كتابات

تحية واجبة في ذكرى الثورة المصرية العربية التحررية الوطنية الأم

عبدالواحد غالب المرادي - انزياحات
عبدالواحد غالب المرادي - انزياحات

عبدالواحد غالب المرادي

عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وأحد مؤسسيه.

 

تحيا الذكرى المجيدة الثانية والسبعين للثورة المصرية العربية التحررية في 23 يوليو 1952م بقيادة الضباط الأحرار بزعامة القائد الخالد جمال عبد الناصر والتي هدمت النظام الملكي وطردت آخر رموزه الملك فاروق، وبعد عامين أرغمت القوات المسلحة البريطانية برية وبحرية وجوية على الانسحاب من مصر الحرة السيدة وأنهت الاستعمار البريطاني لمصر.

 

ونفذت أول إصلاح زراعي في البلدان العربية وملكت الفلاحين بعض أراضي يفلحوها لمصلحتهم وأسرهم دون كبار الإقطاعيين، وعام 1956م أممت شركة قناة السويس البريطانية الفرنسية وحولتها إلى شركة وطنية مصرية. ولأن الغرب فرض على الجيش المصري حظر تسليح فقد عقدت مصر صفقة سلاح روسية سوفييتية من تشيكوسلوفاكيا، ثم واجهت بنجاح وصمود عظيم نبيل العدوان الثلاثي الإسرائيلي البريطاني الفرنسي على مصر، ودعمها في ذلك الاتحاد السوفيتي حينها، وأصدر بول جانين وزير خارجية الاتحاد السوفيتي الإنذار الشهير بأن على دول العدوان الثلاث وقف عدوانها وسحب قواتها من أراضي مصر العربية وإلا فعليهم انتظار تدخل مباشر من الاتحاد السوفيتي ضد المعتدين.

 

وبدأت نهضة تنموية متزايدة في مصر، بينها مشروعات استراتيجية عملاقة مثل السد العالي، والحديد الصلب، والترسانة البحرية في الإسكندرية، ومجمع ألمنيوم نجع حمادي في أسوان، ومضاعفة الدخل القومي مرة كل عشر سنوات، والتعليم المجاني من الحضانة إلى ما بعد الجامعة، وتمصير الشركات الأجنبية وتأميم رأس المال الكبير غير المنتج خاصة. وهكذا، وهكذا، نهوض وتقدم على جميع صعد الحياة. وتجاوبت شعوب الأمة العربية مع صوت الحرية والإرادة الوطنية العربية الصادر من مصر، وتردد صوت عبد الناصر المحرر في كل مكان من البلاد العربية وأفريقيا: ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد.

 

ولقد عبرت الإرادة الوطنية للثورة المصرية عن مصالح شعوب الأمة العربية، وحركت المكتوم في الصدور والعقول، فتفاعلت جماهير الشعب في البلدان العربية وتجاوبت مع صوت الحرية ضد الاستعمار والاستبداد والاستغلال والتخلف والاستعباد في مختلف البلدان العربية في مشرق الوطن العربي ومغربه، فانطلقت ثورة التحرير الوطنية الباسلة في الجزائر عام 1954م، واستقل السودان بدولته الوطنية بفضل انتصار الثورة المصرية وحكمة الزعيم جمال عبد الناصر وما بين الشعبين الشقيقين في مصر والسودان من جوار وآمال مشتركة.

 

وسقطت سطوة وهيبة بريطانيا في شرق أفريقيا، واضطرت بريطانيا إلى مغادرة أوغندا وسلمت باستقلال هذا البلد الأفريقي، وانتقل التفاعل إلى الصومال وكينيا وما حولها بعد ذلك.

 

وانطلقت ثورة الريف المغربي ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة الأمير عبد الكريم الخطابي، وتحرك النضال التحرري في تونس عام 1956م، وكانت سوريا المستقلة مسرحاً رائعاً للتضامن العربي التحرري مع الثورة المصرية، وفجرت أنابيب البترول المارة بأراضيها التي تنقل البترول العربي إلى حيفا لتغذي آلة الحرب الإسرائيلية والغربية، وتواصل فيها التفاعل الوطني القومي التحرري حتى تمت وحدة القطرين العربيين برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر في فبراير 1958م.

