‘الحلول الممكنة: إصلاحات اقتصادية عاجلة ودور سعودي أكبر”
الحكومة الشرعية بدت وكأنها تستسلم للحيرة أمام توصيات المبعوث الأممي، الذي تصرف وكأنه وكيل اقتصادي للمليشيات الحوثية”
إستمرار انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية ليس مجرد مسألة اقتصادية عابرة؛ إنه تهديد وجودي لليمن’
يوم الإثنين الموافق 14 أكتوبر 2024، في عدن، بلغ سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار 1983 ريالا، وأمام الريال السعودي 520 ريالاً ، مشهد اقتصادي كئيب تعيشه اليمن اليوم، حيث تدفع البلاد فاتورة باهظة من انهيار العملة الوطنية ،هذا الانهيار المستمر يترافق مع تزايد حاد في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، لتصبح الأزمة المعيشية التي تطحن المواطن العادي أكثر شراسة ، ويزداد التساؤل: أين الحكومة من هذه الكارثة؟ وما هو دورها في إصلاح الوضع قبل أن يتحرك الشارع باندفاع لا يمكن التحكم فيه؟
إن فشل الحكومة في مواجهة هذا الانهيار يعد جريمة بحق الشعب اليمني، خاصة وأن التحركات المتأخرة أو الغائبة قد تقود البلاد نحو مجاعة وشيكة.
ربما لم يكن أمام رئيس الحكومة الشرعية الدكتور أحمد عوض بن مبارك خيارات سهلة، لكن الجمود والتباطؤ في اتخاذ خطوات إصلاحية فاعلة جعل الحكومة تبدو وكأنها تعيش في برج عاجي، بعيدًا عن معاناة الشعب.
الخطأ الكبير: إلغاء قرارات البنك المركزي وتداعياتها
من أكثر الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الحكومة هو إلغاء قرارات البنك المركزي التي كان من الممكن أن تعيد جزءا من الإستقرار للاقتصاد.
كانت تلك القرارات تهدف إلى توحيد النظام النقدي وتقليص الإنقسام بين المناطق المحررة والمناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية. لكن الرضوخ لضغوط المبعوث الأممي والقبول بشروط تمثل خدمة للمليشيات الحوثية أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
الحكومة الشرعية بدت وكأنها تستسلم للحيرة أمام توصيات المبعوث الأممي، الذي تصرف وكأنه وكيل اقتصادي للمليشيات الحوثية ، فما يحدث من تباطؤ في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الإصلاحات المالية هو بمثابة استسلام للأمر الواقع الذي فرضته المليشيات على الأرض، بينما تُرك شعبنا اليمني وحيداً في مواجهة كارثة اقتصادية تهدد وجوده اليومي.
التبعات المدمرة لإنهيار الريال اليمني
إن إستمرار انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية ليس مجرد مسألة اقتصادية عابرة؛ إنه تهديد وجودي لليمن. الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية والغذائية يتسبب في إضعاف القوة الشرائية للمواطنين إلى حد غير مسبوق، حيث يواجه الشعب صعوبات هائلة في تأمين احتياجاته اليومية. الأزمة ليست فقط أزمة أسعار، بل هي أزمة معيشة متكاملة، تعمق الفجوة بين السلطة والشعب.
الصحفي الاقتصادي وفيق صالح أشار إلى أن “الجمود وغياب الإصلاحات المالية والاقتصادية في المؤسسات الحكومية، وفي أعلى هرم بالدولة، من أهم الأسباب التي ساهمت في استمرار تدهور قيمة الريال اليمني”. إن انعدام التحرك الفاعل من الحكومة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية يُعد تقصيرا جسيما بحق الشعب.
العوامل الكامنة وراء التدهور
بالنظر إلى الأسباب التي أدت إلى هذا الانهيار، نجد أن تعطل موارد النقد الأجنبي وتشتت الموارد المحلية يُعدان من العوامل الرئيسية. إلى جانب ذلك، فإن تفاقم العجز في ميزان المدفوعات وارتفاع فاتورة الاستيراد يضع ضغوطا كبيرة على السوق المحلية. والأسوأ من ذلك، أن الانقسام النقدي الذي فرضته مليشيا الحوثي ساهم في تفاقم هذا الوضع، حيث أصبح النقد الأجنبي هو الأداة الرئيسية للتبادل التجاري بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة للمليشيات.
