ذخائر

مختارات من شعر البطل علي ناصر القردعي

الشهيد البطل علي بن ناصر القردعي
الشهيد البطل علي بن ناصر القردعي

كتب_ رئيس التحرير

انزياحات

 

القردعي.. استنهاض لروح المقاومة والحرية والطغيان 

كان البطل الثائر، كبير قبيلة مراد، واحداً من أبرز القادة الذين وقفوا في وجه الحكم الإمامي الكهنوتي في أربعينيات القرن الماضي. جسد هذا القائد في قصائده وشجاعته روح التمرد والمقاومة، فكانت كلماته تتردد كرجع الصدى في أرجاء اليمن، حاملة معها حكايا البطولة والصبر.

 

البطل الثائر الشاعر علي بن ناصر القردعي
البطل الثائر الشاعر علي بن ناصر القردعي

***

استحضارنا لقصائد البطل الثائر لأن الإمامة تتجسد اليوم في الميليشيات الحوثية

 

 

إن استحضارنا لقصائد البطل الثائر علي ناصر القردعي ليس مجرد تذكير بتاريخ مضى، بل هو استنهاض لروح المقاومة والحرية في وجه الظلم والطغيان الذي لا يزال يتجسد اليوم في صنعاء عبر الميليشيات الحوثية. في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، تبرز قصائد القردعي كمنارة تنير الطريق نحو الحرية والكرامة، ضد الإذلال والإهانة للدولة والشعب.

***

 

القردعي..دروس في الشجاعة والصمود

 

كان القردعي شاعراً وفدائياً جسد في قصائده قيم الحرية والرفض للظلم الإمامي العنصري. قصائده كانت وما زالت تحث على المقاومة والنضال، فهي ليست مجرد أبيات شعرية بل دروسا في الشجاعة والصمود. إن اليمنيين اليوم في أمس الحاجة إلى استلهام تلك الروح القتالية التي بثها القردعي في كلماته، لتكون دافعا لهم في مقاومة الميليشيات الحوثية واستعادة حريتهم وكرامتهم.

 

***

 

أهمية التعلم الذاتي من شعر القردعي الخالد 

 

اننا ندعو اليمنيين الاحرار للتعلم الذاتي من قصائد القردعي ليس فقط للاطلاع على تاريخ المقاومة، بل لفهم أن ما يحدث الآن ليس نهاية التاريخ. القردعي، الذي وقف بشجاعة في وجه الإمامة الكهنوتية، يعطينا درسا أن النضال مستمر وأن الحرية تستحق كل تضحياتها. يجب على اليمنيين أن يدركوا أن مقاومة الظلم والإمامة ليست خيارا بل واجبا تاريخيا وأخلاقيا.

في ذكرى ثورة ٤٨ الدستورية حفلا خطابيا وفنياً بتنظيم من حركة أحفاد القردعي

 ***

صور الثائر الشاعر القردعي تزين شوارع مأرب في ذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر
صور الثائر الشاعر القردعي تزين شوارع مأرب في ذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر

في هذه الفترة العصيبة، نجد في قصائد القردعي ما يعزز من عزمنا ويجدد من طاقتنا للمضي قدما في معركة الحرية. دعونا نتعلم من شاعرنا الكبير علي ناصر القردعي كيف نرفض الظلم بكل أشكاله وكيف نتمسك بحريتنا مهما كانت التضحيات، فالمعركة لم تنتهِ بعد والتاريخ يصنعه الأحرار.

صور الثائر الشاعر القردعي تزين شوارع مأرب في ذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر
صور الثائر الشاعر القردعي تزين شوارع مأرب في ذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر

***

 

البطولات والنضال

 

في قصيدته الشهيرة يذكر نوع البنادق المستخدمة في ذلك الوقت، مثل “أبو تاج” و”أبو شمس”، مصوراً دقة تصويبه وقدرته على الفرار في تضاريس صعبة كجبال نقم والقازحة والعكارين. في هذه القصيدة، يتوجه أيضاً إلى صديقه العالم محمد الشامي، طالباً منه مراجعة الطاغية في معاملته لشعب اليمن، في إشارة إلى مدى الترابط بين المثقفين والثوار في تلك الفترة. ولكن الشامي خانه مفضلاً سلالته القرشية عن حلم اليمنيين في التخلص من كهنوتهم.

