تقارير وتغطيات

تاريخ الانهيار التعليمي تحت قبضة المحاصصة الحزبية

منصة انزياحات

“‘عندما يكون الوزير معين وفقاً لمحاصصة حزبية هكذا تكون النتيجة”؟

“معالي وزير التعليم العالي هل درست العواقب التي ستلحق لدفع الطلاب الخريجين من برامج الدبلومات الطبية التي تم تأهيلها في جامعة تعز، ولماذا تم الترخيص لجامعات الشقق بتأهيل طلاب بكالوريوس في مختلف المجالات الطبية وغيرها، بل وحضورك الشخصي في احتفالات بعض تلك الجامعات التي ليس لديها التأهيل اللازم لتنفيذ برامج التعليم العالي، هذا إذا ما افترضنا جُزافاً بصحة مذكراتك.

ماذا أن لم تكن مذكرتك في غير محلها فالمصيبة أعظم معالي الوزير، كيف لك أن تخاطب المجلس الطبي بمذكرة عدم الاعتراف بالشهائد الصادرة عن جامعة حكومية في مدينة عظيمة كتعز، والسؤال هو:

هل تريد القول انك سوف تغلق تلك الاقسام بالف طريقة شئتم أو ابيتم يا أبناء تعز واحزاب تعز وكوادر تعز؟

ما هي الاجراءات القانونية اللازمة التي اتخذتموها لاغلاق تلك الاقسام من بداية فتح التسجيل قبل اعوام؟

هل التعليم في جامعة تعز تمثل أسرار عسكرية خطيرة حتى لا يصلكم خبر التعليم فيها بعد كل هذه السنوات؟

رئيس جامعة تعز كما نعرفه أستاذ محاضر في القانون منذُ عرفنا أنفسنا طلاب في جامعة تعز فهل يعقل أن يتم فتح اقسام بطريقة غير قانونية يا معالي الوزير؟

أيها الوزير المبجل ما هكذا تُورد الابل، أعرف انك اتيت إلى منصبك بدون ادنى خبرات لقيادة الوزارة ولكن لا تعبث في مستقبل اجيال من أبناء تعز، ولن ندعك تعبث طالما بقينا احياء.

احزم امرك وعالج الأمور بحكمة، ولا تتخذ قرارات ارتجالية تمس مصير آمة.”

كانت تلك رسالة ( الدكتور عبد السلام حيدر) ..” تلقت انزياحات نسخة منها”جراء القرار الكارثي لوزير التعليم العالي ،ولكن حتى يمكننا فهم مدى الأزمة التي تعصف بالتعليم العالي في اليمن، فإنه من خلال استعراض ما حدث في جامعة تعز كجزء من الصورة الأكبر لمأساة التعليم العالي في البلاد.

إن الاستياء والغضب الذي يعبر عنه المتظلم ليس مجرد حالة فردية، بل يمثل صدى للعديد من الأصوات التي تكافح من أجل مستقبلها الأكاديمي في ظل نظام هش يسيطر عليه توزيع المناصب بناءً على المحاصصات الحزبية.

والشاهد إن التعليم العالي في اليمن كان دائماً مرتبطاً بالتحديات السياسية والاقتصادية، إلا أن تعيين الوزراء وفقاً للمحاصصة الحزبية أصبح كارثة جديدة تُثقل كاهل المؤسسات التعليمية. الوزير المعني، الذي تم تعيينه بناءً على انتمائه الحزبي لا على كفاءته أو خبرته في مجال التعليم العالي، يظهر كعامل رئيسي في الأزمة. الوزارات أصبحت أداة سياسية بيد الأحزاب، تُستغل لتمرير أجنداتها الاقتصادية والسياسية، وهو ما يظهر في حالة الجامعات الخاصة أو “جامعات الشقق”، كما يُطلق عليها البعض.

 

الجامعات الخاصة: استثمار حزبي أم مؤسسات تعليمية؟

نمت الجامعات الخاصة في اليمن بشكل مريب، لتصبح استثمارات مموهة لبعض الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حزب التجمع اليمني للإصلاح. الوزير الإصلاحي يساهم في كارثة جامعات الشقق..منحت هذه الجامعات تراخيص مشكوك في قانونيتها لتقديم برامج البكالوريوس والماجستير في مجالات طبية وغيرها، دون أي رقابة تذكر على جودة التعليم أو الالتزام بالمعايير الأكاديمية. ما يزيد الوضع سوءاً هو مشاركة بعض المسؤولين الحكوميين، بما فيهم الوزير الحالي، في فعاليات هذه الجامعات، مما يعطيها طابعاً من الشرعية رغم افتقارها لأي مقومات تؤهلها لتنفيذ برامج تعليمية حقيقية.

 

جامعة تعز: رمز للصمود التعليمي أم هدف للتدمير؟

 

وسط هذا الفوضى، تبرز جامعة تعز كمؤسسة تعليمية حكومية عريقة تحمل إرثاً تعليمياً طويلاً. إلا أن قرارات الوزير بعدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عن بعض الأقسام الطبية في الجامعة تعد ضربة قاسية ليس فقط للطلاب والخريجين، بل للمجتمع الأكاديمي ككل.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يتخذ الوزير أي إجراءات قانونية لمنع افتتاح تلك الأقسام منذ البداية، إذا كانت غير قانونية كما يزعم الآن؟ هل كان التعليم في جامعة تعز “سراً عسكرياً” حتى لا يصل إلى الوزارة أي خبر عن طبيعة تلك الأقسام؟

وثيقة من طرف وزير التعليم العالي تكشف قراراته العبثية في محاربة أعرق جامعات اليمن !

 

إن قرار عدم الاعتراف بالشهادات يأتي بعد سنوات من الدراسة، وبعد أن أصبح الطلاب على أعتاب التخرج. كيف يمكن أن يُطلب من هؤلاء الخريجين، الذين أمضوا سنوات في الدراسة والتحصيل، أن يتقبلوا فجأة بأن شهاداتهم لا قيمة لها؟ هذه القرارات الارتجالية تعكس عدم القدرة على التخطيط أو إدارة الأزمات بشكل حكيم، مما يضع مستقبل جيل كامل على المحك.

 

هل هناك أجندات خفية؟

 

الوزير الحالي، بانتمائه الحزبي الواضح، يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرارات التي يتخذها. هل هي فعلاً قرارات مبنية على مصلحة التعليم العالي، أم أنها مجرد أدوات لتحقيق أهداف سياسية؟ يبدو أن الجامعات الخاصة المرتبطة بالتجمع اليمني للإصلاح تمثل جزءاً كبيراً من هذه المعادلة. استغلال التعليم كأداة لتحقيق أرباح حزبية أمر يضرب في عمق أخلاقيات التعليم، ويهدد بتدمير النسيج الأكاديمي في البلاد.

 

مستقبل التعليم العالي: إلى أين؟

 

في ظل هذه التحديات، يتعين على رئيس الوزراء أن يعيد النظر في سياسات وقرارات وزير التعليم العالي. الإصلاح الحقيقي في التعليم العالي يتطلب قيادة مؤهلة قادرة على وضع خطط بعيدة المدى تهدف إلى تحسين جودة التعليم وضمان العدالة الأكاديمية لكل الطلاب، بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية أو الحزبية. الإصرار على الاستمرار في هذه السياسات الارتجالية لا يعني سوى مزيد من الفشل والانهيار في النظام.