هل لي أن أفكر بصوت عال؟ وهل لنا جميعًا أن نطرح ما أفكر به للنقاش؟ النقاش الذي يفضي إلى نتائج حقيقية على أرض الواقع وليس على أرض الورق للأرشفة!
ما أفكر به وبصوت عال معكم، هو موقع الأدب اليمني على خارطة الأدب العربي من جهة وعلى خارطة الأدب العالمي من جهة أخرى! هل له وجود ومكانة راسخة وقوية أم لا؟ وإن كان كذلك فلماذا يثير وجود أديب/ة يمني/ة التساؤل والاندهاش في المشاركات الأدبية خارج اليمن بنصوصهم التي توازي كل ما هو موجود على الساحة، وبحضورهم الفاعل في النقاش والتحاور؟
نظرة الاستغراب هذه منبعها أنهم لم يسمعوا أو حتى يقرأوا عن الأدب اليمني، فيما عدا بعض الأعمال الأدبية لكُتاب انحصر الأدب اليمني بهم حتى وقتنا الراهن. وأنا أقول هنا ليس بسبب قلة النصوص، لأن السنوات الأخيرة شهدت زخمًا أدبيًا كبيرًا في الشعر والقصة والرواية، ولكن بسبب عدم وجود الوسائل التي تنهض بهذه النصوص وتعرف بها وتنشرها خارج اليمن ليتم التعرف عليها! لن أتطرق هنا لدور المؤسسات الحكومية كوزارة الثقافة واتحاد الأدباء والكتاب والهيئة العامة للكتاب، لأن هذا موضوع آخر.
لكن سأتحدث عن عنصرين هامين في التعريف بالأدب اليمني خارج حدوده، وهذان العنصران هما السبب الرئيسي في انتشار الأعمال الأدبية في الوطن العربي خارج حدوده. أولهما هو عنصر النقد الأكاديمي، الغائب تمامًا عن الساحة الأدبية اليمنية وعن متابعة جديدها! وتملص النقاد من دورهم المهم في هذا الجانب، وعدم تبنيهم لأي مشروع حيوي للنهوض بالأدب اليمني والتعريف به للخارج، على العكس تمامًا بما قام به معظم نقاد الوطن العربي في المشرق والمغرب العربي، من منطلق حتمية الاستمرار وتتابع الأجيال في سيرورة الحياة التي لا يمكن إيقافها!
قراءة استقرائية بسيطة قمت بها لأحد الملاحق الثقافية الهامة في إبراز الوجه الثقافي لليمن وهو ملحق صحيفة الثورة الثقافي ولمدة أربعة أشهر نجد أهم وأبرز كتابها مشغولون بالنصوص العربية أكثر من النصوص المحلية دون وجود حتى اتساق أو تناوب فيما بينها، وكتابها الآخرون مشغولون بدراسات تاريخية للأدب الجاهلي أو الإسلامي أحيانًا، واحتفال بمرور مئويات لعظماء، وتجاهل ميلاد عظماء قادمون لا محالة!… وكأنهم لا يعيشون بيننا، ولا يتفاعلون مع جديد ما ينشر من أعمال أدبية تستحق الالتفات لها من باب الواجب الأدبي الذي تفرضه المهنة عليهم.