 

وانطلقت ثورة 14 تموز يوليو عام 1958 الوطنية المجيدة في العراق ضد الاستعمار البريطاني والأحلاف الإقليمية التي كانت تعقدها بريطانيا وأميركا عداءً لحركة التحرر الوطني العربية وضد النظام الملكي التابع للاستعمار البريطاني بمشاركة كل القوى الوطنية العراقية حينها، وليتهم حافظوا على الوحدة الوطنية العراقية لتلك الأيام.

 

ومن نتائج ذلك كانت أن اضطرت بريطانيا إلى الاستجابة إلى إرادة الشعب في الكويت في الحرية، فخرجت بريطانيا وأعلن استقلال دولة الكويت الشقيق.

 

وكانت عدن بوابة الجنوب لاستقبال تأثير المد التحرري الوطني والقومي العربي، وبالذات المنطلق من مصر الحرية والعروبة، فأخذت الحركة العمالية بالتنامي والتطور مع تنامي وتوسع النشاط الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بنقل القاعدة العسكرية البريطانية من مصر إلى عدن.

 

ومن تأثيرات ما يحدث في مصر وغيرها من البلدان العربية وصوت الحرية الذي يتموج كل يوم من هناك إلى كل البلدان العربية، ومن تأثير التفاعل المتعاظم للوعي الوطني التحرري الذي أخذ في الانتشار من عدن إلى كل اليمن، تشكلت الخلايا التأسيسية للحركة الوطنية اليمنية الحديثة في عدن والجنوب ثم اليمن الشمالي. وأخذ الحراك السياسي يتنامى، وانطلقت ثورة سبتمبر 1962م في ليل الإمامة البهيم القروسطي، وجاء الدعم المصري المباشر لإسنادها، ثم انطلقت ثورة 14 أكتوبر التحررية الوطنية في اليمن الجنوبي. وكانتا في المنظور الاستراتيجي العام في المنطقة العربية وكأنهما مواصلة للمد الوطني التحرري العربي الذي قادته وألهمته مصر الثورة بقيادة الرئيس القائد عبد الناصر بعد بدء التحرك المضاد للثورة العربية التحررية العامة بتكسير وحدة مصر وسوريا بإعلان انفصال سوريا بانقلاب سبتمبر 1961م.

 

وكانت معارك الدفاع عن ثورة سبتمبر 62م طويلة ومستمرة وصعبة في ظروف التخلف المريع التي جعلت الإمامة تحارب الثورة مدعومة بقوى الاستعمار البريطاني والأميركي وحلفائه في الجزيرة العربية والإقليم العربي وإيران، ومستندة في الداخل على موروث التخلف الذي مكنها من تجنيد أوساط واسعة من أبناء الشعب في بعض مناطق البلاد ضد مصالحهم ومستقبلهم، كما يحدث جزئياً اليوم.

 

ويبدو أن ذلك كان مدروساً أيضاً على أعلى مستوى لدى الدوائر الاستعمارية البريطانية والأميركية وإسرائيل، فاستغلوا حجم الانشغال المصري في اليمن والتنافس المؤسف بين سوريا التي تجاوزت انقلاب الانفصاليين بثورة قادها حزب البعث العربي الاشتراكي الذي غدا يحكم سوريا وبين مصر الثورة بقيادة عبد الناصر، وسلبيات داخل نظام الحكم في مصر لم يكن القائد الكبير منتبهاً لها في لوحة الصراع العربي التحرري الكبرى الحية المتحركة التي كان يقودها في الإقليم العربي وأفريقيا وحركة عدم الانحياز مع زملائه القادة الكبار نهرو في الهند وجوزيف تيتو في يوغوسلافيا، وأعدوا إسرائيل بكل ما تحتاجه للعدوان واستعدوا لدعمها أثنائه وبعده، ونفذت إسرائيل المطلوب وحدثت نكسة يونيو 67 المشؤومة.