إن هذه العوامل مجتمعة جعلت اليمن على شفا انهيار اقتصادي كامل. ومع غياب الإصلاحات الاقتصادية الجادة، أصبح الوضع يقترب من نقطة اللاعودة.
الاحتجاجات الشعبية في تعز: بداية الغضب؟
في تعز، تجمع موظفون حكوميون في وقفة احتجاجية، تنديدا بانهيار العملة وتأخر صرف رواتبهم لثلاثة أشهر متتالية. هذه الوقفة جاءت كإشارة تحذيرية بأن صبر الشارع اليمني قد نفد. إن الحكومة الشرعية مطالبة باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة قبل أن يتحول الغضب الشعبي إلى تحركات واسعة تخرج عن السيطرة.
المشهد في تعز ليس استثنائيا؛ بل هو نموذج لما يحدث في جميع المناطق المحررة. الشعور بالإحباط والعجز يعم الجميع، بدءا من الموظفين الحكوميين الذين لم يحصلوا على رواتبهم، وصولا إلى المواطنين الذين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يجعل الحياة اليومية شبه مستحيلة.
الحلول الممكنة: إصلاحات اقتصادية عاجلة ودور سعودي أكبر
لا يمكن لحكومة شرعية أن تواجه هذه الأزمة بمفردها. على المملكة العربية السعودية، باعتبارها قائدة التحالف العربي، أن تتحمل مسؤولية أكبر في إنقاذ اليمن اقتصاديا. الدعم المالي والاقتصادي من السعودية يمكن أن يكون العامل الرئيسي في وقف تدهور الريال اليمني.
لكن الحلول لا تأتي فقط من الخارج. الحكومة اليمنية بحاجة إلى تبني إصلاحات اقتصادية جذرية، تشمل توحيد الموارد العامة، وإنهاء التشتت المالي بين المحافظات. كما أن إعادة تفعيل الصادرات النفطية والغازية يمكن أن يعزز موارد النقد الأجنبي، مما يساهم في استقرار سعر الصرف.
كما يجب على الحكومة استعادة دور البنك المركزي كأداة أساسية لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
إن القرارات التي اتخذها محافظ البنك المركزي كان يمكن أن تسهم في تعزيز استقرار العملة، لكن الرضوخ للضغوط الدولية والمحلية أضعف تلك الجهود.
نصيحة لرئيس الحكومة: الإصلاح قبل فوات الأوان
دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، لا يخفى عليكم أن الشعب اليمني يعاني ، إن الأزمة الاقتصادية وصلت إلى حدٍ لا يمكن تحمله، والانهيار المستمر للعملة سيؤدي إلى تداعيات كارثية. ندرك أن الضغوط التي تواجهها الحكومة كبيرة، لكن الحلول موجودة ، إعادة الثقة بالنظام الاقتصادي، وتطبيق إصلاحات مالية عاجلة يمكن أن تكون البداية.
في النهاية، الشعب اليمني ليس عدوكم. بل عدوه الميلشيات الحوثية التي فرضت إرادتها الاقتصادية ليجد الشعب ذاته أمام هذا الانهيار الاقتصادي المخيف الذي يلوح في الأفق ، عليكم أن تتحركوا سريعا لتنفيذ تلك الإصلاحات قبل أن يتحرك الشارع ويطالب بما هو أكثر من الإصلاحات. إن الاستجابة السريعة لمطالب الشعب ستجنبكم كارثة اجتماعية واقتصادية قد تكون العواقب فيها وخيمة.
والخلاصة إن اليمن اليوم يحتاج إلى تحرك سريع، ليس فقط من الحكومة الشرعية، بل من التحالف العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية.
إن الدور الاقتصادي السعودي بات أمرا حيويا لإنقاذ البلاد من الانهيار.
نأمل أن تأخذوا هذه النصائح بروح إيجابية، فالشعب اليمني يضع ثقته فيكم وفي قدرتكم على تحقيق التغيير المطلوب.
*****
مواكبة التطورات الاقتصادية
***
وعلى وقع هذا الانهيار غير المسبوق..
