تظهر ممارسات الحوثيين القمعية في الفترة التي تسبق ذكرى ثورة 26 سبتمبر حالة واضحة من الذعر والهلع من هذه المناسبة الوطنية.
‘هذه الثورة ليست مجرد ذكرى تقام مرة واحدة في العام، بل هي ميلاد حياة جديدة لليمنيين”.
عاشت الميليشيات الحوثية حالة من الرعب والتوتر غير المسبوق مع اقتراب ذكرى ثورة 26 سبتمبر، حيث تصاعدت وتيرة القمع والاعتقالات بحق كل من يحاول الاحتفال بهذا اليوم الوطني التاريخي. حملات الاعتقالات بدأت حتى قبل انطلاق أي مظاهر للاحتفال، واستهدفت كل من أعلن عن نيته إحياء ذكرى هذه الثورة العظيمة التي تمثل تحرير اليمن من حكم الإمامة الاستبدادي.
العام الماضي، اعتقلت المليشيات المئات من المحتفلين بذكرى 26 سبتمبر، واليوم تتكرر المشاهد ولكن بأسلوب أشد قمعا، حيث تشمل الاعتقالات الناشطين وحتى الأشخاص الذين رفعوا العلم الوطني أو كتبوا عن نيتهم الاحتفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الممارسات تكشف عن مدى خوف المليشيات من قوة هذه الذكرى في قلوب اليمنيين، وعن مدى إدراكهم أنها ليست مجرد حدث عابر، بل رمز متجدد لنضال الشعب اليمني ضد الاستبداد والظلم.
في صنعاء وحدها، تم اعتقال أكثر من 120 شخصا في ساحة السبعين لمجرد رفعهم للعلم الوطني، وأُجبر المعتقلون على دفع غرامات مالية كبيرة بالإضافة إلى توقيع تعهدات بالامتناع عن المشاركة في أي احتفالات وطنية مستقبلية. كما طالت الاعتقالات أفرادا من أسر المعتقلين الذين حاولوا الاستفسار عن ذويهم. هؤلاء الشباب، وبعضهم دون سن الـ 15، يجدون أنفسهم في السجون دون أي مبرر قانوني سوى رغبتهم في التعبير عن حبهم لوطنهم ومبادئ ثورتهم.
وفي محافظة إب وسط اليمن شملت الاعتقالات أكثر من450 شخصاً ،الهستيريا التي يعيشها الحوثيون ليست فقط تعبيرا عن خوف من مظاهر الاحتفال، بل هي دليل على أنهم يرون في ثورة 26 سبتمبر تهديدا وجوديا لأيديولوجيتهم التي تحاول إحياء نظام الإمامة القديم بلباس جديد. وبذلك، فإن كل عام يتجدد فيه الاحتفال بهذه الثورة يشكل تذكيرا دائما بفشل مشروعهم السلطوي في قمع إرادة اليمنيين.
ستظل تجدد ثورة 26 سبتمبر في كل عام رسالتها الخالدة بأن اليمنيين قادرون على استعادة كرامتهم وحقوقهم مهما طال أمد الظلم والقهر. فهي ليست مجرد ذكرى عابرة، بل ميلاد لحياة جديدة، واستمرار الاحتفال بها هو دليل على أن جذوة الحرية لا تزال متقدة في قلوب اليمنيين، وأنهم لن يتراجعوا عن التمسك بها مهما بلغت التضحيات.
وتظهر ممارسات الحوثيين القمعية في الفترة التي تسبق ذكرى ثورة 26 سبتمبر حالة واضحة من الذعر والهلع من هذه المناسبة الوطنية، التي تعتبر نقطة تحول تاريخية في مسار اليمن الحديث. الاعتقالات العشوائية والواسعة النطاق التي تستهدف الشباب والناشطين وحتى المدنيين العاديين ليست مجرد محاولة لكبح الاحتفالات، بل هي تعبير عن الخوف العميق من رمزية هذه الثورة وأثرها المستمر في توحيد اليمنيين ضد الحكم الاستبدادي.
والحال أن المليشيات الحوثية ترى في أي تحرك شعبي للاحتفال بثورة 26 سبتمبر تهديدا مباشرا لوجودها وأيديولوجيتها، كونها تعتبر امتدادا لنظام الإمامة الذي أطاحته الثورة. لهذا السبب، تُجري المليشيات حملة اعتقالات سنوية موسعة تستهدف أي شخص يرفع العلم اليمني أو يتحدث عن نية الاحتفال. ومع ذلك، ما زال الشعب اليمني يصر على الاحتفال بهذه المناسبة، على الرغم من القمع المتزايد، مما يعكس قوة روح الثورة في نفوسهم.
منذ العام الماضي وحتى هذا العام، أظهرت الاعتقالات التي طالت مئات الأشخاص استهدافا ممنهجا لأي رمز يدل على رفض الحكم الحوثي. ولم تقتصر هذه الإجراءات على الاحتفالات نفسها، بل امتدت إلى محاولات إسكات كل من يجرؤ على التفكير في الاحتفال بالثورة، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في الأماكن العامة. الحملة تشمل أيضًا ضغوطات على عائلات المعتقلين لإجبارهم على دفع غرامات مالية وضمانات من شيوخ القبائل الموالين المليشيات لضمان إطلاق سراحهم، وهو ما يزيد من معاناة هذه العائلات.
من ناحية أخرى، يجسد رفض الحوثيين القاطع لثورة 26 سبتمبر اعترافا ضمنيا بقوة هذه الثورة ورمزيتها التي تعبر عن الحرية والتحرر من نظام مستبد. التصعيد الحوثي ضد المحتفلين يعكس مدى هشاشة سلطتهم واستشعارهم للخطر الذي تمثله هذه الثورة على مشروعهم في إحياء نظام الإمامة بوجه جديد. إن استمرار هذه الاعتقالات يشير إلى محاولة الحوثيين خلق مناخ من الخوف والرهبة لمنع أي تعبير شعبي عن رفضهم.
بالمقابل، الشعب اليمني مستمر في مقاومة هذه الأساليب القمعية، ويجد في ذكرى 26 سبتمبر فرصة لتجديد التزامه بالحرية والاستقلال. الثورة تجاوزت كونها مجرد احتفال سنوي لتصبح رمزا دائما للحياة والتغيير. في كل عام، تُعيد هذه الذكرى إحياء الأمل لدى اليمنيين في مستقبل أفضل، وتذكّرهم بضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة والنضال من أجلها، رغم كل التحديات التي يفرضها الواقع الحالي..في النهاية، هذه الثورة ليست مجرد ذكرى تقام مرة واحدة في العام، بل هي ميلاد حياة جديدة لليمنيين، وحري بكل يمني أن يحتفل بها ويرفع علمها عاليا كرمز للحرية والتضحية والكرامة.