تقارير وتغطيات

حميد الأحمر في دائرة الضوء على المستوى الإقليمي والدولي

منصة انزياحات

‏اعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، اليوم، فرض عقوبات على رجل الأعمال اليمني حميد الأحمر، و9 من شركاته، لتمويله لحركة حـ.مـ.ـاس ماليا.

وقالت الخزانة الأمريكية، في بيان إن الاحمر لعب أدوارًا حاسمة في جمع التبرعات الخارجية لحـ.ـمـ.ـاس، تحت ستار العمل الخيري عبر الجمعيات الخيرية

وبحسب البيان فقد طالت العقوبات شركات يديرها الأحمر في عدة دول وتضم كلا من:

شركة سبأفون للاتصالات ش.م.ل (أوفشور)، ومقرها في لبنان.

مجموعة الأحمر التجارية، ومقرها في اليمن.

الأحمر لتوريد وتوزيع الزيوت، ومقرها في اليمن.

سما الدولية للإعلام، ومقرها في اليمن.

مؤسسة السلام للتجارة والتوكيلات العامة، ومقرها اليمن.

سبأ للتجارة والاستثمار S.R.O.، ومقرها في التشيك.

حية إنيرجي ياتريملاري أنونيم سيركيتي ، ومقرها في تركيا.

إنفستريد بورتفوي يونيتيمي أنونيم سيركيتي، ومقرها في تركيا.

شركة سبأ ترك ومقرها في تركيا.

 

****

والان.. نرى هذا الحدث تطورا كبيرا في مسار العلاقات الدولية وتأثيرات العقوبات الاقتصادية على الجهات غير الحكومية، وخاصة تلك المرتبطة بالجماعات الإسلامية والتنظيمات المسلحة.

فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على رجل الأعمال اليمني حميد الأحمر وتسع من شركاته، بسبب تمويله لحركة حماس، يكشف عن تعقيدات العلاقة بين المال والسياسة والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط. في هذا التحليل، سنسلط الضوء على خلفية حميد الأحمر، دوره في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والآثار المترتبة على هذه العقوبات.

 

خلفية حميد الأحمر ودوره في الإخوان المسلمين

 

حميد الأحمر هو شخصية بارزة في المشهد السياسي اليمني، قيادي رفيع في حزب التجمع اليمني للإصلاح ..ورغم كونه معروفا كرجل أعمال، إلا أن دوره السياسي والاجتماعي يتجاوز ذلك بكثير. فهو ينتمي إلى عائلة الأحمر، التي لها تاريخ طويل في السياسة اليمنية. العائلة لعبت دورا بارزا في حزب الإصلاح، وهو الجناح السياسي للإخوان المسلمين في اليمن، ويُعرف عن حميد الأحمر علاقاته الوثيقة مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

 

عبر سنوات لاتتجاوز العشرين عاما، تمكن الأحمر من بناء إمبراطورية اقتصادية ضخمة وواسعة، شملت العديد من القطاعات، بما في ذلك الاتصالات والتجارة والطاقة. ولكن هذه الإمبراطورية لم تكن مجرد أداة لتحقيق الثروة، بل كانت وسيلة للتأثير السياسي والمالي على التنظيمات المرتبطة بالإخوان المسلمين.

 

العقوبات الأمريكية: دوافعها وأسبابها

 

بيان وزارة الخزانة الأمريكية كان واضحا في اتهاماته لحميد الأحمر، حيث ذكر أن الأحمر لعب “أدوار حاسمة” في جمع التبرعات الخارجية لصالح حركة حماس، وهي جماعة إسلامية تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. هذه التبرعات، التي تمت تحت غطاء العمل الخيري والجمعيات الخيرية، كانت توجه لدعم الأنشطة المسلحة لحماس، مما يجعل الدور الذي لعبه الأحمر جزءا من الشبكة المالية التي تدعم العنف والتطرف في المنطقة.

 

العقوبات طالت شركات متعددة يديرها الأحمر في اليمن، لبنان، تركيا، والتشيك، مما يشير إلى أن نشاطاته ليست مقتصرة على اليمن فقط، بل تمتد عبر دول متعددة. وهذا يعزز الفرضية بأن الأحمر لم يكن مجرد رجل أعمال يدير شركات اقتصادية، بل كان يُستخدم كواجهة لتوظيف أموال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو ما يجعل دوره محوريا في دعم الجماعات الإسلامية المسلحة.

 

حميد الأحمر كواجهة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين

 

إحدى النقاط التي يجب التطرق إليها هي حقيقة أن حميد الأحمر لم يكن يعمل بمفرده، بل كان جزءا من شبكة أوسع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. هذا التنظيم الذي يعمل تحت غطاء العمل الخيري والإنساني في كثير من الأحيان، يهدف إلى تمويل ودعم الجماعات الإسلامية التي تتبنى الفكر الجهادي أو المقاومة المسلحة، مثل حماس. ومن يعرف ربما سنكتشف لاحقا أنه يدعم تنظيم القاعدة أيضا.