عقد البنك المركزي اليمني صباح الثلاثاء الفائت، اجتماعاً له هو الأول من نوعه، منذ تراجع محافظه أحمد غالب المعبقي عن الاستقالة،
وفي بيان له اطلعت انزياحات على نسخة منه، أوضح البنك، أن مجلس إدارته اجتمعت دورته التاسعة صباح اليوم، برئاسة محافظ البنك المركزي رئيس مجلس الإدارة وحضور بقية الأعضاء عبر اللقاء الافتراضي.
وناقش المجلس “أهم المواضيع المدرجة في جدول أعماله واهمها مجمل التطورات المالية والاقتصادية وموقف مالية الدولة والتزاماتها والاحتقانات التي تعيشها بعض المحافظات وما يمر به الإقليم من أحداث تنذر بتطورات يصعب التنبؤ بمالاتها وانعكاسات ذلك على استقرار الأوضاع الاقتصادية الهشة”.
وأشار المصرف المركزي اليمني إلى “تزايد الضغوط على سعر صرف العملة الوطنية في ظل توقف اهم الموارد الوطنية وانحسار المساعدات والانخفاض الكبير في إيرادات الدولة وتزايد الإنفاق وخاصة الإنفاق في مجال الطاقة الذي يفوق قدرة البلد على التحمل وفي غياب المعالجات العلمية والعملية للاختلالات”.
وكرر دعوته للحكومة بإعادة النظر في سياساتها المالية والاقتصادية وخاصة في مجال تعبئة وتحصيل الموارد العامة وإعادة تخطيط الإنفاق وفقاً للأولويات من خلال اعتماد موازنه واقعيه محددة النفقات والموارد والعجز ومصادر التمويل توائم بين الموارد الذاتية والالتزامات الحتمية وما يمكن تعبئته من موارد محليه وخارجيه لتغطية الفجوة التمويلية.
كما دعا البنك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الى دعم البنك المركزي ومساندته بما يمكنه من القيام بواجباته باستقلالية ومهنية في ظل هذه الظروف الصعبة والتطورات غير المواتية.
وجاء الاجتماع مع الانهيار غير المسبوق لأسعار العملة المحلية – الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.
***
رئيس الوزراء اجتمع مع قيادة البنك المركزي لمتابعة التدخلات المنفذة للسيطرة على أسعار الصرف
*”أكد الدكتور أحمد عوض بن مبارك، ان الانخفاض غير المبرر في سعر صرف العملة الوطنية يجب التعامل معه على انه معركة توازي في أهميتها المعركة العسكرية القائمة لاستكمال استعادة الدولة وانهاء الانقلاب’
..
من ناحيته رئيس الوزراء اجتمع أمس الاربعاء مع قيادة البنك المركزي لمتابعة التدخلات المنفذة للسيطرة على أسعار الصرف
وحسب وكالة سبأ الشرعية فقد اجتمع رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، في العاصمة المؤقتة عدن، مع قيادة البنك المركزي اليمني، لمتابعة التدخلات المنفذة للسيطرة على أسعار صرف العملة الوطنية، والإجراءات المطلوب القيام بها لإعادة الأوضاع الى طبيعتها ووقف المضاربات وضبط المتلاعبين.
واستمع دولة رئيس الوزراء خلال الاجتماع المنعقد في مقر البنك المركزي، من نائب المحافظ والوكلاء ورؤساء القطاعات المختصين، الى إحاطة شاملة حول الموقف النقدي في جوانب مؤشرات السيولة والعرض النقدي ومستوى الأسعار، وموقف الاحتياطيات الخارجية وتطورات المالية العامة في جانبي الموارد والإنفاق وحجم العجز وآليات تمويله، إضافة الى الإجراءات العاجلة التي تم اتخاذها على ضوء التطورات الأخيرة للحد من المضاربات بالعملة، وما حققته من تراجع نسبي والخطوات القادمة لتعزيز ذلك.
وأقر الاجتماع، عدد من التدابير والتدخلات على مستوى السياسات النقدية والمالية، في اطار العمل التكاملي الهادف الى تحقيق الاستقرار في سعر صرف العملة والتحكم بالأسعار واستعادة التوازن لمنظومة الاقتصاد الكلي.
وجدد دولة رئيس الوزراء، حرص الحكومة على تعزيز التكامل بين السياسة المالية والنقدية بما ينعكس على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف معاناة المواطنين المعيشية.. مؤكداً دعم الحكومة لعمل وجهود واستقلالية البنك المركزي وفق القوانين والتشريعات النافذة.