 

واضطر الزعيم القائد المغدور بعد أن عذره شعبه ورفض استقالته وطلب منه مواصلة دوره القيادي وأن يعيد بناء الوضع الداخلي المصري والعربي ضد العدوان، فأعاد بناء التضامن العربي منذ مؤتمر القمة العربية في الخرطوم الشهير باللاءات الثلاث ضد عدوانية إسرائيل وحلفائها الإمبرياليين، وأعاد بناء خطوط وقوات الدفاع المصرية أمام عدوان إسرائيل الممتلئ زهواً وغروراً، وكذلك حلفائه.

 

وسرعان ما عادت الحرب على شواطئ قناة السويس وتشكلت ما سميت بحرب الاستنزاف التي كلفت إسرائيل خسائر بشرية أثقل وأوجع مما كلفتها الحرب الكبيرة الخاطفة عام 1967م، وكتب ورسم القائد مع مساعديه من ضباط وقادة القوات المسلحة وفي مقدمتهم وزير الدفاع الجديد المخضرم محمد فوزي خطة كاملة لتحرير قناة السويس وسيناء كلها وما وراءها، وحددت متطلباتها كافة على صعيد القوات المختلفة برية وجوية وبحرية، وبنوعيات للتدريب والتأهيل والتجهيز جديدة حديثة، وبأعلى مستويات الالتزام والانضباط الوطني، وبمتابعة دؤوبة دقيقة للتنفيذ.

 

وأعاد بناء الجبهة الداخلية في مصر في عمل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي كبير بالاشتراك والتعاون مع كل القوى الوطنية المصرية، عبر عنه بيان القائد إلى الشعب المصري في مارس 1968م، وعمل على تعزيز تحالف مصر ومن بعدها العرب مع الاتحاد السوفيتي صديق الشعوب، وكان الأخير مستعداً لدعم مصر بكل ما تحتاجه في سياق مواجهتها للعدوان، بل أرسل قوات عاملة في الدفاع الجوي والطيران للعمل على كبح أعمال العدوان الإسرائيلي الذي تطاول إلى عمق مصر ومنشآتها الحيوية.

 

كما ذهب للاهتمام بكل القوى العربية التحررية في مختلف البلدان العربية، حاكمة كما في الجزائر وسوريا والعراق واليمن، الذي تمكن من مواصلة ثورتيه في الشمال والجنوب الذي تحرر تحرراً كاملاً ناجزاً وأعلن دولته الوطنية المستقلة الحديثة على كل خريطة الجنوب العزيز السيد، وأعلن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي غدت عنصراً حيوياً في حركة التحرر العربية على تواضع مواردها المباشرة، والشمال الذي حافظ على نظامه الجمهوري وأهداف ثورته وأخذ يكافح موروث التخلف المرين الثقيل، ولكنه بقي جزءاً من النظام العربي المتحرر. وكلا الثورتين اليمنيتين احتاجتا لدعم مصر عبد الناصر وحازتاه لتنتصرا.

 

وأمام صلابة جبهة قوى التحرر العربي وتماسك التضامن العربي الملتزم بلاءات الخرطوم وتلاحم وتماسك الوضع الشعبي داخل مصر في ظروف استمرار الصراع ضد إسرائيل والاستنزاف اليومي على شطوط قناة السويس، وفي شمالها بالذات، حيث أخذت إغارات القوات المصرية حول بور فؤاد وحتى إلى الخطوط الخلفية للانتشار الإسرائيلي في قلاع خط بارليف، الذي قيل إن لا مثيل له في تاريخ الحروب.

 

أخذت إسرائيل تعاني وتطلب سلامًا مع مصر وطرقت مع أصدقائها أبوابًا عديدة كان أحدها مع الرئيس اليوغسلافي الصديق للقائد عبد الناصر في حركة عدم الانحياز، وعرضوا أخذ سيناء كلها دون شروط إلا شرط واحد أن تنسحب مصر بعد ذلك من صراعات إسرائيل مع البلدان العربية. فرفض القائد وأعلن ذلك للشعب المصري وللأمة العربية.