 

القردعي فوق خيله
القردعي فوق خيله

 

***

 

مقتل الطاغية يحيى

الإمام الطاغية يحيى حميد الدين
الإمام الطاغية يحيى حميد الدين

كانت حركة القردعي ورفاقه السرية هي الحافز لإنهاء الحكم الإمامي، حيث تم تكليفه بمهمة اغتيال الإمام الطاغية يحيى في “حزيز”. وبالفعل، نفذ القردعي هذه المهمة بنجاح، منهيا حقبة مريرة من الطغيان، لكن الإمام أحمد بن يحيى إستغل الدين لتحريض الناس على الإنتقام، مما أدى إلى سقوط صنعاء، بعد إباحتها للقبائل الذين قاتلوا معه كهدية، على الرغم من ذلك، ظل القردعي يقاتل بشجاعة واستطاع أن يفر إلى خولان، حيث واصل القتال حتى استشهد، لسان حاله ينادي بالعزيمة والنضال، خانه أصحاب خولان للأسف.

***

كانت حياة القردعي ملحمة من الكفاح والمقاومة، رافضاً الذل والاستسلام، ومؤمنا بأن الكفاح هو الطريق الوحيد لتحقيق الحرية والكرامة لشعبه. ترك وراءه إرثاً من القصائد التي تعكس روح الثورة والإصرار على التحرر من قيود الظلم والطغيان.

اليكم قطرات منها:

 

***

 

قصيدة علي بن ناصر القردعي أرسلها لأخيه أحمد يشكو ما يعانيه بسبب الظلم الإمامي:

 

القَرْدَعي قالْ يا كبدي ويا راسي

مِنْ بِطْل اقلّبْ حواسي ذي يِرَوه الناسْ

 

قَدْ كَلّ باسي ورَيْتَ الدهر كَلاّسي

وطّيتْ راسي ولا نا داهِلَ الحِنْكاسْ

 

كادونيَ اهْلَ السياسة والتجسّاسي

لاما كلامَ الخِساسي قدْ دخلْ اللّحْساسْ

 

شوقي يِهِدّ الرّواسي كُلّْ مَلاّسي

هَدّ الضلوعَ اللّواسي كَسّها كِسْكاسْ

 

هُوْ عادْ شِيْ با يِثِوّرْ رعد رجّاسي

ندخلْ بِهِدْب الكراسي في حَمَا المِرْكاسْ؟

 

مِنْ باطِل المامْ يحيى قدْ ضربْ راسي

ركّبْ حياسِيْ وسوّاهِنْ على الجلاّسْ

 

لا نا بِناسي ولا نا قاطِعَ الياسي

مِتْرقّب الشمسْ بعدَ الليلْ والدِّلْماسْ

 

 

***

 

قصيدة يعتز بقبيلته العريقة “مراد” ويتنبأ فيها بثورة ضد الإمامة

فتحققت النبوءة بعد 12 عاماً:

 

وِاحنا عزَمْنا بِرايشْ يالحيود السِّناد

ياجاريان امْسَك الجوده وِحِسّكْ مراد

 

مراد الاوّلْ بِلوّلْ مِنْهَ الحَيد ناد

بارقْ بَرَقْ من على صنعا محل الجهاد

 

سَيْلِهْ مَعابِر ورَعدِهْ من بنادقْ جِداد

وامسَوا يِسَقَّوا بِسَيلِهْ في جميع البلاد

 

لاما حضَرتِهْ فلانا نسلْ مِسْعِدْ عُباد

حُكْمَ الإمامهْ بَرَى حالي وسَمَّ الفؤاد

 

لابُدّ مانبلغَ المقصَد ونيلَ المراد

ونشفي الجرح ذي مغروس وسط الفواد

 

 

****

 

من قصيدة طويلة، طالب فيها بمُراجعة الإمام الطاغية، والعمل على إنهاء الظلم والفساد, دون جدوى:

 

القردعـي قـال هـزّه فـوج الافواجـي

ونا فـي الحِيـد متعلـّي علـى لِبهـاج

 

قانص لذي يقطفين اغصان الاوثاجـي

وبندقي في يميني رسمهـا بو تـاج

 

قد زينه صانعه له صوت رجاجي

وفي الجوازي يهزج لحنها هزاج

 

ونا أحمدك يا ذي سهّلت مِخراجي

من قصر فيه الرَسَم والقيـد والصِنـَّاج

 

من سبعة أبواب مافياتها شاجي

وميمهات القيود السود والحراج

 

واليوم قدنـي علـى راحـة وبرهاجـي

من فضل خلاق ما هـو للعطا محتاج

 