وأكد الدكتور أحمد عوض بن مبارك، ان الانخفاض غير المبرر في سعر صرف العملة الوطنية يجب التعامل معه على انه معركة توازي في أهميتها المعركة العسكرية القائمة لاستكمال استعادة الدولة وانهاء الانقلاب، ما يحتم على الجميع التعامل معها وفق هذا الأساس.. وقال ” التقديرات المالية والنقدية المؤكدة تشير الى ان ما حدث من انخفاض في أسعار الصرف وتحديداً خلال اليومين الماضيين غير مبرر او منطقي ولا يتوافق مع حجم الكتلة النقدية المتداولة وهذا يؤكد ان ما حصل ليس عفويا ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته”.
وشدد رئيس الوزراء، على ان المسؤولية تكاملية ويجب تكاتف الجهود بين الحكومة والبنك المركزي اليمني لوضع حد لهذا العبث في اقوات ومعيشة المواطنين، فالمواطن لم يعد يحتمل أي أعباء إضافية في الجانب المعيشي.
حضر الاجتماع وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد الشماسي، ونائب وزير المالية هاني وهاب، ونائب وزير الصناعة والتجارة سالم سلمان، ومستشار رئيس الوزراء السفير مجيب عثمان.
****
بن مبارك يفشل في إدارة الحكومة وسط مطالبات شعبية بإقالته
تشهد الساحة اليمنية تصاعدا في مطالبات شعبية بإقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بعد التدهور المريع الذي شهدته العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي، إذا تتجه أصابع الاتهام إلى سياسات بن مبارك المالية وإدارته التي وصفت بالفاشلة، وسط تجاهله لتوجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، التي كان من المفترض أن تكون خارطة طريق واضحة لإنقاذ الاقتصاد الوطني.
فمنذ تعيين بن مبارك قبل ثمانية أشهر، شهد الريال اليمني انهيارا غير مسبوق أمام العملات الأجنبية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار حاجز الـ2000 ريال في العاصمة المؤقتة عدن ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية. هذا الانهيار، وفقا لمراقبين، كان نتيجة تجاهل بن مبارك للأولويات والتوجيهات التي وضعها الرئيس العليمي في خطابه عند تشكيل الحكومة في فبراير الماضي.
تجاهل توجيهات الرئيس العليمي والنتائج الكارثية
في خطابه في فبراير الماضي، وضع الرئيس العليمي ملامح واضحة لسياسات الحكومة الجديدة برئاسة بن مبارك، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بأولويات المرحلة السياسية والاقتصادية والخدمية والإنسانية. وقد شدد العليمي حينها على أن مهمة الحكومة الأساسية هي تعزيز ثقة المواطنين والمجتمع الدولي بالمؤسسات اليمنية، والعمل على بناء نموذج ناجح في المحافظات المحررة، وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة.
كما أشار الرئيس العليمي إلى أهمية دعم السلطة القضائية لممارسة دورها الدستوري، وإعادة تشكيل العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية، إضافة إلى ضرورة تفعيل أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد، وإنشاء لجنة المناقصات لضبط الإنفاق الحكومي.
لكن، وبحسب محللين تجاهل بن مبارك هذه التوجيهات الحيوية، وبدلاً من ذلك اتجه نحو تنفيذ إصلاحات وصفت بأنها “عوجاء”، أدت إلى تدهور أداء الوزراء وفاقمت من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. ونتيجة لذلك، فقدت الحكومة قدرتها على السيطرة على الوضع الاقتصادي المتدهور، مما دفع العملة الوطنية إلى مستويات قياسية من التدهور.
أحد المحاور الرئيسية التي تجاهلها بن مبارك كانت توجيهات الرئيس العليمي المتعلقة بدعم جهود البنك المركزي اليمني وتعزيز استقلاليته في إدارة السياسة النقدية. فقد أكد العليمي أن دعم البنك المركزي واستخدام أدواته للسيطرة على التضخم، وتعزيز موقف العملة الوطنية، يعدان جزءًا أساسيا من استعادة الاستقرار النقدي. ورغم هذه التوجيهات، استمرت الحكومة في اتباع سياسات نقدية ومالية خاطئة ساهمت بشكل مباشر في انهيار العملة.
