تجددت قضية اختفاء واختطاف عدد كبير من الأطفال اليهود اليمنيين خلال اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي في اسرائيل.فعلى مدى أكثر من ستة عقود خلت، تفصح قضية اختفاء هؤلاء عن مشكلة حرجة داخل الثقافة الاسرائيلية. وقبل أيام عادت إلى الواجهة قضية إختطاف الالآف من أطفال اليهود المهاجرين من اليمن، حاملة دلالات ومعاني حول عنصرية تجاه العنصر العربي اليهودي والهيمنة الثقافية لليهود الغربيين وتراتبية الهويات في المجتمع الإسرائيلي.
يبدو حزب” الليكود” اليوم في اختبار أخلاقي وثقافي واجتماعي ستكون له آثاره داخل الكيان الإسرائيلي بلا شك، ما لم يتم تصحيح خطيئة التاريخ وجبر الضرر وتجسير هوة التنافر الثقافي.
ذلك أن صراع الهويات يحتدم داخل الكيان ، وتتمظهر التباينات الثقافية طبقيا في الدولة اليهودية ما بين المهاجرين والمستوطنين.
تعرض هؤلاء الأطفال لمأساة الخطف من أُسَرهم في ذلك الوقت ليباعوا للأسر اليهودية الأوروبية الاشكناز، وما زالت هذه الحادثة لغزاً محيراً في دوافعها الحقيقية وأسبابها إلى اليوم. غير ان هناك من يرجح خضوعهم لاختبارات عرقية وجينية، تتصل بالتاريخ الغامض للمسألة اليهودية عموماً والتلفيقات التي تمت باسمها وزيفت حقائق تاريخية وجغرافية – حسب باحثين.
ذلك أن الوجود اليهودي في اليمن، يثير قضية علاقة تلك التجمعات اليهودية القديمة ببني إسرائيل الأصليين. فضلاً عن أطروحات بطلان مزاعم الأصل الواحد ليهود العالم. ثم إن قبيلة بني إسرائيل موجودة بذات الإسم مابين محافظتي أبين وشبوة جنوبا.وهي مذكورة في كتاب صفة العرب والاكليل العظيم الهمداني.
وفقاً لشكاوى يهود يمنيين، ممن هاجروا مبكراً إلى الدولة اليهودية، فقد فصلت السلطات بينهم وبين أطفالهم، ونقلت الكثير منهم إلى المستشفيات بحجة علاجهم، رغم أن عدداً قليلاً منهم فقط كانوا مرضى ويحتاجون للعلاج، وعند ذهاب الأهل لزيارة أطفالهم فى المستشفيات، كان يقال لهم أن الطفل توفي، ودفن وهو أمر تكرر مع مئات من يهود اليمن حينها.
تعتبر الطائفة اليهودية في اليمن، من أقدم الطوائف اليهودية في العالم. “استطاعوا أن يحافظوا على التراث اليهودي عبر العصور حتى في أحلك الظروف”.
ووفقاً لدراسات جينية، تنتشر بين يهود اليمن موروثات منتشرة بين القبائل اليمنية ذات الأصول السبئية. فيما التوراة مكتوبة بالعبرية السبئية .وفي ظل التباسات جغرافية التاريخ اليهودي نفسه، والتي ما زالت محيرة حتى اللحظة، تنطوي أقلية يهود اليمن على أسرار عرقية وتوراتية، لم تتعرض للتحريف والتجريف بعد.
وبحسب عالم السبئيات واليهودية الدكتور العراقي فاضل الربيعي فإن جغرافية التوراة ليست في فلسطين وانما في اليمن.
والحال انه لا توجد حقيقة تاريخية محددة تضع وجود اليهود في اليمن داخل إطار انثروبولوجي ملائم بحسب المخيال اليهودي المكرس. وبحسب العالم الانثروبولوجي يوجين بيتارد في كتابه “الجنس والتاريخ”: “.. كما أنه لا يوجد جنس يهودي، لا يوجد جنس مسيحي، أو جنس إسلامي، وإنما اليهودية ديانة لها أتباع من كل الأجناس البشرية”.
لكن معطيات جريمة خطف أطفال يهود اليمن بمختلف قصصها المؤثرة، استمرت تستفز يهود المشرق بشكل خاص. وطوال عقود، استمر التعتيم على الموضوع، غير انه صار يشغل الرأي العام في إسرائيل حاليا.