 

ثم توسطت أميركا مباشرة بطلب إسرائيلي، طبعًا، فيما سُمي بمبادرة روجرز، وزير خارجية أميركا في ذلك الحين عام 1969م، لتمكين إسرائيل من إعادة بناء موقفها. وكانت مصر تحتاج إلى هذه الهدنة لإظهار نواياها السلمية ولتأكيد مواصلة التزاماتها التحررية العربية على مختلف المستويات، وللمواصلة بناء حاجز الدفاع الجوي بطول قناة السويس وأبعد منها جنوبًا وفي عمق مصر.

 

وفي ظل الصمود والنهوض القومي التحرري العام، تحركت قوى طليعية من الشعب الفلسطيني أخذت تنفذ إغارات محدودة شجاعة ضد إسرائيل بأسلوب حرب عصابات، ولكن عائدها السياسي والمعنوي كان كبيرًا لدى الشعب الفلسطيني وجماهير الأمة العربية. ومن جراء بعض الانفعالات وتأجيج المشاعر، تشكلت نزعات لدى بعض الفصائل لفرض سلطة لها في الأردن، وكان رد فعل النظام الأردني شديد العنف، وحدثت أحداث أيلول الأسود في الأردن، قتال مؤسف بين الجيش الأردني بكل تشكيلاته برية وجوية وبدعم خارجي، وبين الفلسطينيين.

 

واضطر الزعيم عبد الناصر إلى التدخل وأوقف القتال وعقد مؤتمرًا طارئًا لقمة عربية ناجحة في القاهرة لإعادة ترتيب الأمور، فأعيد السلام بين الفصائل الفلسطينية وملك الأردن، وأعيد بناء التضامن العربي الساند للجبهات العربية. ولكن القائد كان يقوم بواجب الجميع وحالته الصحية ليست على ما يرام، وحدث ما حدث، نكسة مرضية واستشهاد القائد ووفاة وفقدان من لا بديل له في مصر والعرب في ذلك الزمان، وخيم حزن ثقيل في كل أصقاع العروبة. وكانت الجنازة التي قيل إن العالم لم يشهد مثلها من قبل ولا من بعد، وفي ظروف لم يشهد فيها الوطن العربي ولا هذا الشرق المتوسط أحداثًا جسام مثلها وبمستواها منذ قرون وقرون.

 

وللأسف الذي لا يوصف، خلف من بعده قائد أضاع الصراط واتبع الأهواء والأوهام وأخذ يجرب تغيير أصدقائه وأعدائه في مسرحية عبثية مؤلمة. في واقع لا يحتمل التجريب والعبث، فاستحدث انقلابًا داخليًا أطاح بمعاوني عبد الناصر المقربين فيما سماه مراكز القوى، واعتقل كبار الكتاب والمثقفين والشباب ذوي الحضور السياسي، وأبعد الخبراء العسكريين السوفييت وأطلق وشجع من كان في نفسه ضغينة ضد عبد الناصر ونهجه الوطني التحرري لتندلع صدامات في الجامعات المصرية والشارع السياسي الداخلي وسط صخب وضجيج دعائي إعلامي يقول فيه إنه ماضٍ وأمين على نهج وخط عبد الناصر: عدالة واشتراكية وتحالف قوى الشعب العامل، وما أخذ بالقوة سيُسترد بالقوة. وضمن النكات والقفشات التي قاوم بها يساريو مصر منهجه واحدة قالت: هو يسير على خط عبد الناصر آه، بس بالأستيكة، يعني بالممسحة، يزيله من حياة المصريين والعرب.

 