والقلب من داخله وقــَّـاد هجاجي

لو هو على حيد شامخ مهّجه مهّاج

 

باصبِر وغيري صَبَر قبلي وهو راجي

يتحمل الميل والعوجا قفا ما هاج

 

ما سعدنا إلا نهار الحرب ضجّاج

وفي المهاجي يهلّج لحمها هلَّاج

 

إن مر وادي كأنه سيل عواجي

وإن شد له طوق مثل الرائج الفجاج

 

منـَّا وفينا يقع عِطّاف الاحناج

ما يشرب الصافي إلا من شرب لخماج

 

قد كان هجّي منيـّف فـوق الاهجاجـي

واليوم مسكيـن قدنـي طـارح المِلبـَاج

 

مـن ذل دولـة تسوينـي فـيَ الثاجـي

ويفرح الخصم ذي موعود بـالكربـاج

 

قـم يـا معنى علـى منـدوب هيـاجـي

من ذودنـا ذي يعـدي سيرهـا درهـاج

 

 

****

 

بعد أن يئس من وصول إمدادات، أثناء معاركه ضد الانجليز في شبوه وبعد أنْ خاض معارك بطولية شاركت فيها الطائرات، أيقن حينها أنَّ الإنجليز والإمام مُتفقين عليه، فأنشد مُتحسرًا:

 

الله يامن بك القُدره وبك نركن

يا كافي الكل وحدك ما معك ثاني

 

مديت يدي إلى ذي قد خلق كوّن

وان قد غضب ما حسـب قاصي ولا داني

 

قد زَوّل أهل الممالك كل قرن أحجن

واين إبن عثمان دولة جيـش دحانـي

 

أهل السياسة علـى لبـواك تتراطـن

“يـاور” و “باشـه” وواليهـم والاعوانـي

 

يا ما ويا ما قبايل مثلنا واحســن

كما إن مـداح نفسـه مـا هـو إنسانـي

 

والساع يا صبر كيف أصبر وقلبي حَن

بتخبّر الغُبن هو شـي مثـل لغبانـي

 

لا جيت بشكي على حد ما لقينا من

قد ضاع جُملي في اصحابـي وصدقانـي

 

صاب الله الوقت ذي جاني وقال إذهن

قُم شُل حِمل الغلط لا فـوق الأعدانـي

 

قد هُم على شور من صنعاء إلى لندن

متخـــابرة كلّــهم سيّـد ونصــــــــراني

 

وتقاسموا الأرض كُلن منهم وثًـن

فـي أرضنا كـدروا عاقـل وسلطانـي

 

ضماي له يا ضما مصتاب دمه شن

ما يروي العاطـش إلّا شُـرب الاجفانـي

 

إن عاد شي با تقع فُرصه فنا باسهن

وان طال ذا الوقت يا همي ويا احزانـي

 

احنا نبا الوجه والذمه لنا تمكن

هو شي خبر شي بصر يا ذيـب سرحانـي

 

وانا على قدر جهدي با قـع أتوطـن

ومـن لقينـي محـل الصـدق يلقانـي

 

 

***

 

وهذه مختارات من قصيدة أرسلها للشيخ القبلي نمران أحد مشائخ قبيلته، وهي قصيدة شهيرة سياسية يستنكف بها القبيلة ويحرض ضد الإمام:

 

القردعي قال وقتي الحاضر قد أعياني

وأعيا أهل الأفكار ذي تمحن وممحونة

 

واتباعد البون والذيب الحمس حاني

لا حـد رثى له ولتضجّر يجــرُّونه

 

غبني بالاغبان ما حد محصي اغباني

هو شي معي يا الشوامخ ناس مغبونة

 

سار المسقّى وسار السيس والساني

والـزّرع ظامي وبير النَّـقع مدفونة

 

والمحجر ابتاع للمعزا وللضاني

والسوق سارت مجابية وقانونه

 

والعز قد سار لا معنى ولا عاني

يا ذي قريت المترجم ويش راطونه

 

ياعيل عيلوة تم العيل مجراني

يا صفة الود ذي بالحد تحمونه

 

كلن يبا يجزع العوجا على الثاني

وانتو سوى تحت هج أعوج تجرونه.

 

والمحجر ابتاع للمعزي وللضاني

والسوق سارت بمجابية وقانونه

 

***

 

وهذه مختارات أخرى من قصيدة يعزي نفسه في وفاة شقيقه مسعد بن ناصر القردعي يرد على قصيدة جرعون ويتهمه بالوشاية وهي بمثابة اعلان الحرب بين قيفه ورماد:

 

يقول ابو ناصر بديـت الغبـش

متعـلـي اخـشـام الجنـاشـي

 

والقلب متوّنش علـيْ ورتبَـش

يامحنتـي محنـة علـى شـِـي

 

من يوم ريت الصنو فيه الونـش

قـد سـرات الليلة بـلاشـي

 

لكن على محصي عدد كل طـش

يشفيـه من مـا بــه يعـاشـي

 

له قسم في الجوده نهار الدهـش

لا ردهــا ذيــب البطـاشـي

 

والهيم يدي هيـم مثلـه حنـش

ولا ش يــدي لاش مـاشـي

 

والذيب مايحنب بفض الغشـش

مـا يحنـب إلا كــل لاشــي

 

يا مرحبا بالقـول مالطـش رش

واسقو بـه الـزرع العطاشـي

 

ببيات سلطان الجيوش الوحـش

مـلان مـن طـول المنـاشـي

 

لنته ولا غيـرك لصالـح فـرش

ولزامكـم صــارت بـلاشـي

 

وضويت هجمه مثل حيد انكمـش

وجيتـنـي فـيـك احنمـاشـي

 

وغرني وجهك وكبـر الجنـش

وقلـت ماجـرعـون واشــي

 

ورسلت وجهك والزقر هو وبش

والـوجـه تـفـداه القعـاشـي

 

شف بازلك غومك لجنبك دحـش

والبنـت حـواء جـات ناشـي

 

من ضلع ابونا ادم كثير الغـرش

ذي سار فـي شـور الغشاشـي

 

 

***

 

وقال بعد اجتياح قوات الإمام يحيى مأرب سنة 1931م، بعد عامين من الصمود والمقاومة الباسلة:

 

يا العافية ودعتش الله

والموت حيا به مياتي

 

من حكم يحيى هو وقومه

قد موتي أفضل من حياتي

 

****

 

ويروى أنَّ الإمام يحيى أرسل إليه أحد العكفة ويُدعى قائد للقبض عليه، فقام بطلنا الثائر بربطه في مربط الخيل، وعاد إلى مجلسه العامر ليكمل مقيله، وبجانبه بندقيته، وأنشد من فوره مُعتزًا بنفسه، مُتباهيًا بصموده وصمود قبيلته:

 

ها الليلة ارحبت وايش اداك يا قايد

وسيدك ذى أمركم وايش مقصوده

 

من سار له سار ما سيدك لحد فاقد

ولا الجراده من المجران مفقوده

 

ما يدري اني عمدت الشامخ النايد

من حيث تصبح نيار الحرب موقوده

 

ولا خضعنا لذي عطف ركب حاشد

وارحب وخولان والجوفين والسوده

 

اقعد هنا غير ما حد منكم ناشد

في مربط المهر عشر أيام معدوده

 

ذا قيل ذي حلته في الشامخ الكايد

بين اخوتى كل رامي لازرق عوده

 

نسل آل قردع دفا من جنبه البارد

ومن قصدهم منعل لاقل مجهوده

 

ومن وصلهم فيمسىي منهم شارد

والهاشمي هيبته في الشرق مفقودة

 

من بطش البطال ياكمن أسد مارد

من اعترضهم فهو يلبج بجلموده

 

***

 

بعد أن قضى على الإمام الظالم أنشد مخاطباً جثته الصرعى قائلًا:

 

هنت اليمن والقبايل كل فجاسي

عشنا النكد وانت لا ترثى ولا ترحم

 

وحط راسك براس المعدن القاسي

اسقيتنا المُر وانت اتجرع العلقم

 

***

 

وقال في رثاء أخيه، وهي آخر قصائده لأنها وصلت الى مسامع الأمام الطاغة أحمد حميد الدين فأمر بإعدامه رمياً بالرصاص على الفور:

 

قم يا رسولي على مهر أشقرا

من حبس دون الثريا والنجوم

من حبس نافع قيوده جسرا

والمشنقة حولها الطائر يحوم

علي ذي شل حمل الجبرا

ما ظن غيره بحمله با يقوم

يا ذي قتلتوه ورا صلح البرا

لا تأمنوه العمل عند الختوم

علي ذي للجمالة يذكرا

من تسعة أقسام له سبعة قسوم

سوا تذكرت وانك للخبر ناسي

من يَظلم الناس والله هكذا يُظلم