 

الأحمر بصفته واجهة لهذا التنظيم، كان يعمل على جمع الأموال وتوظيفها في مشروعات خيرية وتجارية، بينما تُحول أرباح تلك الأنشطة لتمويل العمليات العسكرية أو النشاطات السياسية التي تخدم مصالح الإخوان المسلمين. وهذا النوع من النشاطات ليس جديدا، حيث سبق وأن كشفت تقارير عديدة عن استخدام الإخوان لشبكات تجارية وخيرية لتمويل جماعات مثل حماس في غزة أو جماعات أخرى في مصر وسوريا.

 

التبعات الاقتصادية والسياسية للعقوبات

 

العقوبات المفروضة على حميد الأحمر وشركاته لن تؤثر فقط على نشاطاته المالية، بل قد تمتد لتشمل علاقات اليمن الاقتصادية مع بعض الدول مثل تركيا ولبنان، اللتين تستضيفان شركاته. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه العقوبات إلى تراجع كبير في نشاطات الإخوان المسلمين الاقتصادية، حيث يُعتبر الأحمر أحد أهم رجال المال والأعمال المرتبطين بالتنظيم.

 

من ناحية أخرى، فإن هذه العقوبات قد تفتح الباب أمام مزيد من التحقيقات حول الأنشطة المالية للإخوان المسلمين في المنطقة، وتكشف عن الدور الخفي الذي تلعبه بعض الشركات والمنظمات الخيرية في تمويل الجماعات المسلحة. الولايات المتحدة قد تستخدم هذه العقوبات كجزء من استراتيجيتها لتقويض النفوذ المالي للتنظيمات الإسلامية المسلحة.

 

العلاقة مع تركيا ولبنان

 

العقوبات الأمريكية شملت شركات في كل من تركيا ولبنان، وهما دولتان تشهدان تداخلات معقدة فيما يتعلق بالدعم المالي والسياسي للتنظيمات الإسلامية. تركيا، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، تعتبر من الدول التي تقدم دعما سياسيا وأحيانا ماليا لبعض التنظيمات الإسلامية، بما في ذلك حماس. هذا قد يثير تساؤلات حول مدى علم السلطات التركية بنشاطات الأحمر في بلادها، وإن كانت تلعب دورا في غض الطرف عن تلك النشاطات لأسباب سياسية.

 

أما في لبنان، فالأمر معقد أكثر، حيث تتشابك العلاقات بين الأطراف السياسية والمالية هناك. وجود شركة “سبأفون” في لبنان يشير إلى أن الأحمر كان يوسع نفوذه الاقتصادي في تلك الدولة التي تشهد تنافسا حادا بين القوى السياسية، مما قد يجعل العقوبات الأمريكية تسلط الضوء على أنشطة مشابهة يقوم بها رجال أعمال آخرون مرتبطون بالتنظيمات الإسلامية هناك.

 

الأبعاد الإقليمية والدولية

 

هذه العقوبات تضع حميد الأحمر في دائرة الضوء، ليس فقط على المستوى اليمني، بل على المستوى الإقليمي والدولي. فهي تثير تساؤلات حول العلاقات المالية بين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ودول مثل تركيا وقطر، اللتين تعتبران من أبرز الداعمين للإخوان وحماس. كما قد تؤدي إلى تشديد الضغوط الدولية على تلك الدول لوقف دعمها المالي والسياسي للتنظيمات الإسلامية.

 

تأثير هذه العقوبات على حماس

 

من جانب آخر، فإن تأثير العقوبات على حميد الأحمر قد يمتد ليشمل حركة حماس نفسها. فالحركة تعتمد بشكل كبير على التبرعات الخارجية لتمويل نشاطاتها، وخاصة في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. إذا نجحت العقوبات في تجفيف مصادر تمويل حماس، فإن الحركة قد تواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ على بنيتها العسكرية والسياسية.

وبالمحصلة فإن فرض العقوبات الأمريكية على حميد الأحمر وشركاته يكشف عن التداخل المعقد بين المال والسياسة والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط. الأحمر، الذي كان يُعتبر أحد أبرز رجال الأعمال في اليمن، يظهر الآن كواجهة مالية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ما يجعله جزءًا من شبكة دولية تهدف إلى دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة.

 

هذه العقوبات لن تؤثر فقط على الأحمر وشركاته، بل قد تكون بداية لتحركات أوسع تهدف إلى تقويض النفوذ المالي للإخوان المسلمين في المنطقة، وتجفيف منابع التمويل للجماعات الإسلامية المسلحة مثل حماس. في النهاية، ستبقى هذه التطورات تحت المجهر الدولي، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط.