كتب_سكرتير التحرير:
إننا في انزياحات، بقدر ما نحترم قصيدة النثر الفذة بقدر ما نحترم القصيدة الكلاسيكية، وأمس قدمنا قصيدة نثر رائعة للشاعر اليمني إياد فاروق الحاج، كما قدمنا قصيدة أعظم للشاعر الكبير عبد الله البردوني – لا يذكرها الناس إلا لماما.
واليوم، وتقديراً للقصائد الكلاسيكيات الخالدات، نقدم قصيدة شعبية خالدة ومنسية – تمثل ملحمة – لبطل فك حصار السبعين، المناضل السبتمبري والشاعر المنسي العميد/ علي محمد صالح العولقي، المعروف بإسم/ أبو عادل العولقي.
يذكر الأستاذ عبدالباري طاهر، عنه في إحدى مقالاته: ” الشاعر العميد علي محمد صالح العولقي من رجال ثورة الـ 26 سبتمبر 1962م، خريج الدفعة الأولى كلية الشرطة، ومن زملاء الشهيد جار الله عمر، والفقيد أحمد علي السلامي، ومحمد عبد السلام منصور، وأحمد الكدادي، وأحمد مثنى، وعبد الله العلفي، وحمود زيد عيسى الذي كان ترتيبه في الدفعة الأول، كما أفادني العزيز علي محمد عبد المغني؛ وهو من نفس الدفعة التي ضمت كوكبةً من الرجال الأحرار الأفذاذ الذين لعبوا الدور المجيد في الدفاع عن الثورة والجمهورية، وأبلوا بلاءً حسناً في فك الحصار عن صنعاء، والتحق بهم أحمد الصياد، وأحمد الوادعي، وآخرون”.
إن القصائد الشعرية تمثل وثائق تاريخية تحمل في طياتها عبق الماضي وصدى الأحداث التي شكلت هوية الشعوب وملامح نضالها. ولعل الشعر الشعبي، بنبرته الصادقة والمباشرة، يعكس بشكل أكثر قرباً وأصالة مشاعر الجماهير ومعاناتهم وانتصاراتهم. وفي هذا السياق، يأتي دور قصيدة الشاعر البطل العميد أبو عادل علي العولقي الرداعي، التي تسرد بأسلوب ملحمي وتاريخي لحظة مفصلية في تاريخ اليمن، هي لحظة اليمن المشرقة، لحظة بزوغ فجر ثورة 26 سبتمبر المجيد، وفك حصار السبعين السبتمبري، وما تلتها من أحداث.
إننا في انزياحات نستعيد هذه القصيدة كذخيرة من الذخائر في خضم رجوع الإمامة التي انقلبت على الجمهورية وخانتها..
ألا، ليتها تتكرر، لتبزغ شمسنا من جديد، وليفك حصار صنعاء وتعاد قيم الجمهورية لتحرر صنعاء من يد الانقلابيين الإماميين.
وهكذا، فإن العميد أبو عادل علي العولقي الرداعي لم يكن مجرد شاعر، بل كان رمزاً للنضال والثورة، حيث جسدت كلماته بطولاته وإصراره على المقاومة والتحرر. قصيدته ليست مجرد كلمات مرتبة بشكل بديع، بل هي شهادة حية على شجاعة رجال آمنوا بوطنهم وبجمهوريتهم، وواجهوا في سبيل ذلك أقسى الظروف والتحديات،
***
ملحمة بطل فك حصار السبعين السبتمبري العميد / علي محمد صالح العولقي ( أبو عادل العولقي )
يا الله يا من لك السلطان والقدرة
عبدك ترجّاك تجري اللطف بالمقدور
بحق طه ومن شدّيت به أزره
لا هِنت منصب ولا شفّيت به منذور
وكل من قَلْ والا مسته عثرة
يا الله تقيمه وردّه خاطره مجبور
لا تترك النسر مقصوص الجناح حسرة
في مخدعه والفضاء يلعب به العصفور
وفكّ أسر الأسد ذي طال في أسره
يرجع عرينه يذوّد الثعلب المغرور
***
يقول أبو عادل الهاجس دفر دفرة
في ليل طائل حسبته في الجبل مسمور
من طول ما أمتدّ خفت أغتر في فجره
ولايبان الضياء عندي من الديجور
وقال لي طول هذا الليل لك عبره
تعرفْ مقام النهار لاتحسبه مهذور
يارب سالك تبدّد هذه الغدرة
بصبح باهي يذكرني بلون النور
جوّب عليّ هاجسي بأبيات من شعره
وقافية تفرز الشاعر من الشعرور
يافجر ياحلم أبو عادل ضنا دهره
يامنية أجيالنا يامطلب الجمهور
بديتْ والطلّ عاده قبل الزَهرة
وارتش في خدّها كاللؤلؤ المنثور
والورد حسّ الندى وأهدى النسيم عطره
والجولبه ساجعه بتناجي الشحرور
والله يافجر مهما طالت السفرة
لابدّ منك ولو كان الطريق موعور
