مفهوم الإبتزاز الإلكتروني مفهوم واسع ولا يقتصر على إبتزاز الفتيات فقط بل يشمل الأفراد والشركات والمؤسسات وحتى الدول ولكن يبدو لكوننا مجتمع المرأة فيه الحلقة الأضعف، بصورة ما يتم تكيف مفهوم الإبتزاز الإلكتروني حول المرأة فقط في حين انه يتعين على الجميع الحذر من الوقوع كضحايا للإبتزاز الإلكتروني وأن تصبح الوقاية من الوقوع في فخ الإبتزاز الإلكتروني وعي عام وشامل وتوجه رسمي للدولة في المقام الأول، كما أن الإبتزاز الإلكتروني لايمس السمعة فقط او ما يسمى “بالشرف” بل يتعدى ذلك إلى تدمير الإقتصاد وثقة المستثمرين وخسائر مالية وحتى عسكرية.
وهناك جملة من الأسباب التي قد تؤدي إلى الوقوع في فخ الإبتزاز الإلكتروني وهي ضعف الوعي الأمني حيث أن ضعف المعرفة بالسلامة الرقمية وطرق حماية البيانات الشخصية يؤدي إلى تسريب المعلومات الحساسة التي قد يستخدمها المبتز في تنفيذ أجندته، و الاستخدام غير الآمن للإنترنت حيث أن تحميل الملفات غير المعروفة، والنقر على الروابط المشتبه فيها، ومشاركة المعلومات الشخصية علنًا يمكن أن تؤدي إلى اختراق الحسابات، و الهجمات الإلكترونية إذ يمكن أن يقوم المبتزون بالوصول إلى البيانات الشخصية من خلال البرامج الضارة أو التصيد الإلكتروني لإيقاع الضحية والوصول لبياناته لإستخدامها كوسائل للإبتزاز، و الثقة المفرطة بالآخرين حيث ان مشاركة الصور أو المعلومات الشخصية مع أشخاص غير موثوقين، قد يسهل استغلال هذه البيانات لاحقًا.
للإبتزاز الإلكتروني اشكال عدة وقد تختلف بناء على دوافع المبتز منها التهديد بنشر معلومات حساسة مثل الصور أو الفيديوهات الشخصية التي يتم الحصول عليها بطرق غير شرعية، أو التهديد بكشف معلومات خاصة أو محرجة للشخص المستهدف أو المطالبة بالمال مقابل عدم نشر أو كشف معلومات معينة، أو الضغط على الضحية لتحقيق مطالب معينة تحت تهديد الأذى النفسي أو العاطفي، أو قد يكون بدافع الإنتقام، واحيانا قد يكون بدافع التنافس مثلا في مايتعلق بالشركات، أو تسريب البيانات المالية للشركات وحسابات العملاء..الخ.
وللحماية من الوقوع في فخ الإبتزاز لابد من تعزيز الوعي حول المخاطر الإلكترونية وأهمية حماية المعلومات الشخصية والبيانات والابتعاد عن قبول طلبات الصداقة العشوائية في مواقع التواصل الإجتماعي وتجنب الإتصال بالشبكات المفتوحة وخاصة في الأماكن العامة، كما أن استخدام كلمات مرور قوية وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين لحماية الحسابات الشخصية أمر بالغ الأهمية، وتجنب الثقة الزائدة و عدم مشاركة المعلومات الشخصية أو الصور الحساسة مع أي شخص غير موثوق به، ولابد من استخدام برامج مضادة للفيروسات وجدران الحماية لتأمين الأجهزة الشخصية والشبكات المنزلية وفي المؤسسات، والأمر الأكثر أهمية هو تعزيز الثقافة المجتمعية التي تدعم الضحايا وتحميهم من الاستغلال والابتزاز وعدم الرد على التهديدات ومحاولة الحصول على مساعدة من الجهات المختصة مثل الشرطة وتشجيعهم على التحدث دون خوف، كما أنه من المفيد تعليم مثل هذه الأمور للأطفال، وتوجيههم حتى يتعرفوا على كيفية مكافحة الابتزاز والقضاء علية، ليتجنبوا الوقوع ضحايا لجرائم الابتزاز الإلكتروني، وعدم تجاوبهم مع أي أحد مجهول عنهم.
لاتزال اليمن مع الأسف تعاني من قصور في أخذ الأمن السيبراني على محمل الجد وكقضية مصيرية أًصبحت أحد أهم أساسيات العالم اليوم وفي المستقبل، أقصد هنا الأمن السيبراني كمفهوم واسع وعام وليس حصرا في الإبتزاز الإلكتروني ، بالرغم أنه حتى قضايا الإبتزاز الإلكتروني لا يتم إيلائها القدر الكافي من الجدية ولاتوجد حتى الآن قوانين ناظمة من شأنها أن تحد من جرائم الإبتزاز الإلكتروني التي تقع على المواطنين والشركات والمؤسسات. ولابد من وجود قوانين وجزاءات رادعة لكن لابد أن تأتي في إطار استراتيجة شاملة للأمن السيبراني في اليمن ككل وهذا يتطلب جهود كوادر متخصصة في مجال الأمن السيبراني، بحيث تبنى هذه الاستراتيجية على أسس واضحة ودقيقية وشاملة تهدف إلى أن تحط اليمن قدمها في هذا المجال الهام والحيوي وتستغل العقول اليمنية لتكون سباقة في مجال الأمن السيبراني والصناعات السيبرانية التي أصبحت اليوم محور أهتمام كبير وأساسي في العالم، وقد تحدثت في مقال سابق عن أهمية إنشاء الجهاز المركزي للأمن السيبراني وسوف أتحدث في مقالات قادمة عن إطار استراتيجية الأمن السيبراني جوانبها ومحدداتها وأفقها.