الرئيس العليمي أيضا حث الحكومة على ضرورة إعداد وإقرار موازنة عامة للدولة، واتخاذ سياسات تقشفية لترشيد الإنفاق وتقليص العجز المالي. كما طالب بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة وتقليل البطالة المتفشية. لكن بن مبارك، بحسب المتابعين، فشل في تحقيق أي تقدم ملموس على هذه الصعد، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
السخط الشعبي وتصاعد المطالبات بإقالة بن مبارك
في ظل هذا التدهور المستمر، باتت المطالبات الشعبية بإقالة بن مبارك وإحالته للتحقيق تتزايد يوماً بعد يوم. يرى الكثيرون أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الكارثية يكمن في تعيين شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، وقادرة على تنفيذ توجيهات الرئيس العليمي.
ما أشعل فتيل الغضب الشعبي هو الانهيار غير المسبوق للريال اليمني، حيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ2000 ريال في عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. هذا الانهيار له تبعات كارثية على المواطن اليمني، الذي بات يعاني من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض القوة الشرائية لعملته. فشل الحكومة في إدارة السياسة النقدية يُعزى بشكل كبير إلى غياب التخطيط الاستراتيجي والرؤية الاقتصادية طويلة المدى، وهي من بين الأسباب التي دفعت المواطنين إلى المطالبة بإقالة بن مبارك.
عند تعيين بن مبارك رئيساً للوزراء، تعشمت قلة قليلة من المواطنين بتحسن الأوضاع، لكن الغالبية تعاملت مع الخبر بتشاؤم واعتبرته بمثابة “الذبحة الصدرية” للحكومة. اليوم، باتت خيبة الأمل الشعبية أكثر وضوحاً، إذ يتصاعد السخط الشعبي في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، ما دفع المواطنين إلى المطالبة برحيله ومحاسبته.
ويرى العديد من المراقبين أن قيادة بن مبارك للحكومة لم ترقَ إلى مستوى التحديات التي تواجهها البلاد، وأخفقت في تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي كان يمكن أن تُحدث فارقاً في مسار الاقتصاد اليمني المتدهور.
مع استمرار انهيار العملة الوطنية وتفاقم الأوضاع المعيشية، باتت المطالبات الشعبية بإقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. يرى المواطنون أن الوقت قد حان لتغيير رئيس الوزراء، واختيار شخصية وطنية تمتاز بالكفاءة والنزاهة، تكون قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ البلاد من أزمتها الراهنة.
****
و أمس الأربعاء ناقش نائب محافظ البنك المركزي مع مبعوثة النرويج مستجدات الوضع الاقتصادي.
وقالت وكالة سبأ الشرعية ان نائب محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد عُمر باناجه، ناقش الأربعاء المبعوثة الخاصة لمملكة النرويج الى اليمن هايدي جوهانسن، مستجدات الوضع الاقتصادي وتعزيز التعاون الدولي لدعم الاستقرار النقدي.
وفي اللقاء، أوضح نائب المحافظ، أن التقلبات الحادة في أسعار الصرف تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد والذي يؤثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي إلى جانب اعتداء مليشيا الحوثي الإرهابية على الموانئ النفطية الذي تسبب بتوقف الصادرات النفطية التي تعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالعملة الصعبة، مما خلق عجز بالموازنة العامة وميزان المدفوعات، مؤكداً أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة.
وأشار باناجه الى أن البنك المركزي يعمل في إطار السياسات العامة للدولة وتوجهاتها واحترام تعهداتها بما في ذلك التزامات الحكومة اليمنية في إطار ما أعلنه المبعوث الأممي لليمن وقام بإلغاء القرارات الأخيرة بحق البنوك المخالفة تنفيذاً لتلك الالتزامات وتجاوباً مع جهود الأشقاء والأصدقاء والجهود الأممية لإفساح المجال للتوصل لحلول مستدامة تحافظ على القطاع المصرفي وترفع المعاناة عن كاهل الشعب اليمني وتصون مقدراته ومدخراته.
من جانبها أكدت المبعوثة النرويجية، دعم بلادها الكامل للحكومة في تنفيذ الإصلاحات والجهود التي تقوم بها من اجل تخفيف المعاناة الإنسانية، مشيرة إلى أن الاهتمام بالبنك المركزي من أهم ركائز الدعم المقدم من مملكة النرويج.
