمُوع الكادحين

 وسأبني موطناً 

وسأبني من جديدْ

 صائحاً يا أيُّها التاريخ سجّلْ 

 أنا يمني )..

 

https://youtu.be/ZdReVaE6LqI?si=VdP4z1veswuMxnTG

 

قصيدة خالدة وشاعرها الخالد ابراهيم صادق هو من قال عنه الدكتور عبدالعزيز المقالح رحمه الله : ” كان له كثير الفضل في الانتقال بالشعر من خانة القول المأثور إلى خانة القول الثائر “…وهو صاحب ديوان عودة بلقيس 1981م وديوان اغاني للشعب الذي صدر ضمن أعماله الكاملة عن وزارة الثقافة في2004م وقصيدة عودة بلقيس ومملكة عزرائيل ويوم العيد واشعب انت ام احجار وسندمر البيت الذي قادنا وسنمضي إلى الوراء ولن نموت ..الخ….وهو صاحب اغاني ليلتين وخايف بس انا خايف وربيع الحب وانا احبك ومش مشكلة وغدا سنلتقي وليل نهار وعودة بلقيس وياطير كم احسدك وحته من امخنه وفات الاوان ..وهو صاحب مسرحية اللاعبون بالنار ..

 

وكما أجبر ابراهيم على الخروج من اليمن في 1947م فقد أجبر على العودة إلى اليمن في 1957م على خلفية انتمائه لليسار وبسبب نشاطه وشعره الثوري المحرض تمت ملاحقته ومضايقته من قبل الامن المصري وتم ترحيله إلى السعودية والتي بدورها اعتقلته وأرسلته مع رفيق له إلى الامام احمد في مدينة تعز تطبيعاً للعلاقات مع الإمام وإثبات حسن النوايا وتوطيد التعاون وأودع في (سجن الشبكة) أو سجن العرضي بتعز ..

ومن معتقله في تعز إلى مدينته الحديدة التي مكث فيها بقية سنوات وايام حياته حتى وفاته..

 

يعد ابراهيم صادق من مؤسسي حركة اليسار في اليمن، ومن رواد الشعر الحديث في الوطن العربي، وأحد مؤسسي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، واول رئيس للاتحاد في الحديدة من 1983م حتى وفاته في 20فبراير 1989م .وموسس مجلة اليراع 1985م الصادرة عن فرع الاتحاد وموسس نادي الفنون الشعبية في الحديدة 1982م..وهو من رفض كل الإغراءات للتنازل عن مبادئه وهو من ناضل وقاوم وصمد في مقاومته ولوحق وطورد واعتقل حتى وافاه الأجل في20 فبراير 1989م في مدينة الحديدة شريفا كريما عزيزا نزيها عظيما رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه فسيح جناته ..

 

وفي الختام الفقيد الأديب إبراهيم صادق رحمه الله هو من قال :

نمارس التفكير

بالتخدير

بالنعاس

مقيلنا قات

ليالينا

تواشيح وكاس..

———-انتهى ———