عرف اليمنيون اليهودية قبل الميلاد بينما دخلت أوروبا لاحقا بقرون.
وإذ يمكن القول أن الحادثة وقعت ضمن الصراع الديمغرافي والثقافي بين اليهود الشرقيين والغربيين، فإن ثقافة اليهود الغربيين امتازت عموما بالاستعلاء على ثقافة اليهود الشرقيين.
ويا ترى: هل كان “التحسين العرقي” في بال الخاطفين مثلاً؟ وأي عنصرية هذه؟
يقول “س.ع”-وهو من أقلية اليهود الذين يعانون الإضطهاد ولا يتجاوز عددهم اليوم في اليمن 200 نسمة ويسكن في صنعاء وقد طلب عدم ذكر اسمه بينما له أقرباء في إسرائيل: “تعزز هذه الحادثة بالنسبة لليهود اليمنيين هناك فكرة الهوية والجذور، فقد جعلتنا نكتشف عنصرية الصهيونية، وتحديات الإندماج والخصوصية، ولذلك كافحنا على مدى أجيال في الإحتجاج على ما جرى، ونشر التعاطف مع الضحايا وعائلاتهم على نطاق واسع، وتكريس مكانة عدم الرضوخ لثقافة مؤسسات النخبة الاشكنازية الغربية التي تشوه تراث وثقافة يهود المشرق واليمن على وجه التحديد”.
تعرض هؤلاء الأطفال لمأساة الخطف من أُسَرهم في ذلك الوقت ليباعوا للأسر اليهودية الأوروبية الاشكناز، وما زالت هذه الحادثة لغزاً محيراً في دوافعها الحقيقية وأسبابها إلى اليوم. غير ان هناك من يرجح خضوعهم لاختبارات عرقية وجينية، تتصل بالتاريخ الغامض للمسألة اليهودية عموماً والتلفيقات التي تمت باسمها وزيفت حقائق تاريخية وجغرافية – حسب باحثين.
ذلك أن الوجود اليهودي في اليمن، يثير قضية علاقة تلك التجمعات اليهودية القديمة ببني إسرائيل الأصليين. فضلاً عن أطروحات بطلان مزاعم الأصل الواحد ليهود العالم.
ووفقاً لشكاوى يهود يمنيين، ممن هاجروا مبكراً إلى الدولة اليهودية، فقد فصلت السلطات بينهم وبين أطفالهم، ونقلت الكثير منهم إلى المستشفيات بحجة علاجهم، رغم أن عدداً قليلاً منهم فقط كانوا مرضى ويحتاجون للعلاج، وعند ذهاب الأهل لزيارة أطفالهم فى المستشفيات، كان يقال لهم أن الطفل توفي، ودفن وهو أمر تكرر مع مئات من يهود اليمن.
وتعتبر الطائفة اليهودية في اليمن، من أقدم الطوائف اليهودية في العالم. “استطاعوا أن يحافظوا على التراث اليهودي عبر العصور حتى في أحلك الظروف”.
ووفقاً لدراسات جينية، تنتشر بين يهود اليمن موروثات منتشرة بين القبائل اليمنية ذات الأصول السبئية. وفي ظل التباسات جغرافية التاريخ اليهودي نفسه، والتي ما زالت محيرة حتى اللحظة، تنطوي أقلية يهود اليمن على أسرار عرقية وتوراتية، لم تتعرض للتحريف والتجريف بعد.
والحال انه لا توجد حقيقة تاريخية محددة تضع وجود اليهود في اليمن داخل إطار انثروبولوجي ملائم بحسب المخيال اليهودي المكرس. وبحسب العالم الانثروبولوجي يوجين بيتارد في كتابه “الجنس والتاريخ”: “.. كما أنه لا يوجد جنس يهودي، لا يوجد جنس مسيحي، أو جنس إسلامي، وإنما اليهودية ديانة لها أتباع من كل الأجناس البشرية”.