لو بانخضِّب طريقك بالدما الحرة
ونفرشه من جماجمنا ونبني سور
بديت في فجر سبتمبر مع البُكرة
في يوم طايل من أيام اليمن مشهور
كل النجوم أحجرت وغنّت الزُهرة
وتلفّت الدهر لاخلفه وهو مبهور
وظنوا الناس “تبع” قام من قبره
وعاد يبني على سطح الكواكب دور
وأخي المهاجر من المهجر دغر دغرة
على جناح الأمل يبزّه الطيمور
حتى قبور الذي ماتوا فيَ الهجرة
جاءت من الشوق تقبل قبل نفخ الصور
والشعب هلّلْ وكبر وانشرح صدره
ظن أن ماشي غدر من قفا ذا النور
وظلَّ يغني في المقيل وفي السمرة
بالبال والدان والمزمار والطنبور
لا ما نسي في البناء ذي شيده ثغره
ما شافها حين ظلا في الفرح مغمور
وجوا لنا منهم ذي لاثوا السمرة
حد قال أنا شيخ وحد قال أنا مأمور
حد قال أنا ذي نسفت القصر من جذره
وتجي وهو كان مخبي في السفل مذعور
رص الرتب من قفا زنده إلى الحترة
وانزل بنات نعش ل كتفه فعلها زور
وجر كرباج من اتحاكى قرش ظهره
مثل أحمد الشوربان الفارس المشهور
والثاني أقبل يقول أنه وحيد عصره
قال أنه احتل صعده لا بلاد احجور
بعده رجال أهل عامر وأهل أبو مره
يشتي وزاره زحف من لحقته للثور
يشتي نسمر له الكرسي على جحره
من قال ماحسن عيونك قال له محجور
وتجي وهو كان مع من زيد الأجرة
ساعة معاهم وساعة ضدهم مأجور
والثالث أقبل يقول أنه فريد دهره
قال إنه العقل ذي دبر وسوّا الشور
وتجي وهو قال يوم الشور أنا هجرة
لما تولى عوج تلمه وشد الجور
والرابع الجامعي وفى لها الجغره
فصيح في النقد لكن في العمل معذور
من فندق “الشرق” لا باب فندق “الزهره”
إن قلت يسعد صباحك قال لك: “بنجور”
ليته تحلبط ولا تمت له السفرة
كنه قفا الثور يزرع حقله المهجور
والليل عود وليل الليل والغدرة
وإن المريض انتكس وتضرر المضرور
واتسلل الثعل في يده راية الثورة
وخلفها سيف “ياجناه” و” المنصور”
وأمسى يلاحق ديوك الفجر بالقصرة
حد عضعضه وحد قصقص له الشنقور
ماشي عليّ لوم لو نويت للهجرة
هارب من الثعل لاقع في يده مأسور
الحر لا شاف ما يشنأ وما يكره
ترك بلاده وخلف واديه والدور
والصقر لو شاف ما يشنأ هجر وكره
وألقى فروخه وفارقها وهو مقهور
وطار لا حيد وإلا لا خلا قفرة
من بعد ما كان في عشه سعيد مسرور
يا باطل اليوم يا غبنه ويا قهره
من باطل البقعة ومن سخرية المغدور
النوق فيها تهيج وتزيد الهدرة
والهيج هادن منتكس حترته معقور
قرن الوعل في حفاته حيث كان ظفره
وأطرافه نبت حيث القرون اظفور
لكن علي عار نبش قحطان من قبره
وهز تبع وحمير جدنا المشهور
ما نتركش يا أرضنا لو تعظم القدرة
لو يرجع الفحل ناقة والفحال نمور
ما نتركش ساعة الضيقات والعسرة
ونفلتش والدسائس داخلش بتدور
نهاية الآدمي مهما طال في عمره
في جرف عرضه ذراع إلا ربع محفور
ساعة بعزه تكفي الحر من دهره
ولا مية عام يحياها ذليل مقهور
باطل شقي شقَّ حيد “اسبيل” من جذره
وأمسى شقيقه “عصر” من شدته معصور
حرام يا “احرم” تظلي شامز النخرة
جالس تعصب جنازة عودها منخور
ياعيب عيباه من “عيبان” كم صبره
يشاهد الجور ما حتى احترك شنظور
كنه نسي يوم تزوج كم شرط مهره
وكم تركنا ذهب في مفرقه منثور
ذكرت “نهدين” وتنهدت في حسرة
هدت جدار الفؤاد أمسى وهو مقصور
قم يا “نقم” بانقم ونعود الكرّة
للتلم ذي سبروه اعوج نرد الثور
وقل لغمدان يطلق من حموا ظهره
وردوا الخصم عنه من عراض السور
ويجوا معانا ونحمل راية الثورة
ونبشر الشعب بالشورى وبالدستور
يا شوقي أشواق من “نجران” إلى “شقرة”
ببارق الصيف يبشرني بالوطن ممطور
لا ما حضرته فلا زدت البس الوزرة
وسقي القلب لما أرويه بالمعشور
ختمت قولي وهذا بعض من زفرة
لو طار منه شرارة من طرف جمرة
تحرق جهنم ويحويها المحيط ويثور