أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة في محافظة حضرموت، اليوم الاثنين، حكماً بإعدام أربعة من قيادات المليشيا، بينهم عبدالملك الحوثي ومهدي المشاط، وذلك بعد إدانتهم بارتكاب جرائم جسيمة ضد الجمهورية اليمنية.
جاء ذلك في الجلسة العلنية التي عقدتها المحكمة برئاسة القاضي فهد محمد موسى اليزيدي، وبحضور عضو النيابة القاضي غانم البحسني، وأمين السر سالم سعيد باوزير، في القضية الجنائية الجسيمة رقم (66) لسنة 1444هـ المرفوعة من النيابة الجزائية المتخصصة برقم (144) لسنة 2022م، بشأن جرائم البغي والاعتداء على استقلال الجمهورية اليمنية، والاتصال غير المشروع بدولة أجنبية، والاعتداء على الدستور والسلطات الدستورية، والعصيان المسلح، والاشتراك في عصابة مسلحة، وتفجير وإحراق وتخريب الأموال المتعلقة بالاقتصاد القومي.
ونص منطوق الحكم على إدانة المتهمين:
المتهم الأول (عبدالملك بدر الدين بن أمير الدين الحوثي)، المتهم الثاني (مهدي محمد حسين المشاط)، المتهم الثالث (محمد ناصر العاطفي)، والمتهم الرابع (يحيى قاسم سريع) بما هو منسوب إليهم في قرار الاتهام، وفقاً لما جاء من تعديل في الأسباب.
وجاء في الفقرة الثانية من منطوق الحكم: “معاقبة المدانين على مجموعة الجرائم بالإعدام ضرباً بالسيف أو رمياً بالرصاص حتى الموت، على أن ينفذ الإعدام في مكان عام”.
وشملت التهم الموجهة للقيادات الحوثية: “الاعتداء على استقلال الدولة، التخابر مع جهات أجنبية، والعصيان المسلح، إضافة إلى تنفيذ هجمات إرهابية باستخدام طائرات مسيرة على موانئ حضرموت وشبوة في أواخر 2022، مما أدى إلى شلل في الاقتصاد الوطني
محكمة حضرموت.. خطوة جريئة في مواجهة التمرد الحوثي ودعوة لسيادة القانون
“انزياحات تحيي محكمة حضرمو قضت على “الطوطم”.
رئيس التحرير
الحكم الصادر من المحكمة الجزائية المتخصصة في حضرموت بإعدام أربعة من قادة مليشيا الحوثي يمثل حدثا بارزا في الصىراع القائم في اليمن. رغم أن هذه المحكمة تعمل خارج نطاق سيطرة المليشيات، إلا أن حكمها يرمز إلى الصراع المستمر بين الشرعية والدولة من جهة، وبين المليشيات التي تسعى لتقويض سيادة الدولة من جهة أخرى.
ما نراه في الأفق هو بداية تحرك قانوني ضد هذه المليشيات، يعزز من جهود الحكومة الشرعية والمحاكم الحرة خارج سيطرة الحوثيين. أهم مافي الامر ان المحكمة أعلنت القضاء على “الطوطم” الذي كانت المليشيات تسعى لتقديسه، والمتمثل في زعاماتها التي تظن أنها فوق القانون، يعد نقطة تحول هامة. هذه الأحكام القضائية، وإن كانت رمزية في بعض الجوانب بحكم أنها تصدر في مناطق لا تسيطر عليها المليشيات، ترسل رسالة قوية عن التمسك بالشرعية وسيادة القانون.
التحليل القانوني والسياسي: الحكم بالإعدام جاء بناءً على تهم تشمل جرائم جسيمة، منها الاعتداء على استقلال اليمن، التخابر مع دول أجنبية، والهجمات الإرهابية على موانئ حضرموت وشبوة باستخدام الطائرات المسيرة. هذه الجرائم لا تمس فقط السلطة السياسية والدستورية في اليمن، بل تضرب في صميم الاقتصاد القومي للبلاد.
الدلالة الاقتصادية: هجمات الحوثيين على الموانئ اليمنية، خاصة في مناطق مثل حضرموت وشبوة، تؤكد أن المليشيات لا تسعى فقط للسيطرة السياسية، بل أيضا لاستهداف مصادر الاقتصاد الحيوية في اليمن. تلك الهجمات، التي تسببت في شلل تصدير النفط والموارد الطبيعية، تشير إلى محاولات حوثية لتعطيل التنمية الاقتصادية وإضعاف الحكومة الشرعية. الاقتصاد هو أحد ساحات الصراع الكبرى في هذا النزاع، وما تمثله هذه الهجمات من تهديد للنمو الاقتصادي يعكس استراتيجية طويلة الأمد لدى الحوثيين لتعطيل الدولة اليمنية من جميع النواحي.
