“الان نبدأ كتابة التاريخ اليمني القديم”
قالها عام 2005 البروفيسور الفرنسي كريستيان روبان (اشهر عالم في الاثار اليمنية) امام عدد من الاكاديميين اليمنيين والفرنسيين في منزل الدكتورة الراحلة مديحة رشاد (كانت حينها رئيسة قسم الاثار في جامعة ذمار).
قالها بعد لقاء مع المرحوم الدكتور خلدون نعمان جمعه بعد أن استعرض خلدون (حينها كان لديه ماجستير فقط) في فلاش ميموري الكم الهائل من الصور للنقوش والمواقع الاثرية التي التقطها خلدون وايضا بعد معرفة كريستيان روبان بأبحاث ودراسات الدكتور خلدون.
سأل البروفيسور روبان خلدون حينها : (اين اللابتوب الخاص بك؟)
– لا امتلك لابتوب او كاميرا. أجاب خلدون الذي كان يحلم حينها بامتلاك ولو كمبيوتر مكتبي.
– خذ اللابتوب الخاص بي.. وايضا الكاميرا. قالها روبان مبتسما
اندهش خلدون (رحمه الله) وشكره كثيرا. وبدأ مشوارا طويلا من الأبحاث مع باحثين كثر ومع كريستيان روبان اخرها بحث صدر قبل عامين تقريبًا مع روبان عن نقوش سبأية وجدت في شرق الصومال.
اشتغل خلدون كثيرا في البحث العلمي، وفي تأسيس متحف جامعة ذمار مع الدكتورة الراحلة مديحة رشاد والدكتور فضل العميسي Fadhl Alomaisi (حينها كان خلدون وفضل معيدان)
واشتغل خلدون في ترتيب وتوثيق كل القطع الاثرية في متحف بينون.
واشتغل في مدونة النقوش السامية (DASI) أهم مدونة تحتوي على النقوش اليمنية القديمة في الانترنت، وهو مشروع إيطالي ضخم.
ومشاريع اخرى لا يتسع الوقت لذكرها
كان خلدون رحمه الله مكتبة حقيقية تمشي على قدمين. لا يبخل بالمعلومة التي أصلا لن نجد اغلبها تقريبا الا عنده. يحيط به الباحثون ويتصلون به ليل نهار للاستفسار عن معلومة ما او نقش ما. وكان لديه اضخم مكتبة الكترونية للكتب والدراسات الاثرية. نسختها ونسخها مثلي العشرات من الباحثين وما زالت مسجلة في لابتوباتنا باسم (مكتبة خلدون)
حينما كان يكلمنا عن التاريخ كنا نقف امامه كما الأطفال. مثل الصورة المرفقة التي التقطت في بوابة نفق بينون في رحلة لموظفي واكاديميي كلية الاداب عام 2019.
بمناسبة الكاميرا واللابتوب اللتان اهداهما له كريستيان روبان عام 2005. زرته بعدها بايام، وقلته له انت اول شخص يمتلك لابتوب في المعيدين في ذمار. (حينها كان قليلون من المعيدين يمتلكون كمبيوترات مكتبية ما بالكم اللابتوب).
فقال لي: انا مثل شخص كان يسافر من القرية إلى القرية كل يوم على قدميه ويحلم كل يوم بامتلاك حمار يساعده على السفر.. وفجأة اجدني امتلك سيارة اخر موديل.
ما زلت مصدوما بجد ولم استوعب بعد رحيله الدكتور خلدون نعمان.
رحم الله خلدون العالم الكبير الجليل واعاننا الله (اسرته وأصدقائه وزملائه) في مصيبتنا العظيمة.