******
محللون اقتصاديون يرون أن سنوات حرب الحوثيين العشر عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم “وفق التقارير الدولية، حيث يعاني اليمنيون اليوم من تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة آثاره من الجوع والمرض والعوز والضعف الشديد، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والضغط على الخدمات الأساسية في عدد من المحافظات، بفعل موجات النزوح مما عكس نفسه على الحماية الاجتماعية.
وطبقا لتقارير الأمم المتحدة فإنه في حال استمرار هذا الوضع ستصنف اليمن مستقبلاً كأفقر دولة في العالم، ولقد ظهر ذلك جليا في معدل الفقر في البلاد، ففي العام 2019م بلغت نسبة الفقر 75%، 23,3 مليون من السكان. فيما قدرت في عام 2022م، بـ 79 % وفي حال استمرار الحرب الى 2030م، فيتوقع أن ترتفع النسبة إلى 88 % أي ما يقابل 34,1 مليون من السكان بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ويشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء، كما أورد المصدر اونلاين إلى أن أكثر من نصف الأسر فقدت دخلها فعلياً منذ عام 2015، كما أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى تآكل القوة الشرائية وتقهقر المداخيل وانعدام الأمن الغذائي.
ظل الاقتصاد الوطني على مدى العقود الماضية، يعاني من اختلالات عميقة، في البناء المؤسسي، والهياكل الاقتصادية للدولة، فضلاً عن تفشي الفساد وانعدام الشفافية، وغياب مبدأ المساءلة، بيد أن ما تعرض له منذ أواخر العام 2014م، كان له تداعيات كارثية على تعطيل كثير من القطاعات الحيوية، والصادرات اليمنية، لا سيما صادرات النفط والغاز.
ونتيجة لتلك التداعيات، فقد تأثرت المالية العامة للدولة بشكل بالغ، في ظل استمرار تعطيل الصادرات وتشتت الموارد المحلية، وصعوبة وصول الحكومة اليمنية إلى كثير منها.
وأثرت الاختلالات، التي تعرضت لها مالية الدولة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجوع في أوساط الشعب. أضف إلى ذلك أن الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها المالية العامة للدولة أضعفت قدرتها في القيام بوظيفتها التنموية والاجتماعية تجاه أبناء الشعب.
****
يقول الصحفي الاقتصادي نجيب العدوفي: “انهيار العملة هو نتيجة طبيعية لخلل كبير، وفي الوضع الحالي هنالك شقان؛ الشق الأول يتمثل في شحة مصادر النقد الأجنبي والحرب الاقتصادية ضد موارد الدولة، والشق الآخر ما تبعه من تدخلات في عمل البنك المركزي وإجهاض قراراته، ومنعه من اتخاذ إجراءاته، وفق اتفاق غير موجود، وإنما إملاءات قامت بها السعودية والمبعوث الأممي”.
وأضاف: “السعودية والمبعوث الأممي قاما بالضغط على مجلس القيادة الذي وجّه البنك المركزي بإيقاف قراراته، وعدم إصدار أي قرارات مماثلة”.
وتابع: “معنى ذلك أن البنك المركزي لا يمكن أن يقوم بأي إصلاحات، أو أي إجراءات خلال الفترة الحالية”.
وزاد: لقناة بلقيس انه”عندما تكون الجهة المسؤولة ضعيفة بهذا الشكل، ويتم تقديمها بهذا الشكل الضعيف، فإن سلطة المضاربين -خلال الفترة الاخيرة- كانت هي الأقوى”.
وأردف: “سلطة المضاربين استغلت هذه الفجوة، في عدم وجود جهة رقابية فقامت بعملية المضاربة، وأصبحت هي المتحكم الرئيس والوحيد بسعر الصرف، ولذلك نشهد هذا الانهيار الكبير”.
ويرى أنه “من المتوقع أن يكن هناك انهيار أكبر من الانهيار الحاصل الآن”.
وقال: “أما إذا تحدثنا عن الشق الأول، فهناك غياب لكافة مصادر النقد الأجنبي، سواء من تصدير النفط والغاز، أو من عائدات ميناء عدن التي تحولت لصالح ميناء الحديدة”.
وأضاف: “إضافة إلى غياب الشركات الأجنبية في اليمن، وغياب السفارات الدبلوماسية، وما إلى ذلك”.