كتابات

سنظل نتطلع إلى اليمن الذي حلمنا به

انزياحات

لعلّ كل مايحدث الآن لايمت للعصر بصلة، ولا للحلم الكبير الذي يوحّد الهوية الوطنية خلفه كما فعل – في البدايات النقية لثورة 2011- حلم الدولة المدنية الحديثة.

ذلك أن التأجيجات الطائفية تقلقلنا على مستقبل البلاد والعباد إضافة إلى المغامرات الإقليمية سيئة التقدير بشأن اليمن. فهناك أنانيات مهووسة للحوثيين يؤجّجها مبدأ الولاية الذي يؤمنون به وهو المبدأ اللا ديمقراطي والتمييزي، فضلاً عن ارتدادات وانهيارات وطنية وسياسية واجتماعية، واقتصادية، وأمنية، وعسكرية، وثقافية قادت إلى انتعاش القاعدة التي لايعنيها سوى مبدأ الخلافة الرجعي مايعني أننا بين كماشة مشروعين لا وطنيين لايعنيان الحلم الوطني الجامع أبداً.. على أنه في خضم كل تلك التشوّهات والخيبات يبدو من المرجح أن من يضغط على ذات الكماشة الآن هو رأس النظام السابق الذي ما زال يتهافت من أجل التموضع مجدداً في تحديد ماهية حاضر ومستقبل اليمن واليمنيين بشكل انتقامي وقح و دون أدنى مسئولية. كذلك فإن الخراب العام الذي يمكن أن نرثه من كل هذا العبث الحاصل هو ما يجعل المرء في غاية الرهق الروحي والنفسي، والشاهد هو أن الفوضى لاتجلب ابداعاً للشعوب كما نعرف، فيما العنف لايجلب الاستقرار المنشود.

بل إن الأسوأ هو أن الكراهيات المجتمعية تزيد من شق المجتمع، وكما ترى فإن كل أطراف المشهد يعزّزون من مسألة تجريف الدولة. ثم علينا ألا ننسى بأن الساسة – الأوغاد أو الأغبياء لا فرق – أصحاب المصالح ليسوا جديرين بثقة غالبية الشعب الذي خذلوه بإتقان للأسف. أضف إلى ماسبق أن انفلات السلاح الذي يحظى بالإجماع لدى الحوثيين خصوصاً في مراسهم السياسي من أهم الأسباب غير المبشّرة باليمن الجديد المنشود. في الحقيقة لقد تلوّث كل شيء.

ومع ذلك سنظل نتطلّع إلى اليمن الذي حلمنا به يوماً ومانزال. يمن حر ديمقراطي تُعالج أزمته الوطنية وقضاياه العالقة بكل شفافية وبدون تلكؤ أو مماطلة على مستوى الداخل كما بضمانات إقليمية ودولية لاتقبل الشك أو التسويف. يمن يعيد الاعتبار لحضارية اليمن ولليمنيين الذين ضحّوا من أجلها..

يمن بلا امتيازات غير مشروعة لقوى النفوذ التي أعاقتنا عن التقدّم.. يمن بدولة ضامنة وعادلة للجميع لا بدولة ديكورية يريد كل طرف أن يستأثر بها ويمارس الغلبة على الجميع.. يمن بقانون وبمواطنة وبحقوق وبواجبات متساوية.. يمن بسلام وبازدهار وبلا حلول استقوائية أو حربية كما يتم الآن.. عكس ذلك بالطبع لابد أن تتفاقم التدهورات فقط، فيما سنصحو يوماً ولن نجد اليمن على الإطلاق.!