– نقلا عن موقع (المصدر أونلاين)
في السنوات الأخيرة، شهدت منطقة البحر الأحمر تحولات جيوسياسية استراتيجية أثرت بشكل كبير على الأمن القومي العربي. أحد أهم هذه التحولات هو التواجد الإيراني المتزايد في البحر الأحمر عبر دعمها للمليشيات الحوثية في اليمن. يُعد هذا التواجد تهديدا كبيرا للأمن القومي العربي، ويثير تساؤلات حول تداعياته المحتملة على استقرار المنطقة ومصالح الدول العربية.
*
التواجد الإيراني في البحر الأحمر: الأبعاد والأسباب
تمثل سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة ومناطق الساحل الغربي لليمن مدخلا لإيران للوصول إلى البحر الأحمر. تُعتبر هذه المنطقة من أهم الممرات المائية الدولية، إذ يمر عبرها جزء كبير من التجارة العالمية والنفط، ما يجعلها ذات أهمية استراتيجية بالغة.
يستند التواجد الإيراني في البحر الأحمر إلى عدة أسباب:
1. التحكم في الممرات البحرية:
تسعى إيران إلى السيطرة على الممرات البحرية الدولية لتعزيز نفوذها العالمي وتأمين خطوط إمدادها النفطية.
2. الضغط على الدول الخليجية:
من خلال تواجدها في البحر الأحمر، تستطيع إيران ممارسة الضغط على السعودية والإمارات، اللتين تعتبران من أهم منافسيها في المنطقة.
3. دعم الحلفاء الإقليميين:
يُعتبر الحوثيون حلفاء لإيران في المنطقة، ودعمهم يسهم في تحقيق الأجندة الإيرانية في اليمن والخليج.!
*
تأثير التواجد الإيراني على الأمن القومي العربي
التواجد الإيراني في البحر الأحمر له تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي، نلخصها في النقاط التالية:
1. تهديد الملاحة الدولية:
السيطرة على مضيق باب المندب والممرات البحرية المحيطة به يمنح إيران قدرة على تهديد الملاحة الدولية، مما يضر بالمصالح الاقتصادية للدول العربية والعالمية.
2. زعزعة استقرار اليمن:
دعم إيران للمليشيات الحوثية يسهم في استمرار الصراع في اليمن، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتعقيد جهود السلام.
3. نشر الفوضى والتطرف:
التواجد الإيراني يعزز من انتشار الفكر الطائفي والمليشيات المسلحة، مما يهدد استقرار الدول المجاورة ويزيد من مخاطر الإرهاب والتطرف.
4. التأثير على التحالفات الإقليمية:
يضع التواجد الإيراني ضغوطا على التحالفات الإقليمية، مثل مجلس التعاون الخليجي، ومصر، ويختبر قدرتها على التصدي للتحديات المشتركة.
*
سبل التصدي للتواجد الإيراني
لمواجهة هذا التهديد، يجب على الدول العربية اتخاذ خطوات استراتيجية فعالة. من أبرز هذه الخطوات:
1. تعزيز التحالفات الإقليمية:
يجب على الدول العربية تعزيز تعاونها وتنسيقها الأمني والعسكري لمواجهة التهديدات المشتركة. بالذات المملكة العربية السعودية و جمهورية مصر العربية.
2. دعم الحكومة الشرعية في اليمن:
يتعين تقديم الدعم السياسي والعسكري للحكومة الشرعية في اليمن لتعزيز قدراتها في مواجهة الحوثيين واستعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية.
3. تعزيز القدرات البحرية:
تطوير القدرات البحرية للدول العربية المطلة على البحر الأحمر لمراقبة ومنع الأنشطة الإيرانية المشبوهة.
4. التعاون الدولي:
التنسيق مع القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وفرض عقوبات على الجهات الداعمة للإرهاب.
5. الدبلوماسية الفعالة:
استخدام الدبلوماسية لإحباط الجهود الإيرانية وكشف أنشطتها العدائية في المحافل الدولية.
إن التواجد الإيراني في البحر الأحمر يشكل تهديدا كبيرا للأمن القومي العربي، يتطلب استجابة جماعية واستراتيجية شاملة للتصدي له. من خلال تعزيز التحالفات الإقليمية والدولية، ودعم الحكومة الشرعية في اليمن، وتطوير القدرات البحرية، يمكن للدول العربية مواجهة هذا التحدي والحفاظ على استقرار المنطقة ومصالحها العليا. مالم فإن المستقبل لإيران في البحر الأحمر.