” البالة” .. معاناة الشعب اليمني!
“إنها إلياذة اليمنيين” القصيدة الشعبية الخالدة التي تحكي غربتهم التاريخية التي كانت بسبب الإمامة. أحيانًا يقول المرء شكرا لبيت حميد الدين القساة الذين جعلوا مطهر الإرياني عظيما بقصيدة البالة الشهيرة. إنها قصيدة تجسد معاناة وجمال الشعب اليمني، وتظل علامة فارقة في أدبهم وتراثهم الثقافي.
هذه الملحمة الوطنية الخالصة والمتوجة ،تروي تفاصيل صمود اليمنيين أمام القهر والظلم، وتبرز قوة إرادتهم وعزيمتهم في مواجهة المحن.
إنها قصة تنبض بالفخر والعزة، وترسخ في الأذهان تاريخًا لا يُنسى من النضال والبطولة. إنها حكاية وطن يستمد قوته من تاريخه وتراثه، ويظل أبناؤه يفتخرون بها جيلاً بعد جيل.
ومن الضروري تدريسها للطلبة كي يعرفوا حجم إذلال الكهنوت الإمامي لليمنيين قبل قيام الثورة في عام 1962.
هذه هي ملحمة الشعب اليمني وصراعه مع دكتاتورية بيت حميد الدين وعساكر الجن، أو كما صاغها مبدع اليمن الكبير وأبدع ألحانها الفنان علي عبدالله السمة.
***
” البالة “
مطهر الإرياني
البالة والليلة البال ما للنسمة السارية..
هبَّت من الشرق فيها نفحة الكاذية
فيها شذى البن فيها الهمسة الحانية..
عن ذكريات الصبا في أرضنا الغالية
والليلة العيد وانا من بلادي بعيد..
ما في فؤادي لطوفان الحزن من مزيد
قلبي بوادي بنا وابين ووادي زبيد..
هايم وجسمي أسير الغربة القاسية
خرجت انا من بلادي في زمان الفنا..
أيام ما موسم الطاعون قالوا دنا
وماتوا اهلي ومن حظ النكد عشت انا..
عشت ازرع الأرض واحصد روحي الذاوية
ذكرت اخي كان تاجر أين ما جا فرش..
جَوْا عسكر الجن شَلُّوا ما معه من بُقَش
بكَّر غبش.. أين رايح؟ قال أرض الحبش..
وسار واليوم قالوا حالته ناهية
بكَّرت مثله مهاجر والظفر في البكر..
وكان زادي مع اللقمة ريالين حجر
وابحرت في ساعية تحمل جلود البقر..
والبن للتاجر المحظوظ والطاغية
بحثت عن شغل في الدكة وميناء عصب..
وفي الطرق والمباني ما وجدت الطلب
شكيت لاخواني البلوى وطول التعب..
فقالوا البحر.. قلت البحر واساعية
وعشت في البحر عامل خمستعشر سنة..
في مركب اجريكي اعور حازق الكبتنة
وسوَّد الفحم جلدي مثلما المدخنة..
وطفت كم يا بَلَوِّد أرضها قاصية
مثل الطيور القواطع طفت كل الجزر..
غويت لي ما غويت لوما كرهت السفر
واخترت (بر الدناكل) متَّجر بالحصر..
من حي لاحي يا مركب بلا سارية
غريب في الشاطئ الغربي بجسمه نزل..
والروح في الشاطئ الشرقي وقلبه رحل
يا ليت والبحر الاحمر ضاق والا وصل..
جسور تمتد عبر الضفة الثانية
من كان مثلي غريب الدار ماله مقر..
فما عليه إن بكى وابكى الحجر والشجر
إبكي لك ابكي وصب الدمع مثل المطر..
ومن دم القلب خَلِّي دمعتك جارية
غنَّيت في غربتي (يا الله لا هنتنا)..
ومزَّق الشوق روحي في لهيب الضنا
راجع أنا يا بلادي يا ديار الهنا..
يا جنَّتي يا ملاذي يا امي الغالية .