(2)
طبعا بسبب عدم سيطرة الحكومة الشرعية على كافة الأراضي اليمنية، فإن الحكم قد لا ينفذ فعليا في المدى القريب. لكنه يحمل أبعادا أخرى تتجاوز التنفيذ الفعلي؛ فهو يعكس التزام الدولة اليمنية ومؤسساتها القانونية بالتصدي للجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي، ويضع زعماء هذه المليشيا في مواجهة مع العدالة بشكل رسمي.
التحليل القانوني والسياسي:
هذا الحكم يعزز الشرعية القانونية والقضائية للحكومة اليمنية أمام المجتمع الدولي، ويُظهر أن هناك محاكم حرة تعمل في ظل القانون والدستور. إصدار حكم بالإعدام على زعماء الحوثي يبرز قدرة النظام القضائي اليمني على إصدار قرارات هامة رغم الظروف المعقدة.
من الناحية السياسية، الحكم يشكل رسالة إلى المجتمع الدولي بأن أي حوار أو مفاوضات مع الحوثيين لا يمكن أن يتجاهل الجرائم المرتكبة. فهو يفضح تخابر الحوثيين مع جهات خارجية واعتداءهم على استقلال الدولة والسيادة الوطنية، ويكشف اعتمادهم على أساليب إرهابية تهدف إلى شل الاقتصاد اليمني وتعميق الأزمة.
الجرائم المرتكبة:
التهم الموجهة للحوثيين تتضمن تنفيذ هجمات إرهابية على موانئ حضرموت وشبوة باستخدام طائرات مسيرة، وهي جرائم اقتصادية كبرى. الهجمات على هذه الموانئ لا تهدف فقط إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية، بل هي محاولات مباشرة لتدمير الاقتصاد اليمني، وتجعل الدولة أكثر هشاشة في مواجهة التحديات الدولية.
هذا النمط من الهجمات يُظهر أن الحوثيين لا يسعون فقط للسيطرة العسكرية، بل يعملون على تدمير الاقتصاد الوطني لخلق بيئة سياسية يائسة يمكنهم استغلالها في تعزيز سلطتهم. وبالتالي، فإن الرد القضائي من محكمة حضرموت يمثل ردا قويا على هذه الانتهاكات، ويضع قادة المليشيا في مواجهة مع العدالة الدولية والمحلية.
البعد الإنساني والقانوني:
لا يقتصر الحكم الصادر على الجانب السياسي، بل يحمل بُعدا إنسانيا وقانونيا مهما. الحكم يُظهر التزام اليمنيين بمبادئ العدالة، حتى في ظل الظروف القاسية التي تعيشها البلاد. في ظل انتهاكات الحوثيين، مثل القتل والتعذيب والاعتداءات على المدنيين، يُعد الحكم بمثابة صوت يمني يطالب باستعادة الحق والعدالة.
رد الفعل الاجتماعي والشعبي:
من المتوقع أن يشكل هذا الحكم أصداء واسعة بين الأوساط مختلف القوى اليمنية، خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية. الحكم يمثل انتصارا رمزيا للشرعية ويعزز ثقة المواطنين في القضاء. كما يمكن أن يشكل هذا الحكم دافعا للمزيد من التحركات الشعبية والسياسية ضد الحوثيين، خصوصًا مع تعاظم الغضب الشعبي من انتهاكاتهم المتكررة.
في السياق نفسه، تأتي هذه الأحكام بعد أيام فقط من المجزرة التي ارتكبها الحوثيون بحق السلطة القضائية ونقابة المحامين اليمنيين، مما يعزز فكرة أن هذه المليشيات لا تحترم أي مؤسسة قانونية أو مدنية. الهجوم على السلطة القضائية يعكس عمق ازدراء الحوثيين لأسس الدولة، ويبرز أهمية هذا الحكم في ردع تلك التجاوزات وإرسال رسالة مفادها أن العدالة ستتحقق في النهاية، حتى وإن طال الزمن.
(٣)
الأبعاد المستقبلية:
رغم أن تنفيذ الحكم في الوقت الحالي كما هو متوقع يبدو مستبعدا بسبب سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من اليمن، إلا أن هذا الحكم يحمل أبعادا مستقبلية. من الناحية السياسية، يمكن أن يؤدي إلى تعزيز موقف الحكومة اليمنية في أي محادثات سلام مستقبلية، حيث يضع قادة الحوثي في موقف دفاعي أمام المجتمع الدولي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُستخدم هذا الحكم كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية أو قانونية في المحافل الدولية.
من الناحية القانونية، يمكن أن يشكل هذا الحكم سابقة قضائية في اليمن، تؤكد أن الجرائم المرتكبة ضد الدولة والمواطنين لا يمكن أن تمر دون محاسبة. كما قد يفتح الباب أمام قضايا أخرى مماثلة ترفع ضد قيادات المليشيات المختلفة التي ارتكبت جرائم بحق الشعب اليمني.
التأثير على الموقف الدولي:
إصدار أحكام كهذه ضد قيادات الحوثيين قد يثير نقاشا دوليا حول كيفية التعامل مع هذه الجماعة في المحافل الدولية. فقد تجد بعض الدول نفسها أمام معضلة التعامل مع قادة حُكم عليهم بالاعدام.!