ذخائر

عن الشاعر الكويتي نشمي مهنا وذكريات في برنامج إقامات الإبداع بالجزائر

نشمي مهنا - انزياحات
نشمي مهنا - انزياحات

كتب_ فتحي أبو النصر

 

في عام 2007، أتيحت لي الفرصة الذهبية للمشاركة في برنامج إقامات الإبداع في الجزائر، حيث جمعتنا الذكريات والشعر والأغاني تحت سماء ماطرة.

كان بين المشاركين الشاعر الكويتي الكبير نشمي مهنا، الذي تعرفت عليه عن قرب وأصبحنا أصدقاء مقربين خلال فترة الإقامة.

***

الطيبة الكويتية الأصيلة

 

نشمي مهنا هو شاعر يتسم بالطيبة الكويتية الأصيلة، فهو يجسد في شخصه تلك الروح الكريمة والمضيافة التي تُعرف بها الكويت.

كانت تلك الفترة فرصة لأكتشف فيه الإنسان قبل الشاعر، إنسان يمتلك قلبا كبيرا وروحا محبة للخير والجمال.

كان عشق نشمي لأغاني الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه يجمعنا، فكنا نتشارك -كل ليلة حتى مطلع الفجر -في الغناء والذكريات وكأننا نعود بذاكرتنا إلى زمن الطرب الأصيل.

 

ذكريات فندق سفير مازافران

 

في فندق سفير مازافران بالجزائر، الذي حجزه مستشار وزارة الثقافة الجزائرية الشاعر الكبير الصديق بوزيد حرز الله – مفضلا أن يكون الفندق خارج صخب المدينة – تجمعنا جميع المشاركين العرب تحت سقف واحد، وكنا نشعر وكأننا عائلة واحدة.

فكرة الإقامة تقتضي في النهاية أن يكتب شاعر عربي قصيدة مشتركة مع شاعر جزائري( أنا والشاعر عيسي قارف كتبنا قصيدة مشتركة عنوانها صورة تذكارية مع النسيان)

شاركت مع الشاعر الكبير محمد عبد السلام منصور، بينما كان نشمي مهنا وزميله الشاعر علي الفيلكاوي يمثلان الكويت. تلك الأيام كانت مليئة بالأحداث واللحظات الجميلة، حيث كنا نتبادل الأفكار الشعرية ونتحدث عن تجاربنا الشخصية.

***

البكاء تحت المطر

 

من أبرز الذكريات التي لا تنسى تلك الليلة الأخيرة من برنامج الإقامات، حيث وقفنا نحن الثلاثة خارج الفندق تحت المطر، نغني أغاني أبوبكر سالم بلفقيه. كان المطر يتساقط بغزارة، وكأن السماء تشاركنا أحزاننا وفرحنا( غادرنا الفندق فورا وذهبنا إلى ساحه الفندق وهناك عوينا وغنينا ورقصنا كمجاذيب).

ثم بكينا ونحنونغني معا، تلك اللحظة كانت تعبيرا صادقًدا عن المشاعر الإنسانية المشتركة التي تجمعنا جميعا.

***

شعريته نشمي مهنا الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية في الكويت قبل أعوام 

 

نشمي مهنا هو شاعر يمتلك قدرة فائقة على التعبير عن المشاعر الإنسانية بأبسط الكلمات وأجملها. في قصائده، تجد الوجع والأمل، الحزن والفرح، الحيرة واليقين.

إن شعره يمثل مرآة تعكس الواقع بصدق، وتعبر عن ما يجول في خاطر الإنسان العادي ببراعة فنية فائقة. سأترككم مع بعض من روائع قصائده، لتتعرفوا على هذا الشاعر الكبير الذي جمعني به القدر في لحظات لا تنسى.

 

 

 

***

 

 

قصائد للشاعر الكويتي الكبير نشمي مهنا 

نشمي مهنا

 

عطر أسود

عطل يدك حجر الصوان المبلل

فانطويت كفكرة ناقصة هذا المساء، / ووجه يهرب من ظله.

الجثة التي تتنفس احلامها قربك، كم

ودت لو بادلتك اسرارها.

لكن اثقلك جدا

هذا الذي لو رميته في اقرب نهر يصادفك.

وطوحت بحقيبته الجلدية التي مطت ذراعيك

سترى شموسا صغيرة.

تتقافز على سطح الماء.

عد إلى الدولاب الآن

انفض فستانها الأسود واطرد رائحته من رأسك.

 

ملهاة

فكرة توتر جسدينا

تشبه سكينا حادة تذبحنا بلا ألم.

هي الرغبة التي بلا نصل

تنغرس في مساماتنا

لا توقفها الملاءات البيض ولا حافة السرير الخشبي.

ولا توجع الليل او شفاعاته.

كلما أفقنا من موتنا، وارتدينا صحونا.

واستعدنا عافيتنا

عاودتنا فكرة الانتحارات من جديد.

 

صورة الظل

ربما للتخفيف من وقعه

ربما لتضميد الآه قبل اندلاعها

ربما لترطيب جلودنا قبل الوخزة

هكذا / كنا نتهيأ

محشورين كجنود أغرار

يتلمسون خوذهم في خندق ضيق.

هكذا

كنا نتبادل مخاوفنا كالأدعية

ونترك لمفاصلنا حرية الارتجاف

هكذاِِ قبل سقوط الألم.

 

ليست لأحد

 

الذكريات التي تركها العجوز

ورحل ليلة البارحة

مهملة هذا الصباح

لم تغر جيرانه ولم يطمع بها الأبناء.

سيلمها حارس البناية

ويسندها على السور الخارجي

بعد انقضاء الحداد