مؤخراً نوقشت القضية على أعلى المستويات في الكنيست الاسرائيلي. وقال تساحي هنغبي، المكلف بفحص هذا الملف الذي أعلنت بشأنه عدة لجان تحقيق على مدى سنوات من دون نتيجة شفافة صريحة مقبولة، إنه “حدثت بالفعل عملية سرقة لآلاف الأطفال عمدًا”. وأضاف: “لقد أخذوا أولادهم، الذين حملت بهم أمهاتهم طوال 9 أشهر، سرقوهم وسلموهم لآخرين. لا أعرف لمن. آمل أن نتمكن أخيرًا، من خلال دراسة المواد، من فهم المسألة حتى العمق وحل هذه المأساة”. كما تطرق هنغبي إلى شأن ما إذا تم تنظيم اختطاف الأطفال من قبل المؤسسة أم لا. لكنه اختار ترك السؤال مفتوحًا، وقال: “هل كانت المؤسسة تعرف أم لا؟ هل نظمت أم لم تنظم؟ ربما لن نعرف ذلك أبدًا”.
كان رئيس لجنة يهود اليمن في اسرائيل، موشيه ناحوم، هدد علانية في 2001 بالتوجه إلى المحكمة الدولية في لاهاي ضد الحكومة الاسرائيلية مطالباً بمحاكمة المسؤولين عن اختطاف المئات من اطفال اليهود اليمنيين.
وجاء هذا التهديد على خلفية صدور نتائج لجنة تحقيق رسمية، تبرئ حكومات إسرائيل من مسؤولية اختفاء حوالى 900 طفل من اليهود اليمنيين في حينه. وعملت اللجنة طيلة سبع سنوات، وتمكنت من الوصول الى نتيجة نهائية ازاء 830 طفلاً، قالت ان الحقيقة اتضحت بشأنهم، بعضهم توفوا، وبعضهم وصلوا إلى التبني، وبقي هناك اطفال يئست اللجنة من التعرف إلى خيط في قضيتهم. وأكدت أن سبب هذه المشكلة هو الإهمال من طرف موظفي الوكالة اليهودية، وليس سياسة رسمية ضد اليمنيين.
وبحسب المصادر فإن ما يزيد عن 300 ألف يهودي يمني يعيشون اليوم أسوأ نتائج التفرقة الصهيونية والثقافية في إسرائيل. جدير بالذكر أن يهود اليمن برعوا وتفننوا في صناعة الخنجر اليماني الشهير بـ”الجنبية” والإبداع منقطع النظير في صياغة الفضة والذهب والتطريز والأزياء والغناء وفنون الحدادة والنجارة والعمارة والتجارة وصك العملة قديما.
وعلى وجه التحديد يُعدّ اليهود الذين من أسر يمنية أبرع الموسيقيين والمطربين في إسرائيل اليوم والأكثر حفاظاً على خصوصيتهم الثقافية اليمنية في الايقاعات والألحان. إلا أن الاشكالية تكمن في ان اسرائيل تعمل جاهدة لتقديم الموسيقى اليمنية على انها تراث يهودي، مع انها نتاج بيئتها الاجتماعية الثقافية اليمنية.
ويقول الباحث الاميركي في شؤون يهود اليمن أفرايم ايزاك: “يتفرد اليهود اليمنيون بأشياء عديدة، فهم يمثلون نموذجاً مصغراً لليهود العرب في الشرق الأوسط بقيمهم وثقافتهم والتي تتجلى في ملبسهم ومأكلهم وتقاليد الزواج والموسيقى والعديد من أنماط الحياة الدينية والعامة والتي تشابه نمط الحياة العربية.
وكغالبية الجماعات اليهودية الأخرى حافظ اليهود اليمنيون على أدق تفاصيل الشريعة والتعاليم اليهودية القديمة، بل إنهم الفئة اليهودية الوحيدة في العالم التي تقرأ الكتاب المقدس لليهود مرفق بتلاوة مسموعة للترجومة الآرامية وفقا لتقاليد الكنيس اليهودي القديم وكما وردت في التلمود؛ يتلو أولادهم الكتاب المقدس في أربع اتجاهات في محيط دائري بينما يتلوه كبار السن عن ظهر قلب.
وتتميز تلاوتهم بأن نطقهم يرجع على الأقل إلى عهد العصور الوسطى، فبحسب علماء الأصوات الذين درسوا أصواتهم فإن أسلوبهم الخاص في النشيد واتساق أصواتهم تعود إلى عهد موسيقى الكنيسة القديمة وكترنيمة “جيرجوريان” وكلاهما متأصل في موسيقى الشعائر القديمة للهيكل في القدس “.
أغنية ليهود اليمن في مقيل القات