وفتح خطوط خلفية مع أميركا والتوتر على أشده، ولكن أميركا وإسرائيل كانتا تعلمان أولويات الرجل من وقائع أعماله وبذكاء يشجعونه بطرقهم. وأهدر نصراً شاخصاً ليس محتملاً فحسب ملامحه، أن خط التحصينات الإسرائيلية انتهى بعد 6 أكتوبر 73 وغدا بأيدي الجيش المصري والدبابات المصرية متواجدة خلفه شرق القناة بعد أن خاضت هناك معارك شرسة طاحنة صمد رجالها فيها وتقدموا وهم مستعدون لحرب تحرير طويلة ومتحفزون للتقدم حسب الخطة إلى ممرات متلا والجدي التي تؤمن سيناء من شرقها، والطيران المصري يعمل فوق بعض سيناء وحتى الحاجز الصاروخي كان قابلاً للنقل بمستويات، والجيب الإسرائيلي من الدفرسوار إلى غرب القناة كان بيد القيادة المصرية أن تحوله إلى معتقل لأسرى أو تنهيه حسبما تريد، وقد قدم له بعض أركان قيادته، العميد سعد الدين الشاذلي، مثلاً مقترحاً بذلك. وكلاهما يصعب على إسرائيل احتماله حيث إن حوالي 5000 عسكري إسرائيلي مع قائدهم شارون كانوا في ورطة ذلك الجيب. بل ربما كان تنفيذ أحد المقترحين ليقرب سلام التحرير من مواقع النصر إذا لم يكن القائد يريد تطوير الحرب إلى تحرير كل فلسطين، فهو يستطيع أن يفرض على إسرائيل التزاماً بحدود معينة معترفٍ بها تضمن الحقوق الفلسطينية والعربية فيما وراء ذلك. خصوصاً وأن القوات السورية المتحالفة كانت قد استردت قمة جبل الشيخ وتقدمت وتستطيع وبدأت الذهاب إلى ما ورائه حسب الخطة المتفق عليها، ومعنويات المقاتلين العرب في أعلى مستوى فهم يحررون أوطانهم ومستعدون لكل تضحية واجبة بينما معنويات الإسرائيليين كانت في الحضيض بعد الغرور والصدمة. وقيل إن جولدا مائير دخلت باكية إلى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون طالبة تدخله بكل الطرق لإنقاذ إسرائيل.

 

وكانت عيون الغرب والشرق وآذانهم مركزة على هذه المنطقة ومتحفزون نحوها، وخوفاً من الاحتمالات المرجحة تحرك كيسنجر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأميركي، إلى القاهرة واستقبله الرئيس السادات باعتباره الصديق كيسنجر وقبل مقترحاته بحلول مجزئة حتى على الجبهة المصرية. وقيل إن بعض كبار قادة الجيش المصري المنتصر حينها بكوا وهم يوقعون على اتفاقيات لم يكونوا مقتنعين بها. وتحول النصر العربي الكبير الوشيك إلى سلام عربي إسرائيلي على جبهة واحدة هي المصرية الإسرائيلية، كما كانت تريد إسرائيل قبلاً وتتمنى، وخط بارليف بيدها مغرورة به، وسلام بين متكافئين وليس بين منتصر للتحرير الوطني ومعتدٍ مغرور مدان في نظر معظم العالم ومهزوم وفي حالة الخطر الشديد، وسيناء تُستعاد بشروط تقيّد السيادة المصرية عليها. ونتائج ذلك ملحوظة إلى اليوم. وذهب الرجل المؤمن بأميركا إلى سلام ملغوم في كامب ديفيد، واللعبة معروفة…

 

وتوجهت القوات الإسرائيلية وظهرها محمي إلى استرجاع سيطرتها على جبل الشيخ والجولان وأهدر نصر أكتوبر العظيم. وقدم العالم إسرائيل بعد ذلك كدولة شرق أوسطية مسالمة ومحترمة بدليل اتفاقية السلام بينها وبين جارتها الكبيرة وكبيرة العرب مصر العربية. وذلك ما أسس لإسرائيل الدولة الإقليمية العظمى الاستثنائية بصغرها وعظمتها ويهوديتها، وللمعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني والعرب أجمعين التي لا نهاية لها حتى الآن. مأساة غزة والضفة الآن، التي أرعبت العالم لشبهها بهيروشيما وناغازاكي وأسوأ من بعض النواحي، هي إحدى منتجات ذلك السلام المكذوب. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

ألف ألف رحمة ونور لذكرى الزعيم الخالد عبد الناصر، وألف ألف تحية لذكرى الثورة الوطنية التحررية المصرية العربية وأبطالها وشهدائها وللشعب المصري العربي العظيم.