طعنة مباشرة في قلب سيادة القانون
إلغاء نقابة المحاميين جزء من مشروع تدميري للقضاء وضربة قاصمة لمهنة المحاماة
إنهم يسعون إلى بناء دولة داخل الدولة، دولة لا مكان فيها للقانون أو العدالة، بل للولاء الأعمى للميليشيا وأيديولوجيتها”
إلغاء نقابة المحامين اليمنيين ليس مجرد قرار إداري، بل هو جزء من مشروع أكبر يستهدف تدمير اليمن كمجتمع ودولة.
يعد إصدار الحوثيين لقانون إلغاء نقابة المحامين اليمنيين خطوة خطيرة تأتي في سياق محاولاتهم المتواصلة للهيمنة على المؤسسات اليمنية وتحويلها إلى أدوات تخدم مشروعهم الانقلابي، وهذا القرار لا يمكن قراءته بمعزل عن سلسلة الإجراءات القمعية التي تنفذها هذه الميليشيا منذ انقلابها على الدولة. إن هذا القانون الصادر أمس يعكس بشكل صارخ إصرار الحوثيين على تفكيك النظام القانوني والدستوري في اليمن واستبداله بنظام يخدم مصالحهم الضيقة ويكرس سلطتهم غير الشرعية.
أثر هذا القرار على سيادة القانون:
إلغاء نقابة المحامين، وهي الجهة المهنية التي تمثل المدافعين عن الحقوق والحريات وتنظم العمل القانوني في البلاد، يعتبر طعنة مباشرة في قلب سيادة القانون. فالنقابة هي الضامن لاستقلالية المحامين وحمايتهم من الضغوط والتدخلات السياسية. إن إلغاءها من قبل جماعة غير شرعية هو بمثابة إعلان صريح بعدم الالتزام بأي معايير قانونية أو حقوقية، ويؤكد عزم الحوثيين على فرض حكم استبدادي لا يعترف بحقوق الأفراد ولا بالمؤسسات القانونية التي تحميهم.
تداعيات القرار على مهنة المحاماة:
إلغاء النقابة يشكل ضربة قاصمة لمهنة المحاماة في اليمن. المحامون هم الجنود الذين يدافعون عن العدالة ويحمون حقوق الأفراد، وإذا فقدوا هيكلهم التنظيمي الذي يحميهم ويضمن استقلالهم، سيصبحون عرضة للاضطهاد والملاحقة من قبل الحوثيين. هذا القرار سيفتح الباب أمام قمع المحامين الذين يرفضون الانصياع لأوامر الميليشيا، وسيفرض عليهم العمل في بيئة قانونية تفتقر إلى أدنى معايير الاستقلالية والنزاهة.
تأثيره على حقوق الإنسان:
إن إلغاء نقابة المحامين سيعني ضمناً تكميم أفواه المحامين المستقلين الذين قد يتجرأون على الدفاع عن المعتقلين السياسيين وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الحوثيون. بدون نقابة قوية تحميهم، سيصبح من السهل على الحوثيين استهداف المحامين الذين يقفون ضدهم، مما يزيد من تعميق حالة الخوف والاضطهاد في اليمن. وهذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والحقوقية في البلاد، حيث ستزداد حالات الاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان.
التأثير على القضاء اليمني:
إلغاء نقابة المحامين ليس مجرد إجراء ضد المحامين فحسب، بل هو استهداف مباشر للنظام القضائي في اليمن. إن القضاء لا يمكن أن يعمل بشكل سليم في غياب محامين مستقلين قادرين على تمثيل المتهمين والمجني عليهم بشكل حر ودون خوف من الانتقام. الحوثيون بهذا القرار يسعون إلى تحويل القضاء إلى أداة طيعة في أيديهم، يستخدمونها لتصفية الحسابات السياسية وقمع الأصوات المعارضة. وسيكون القضاء في اليمن بعد هذا القرار مجرد واجهة خالية من العدالة، يخدم مصالح ميليشيا الحوثي لا أكثر.
التداعيات على المجتمع اليمني:
المجتمع اليمني، الذي يعاني أصلاً من تداعيات الحرب والانقلاب الحوثي، سيتأثر بشكل كبير بهذا القرار. فالنقابة لا تمثل فقط المحامين، بل هي جزء من بنية المجتمع المدني الذي يحاول، رغم كل الصعوبات، الصمود أمام استبداد الميليشيات. إلغاء النقابة هو خطوة جديدة في طريق تفكيك مؤسسات المجتمع المدني، ويزيد من تقويض العمل الحقوقي والقانوني في اليمن. ستصبح المظالم أكثر انتشاراً دون وجود صوت قانوني حر يدافع عن حقوق الناس، وسيزداد الشعور باليأس والإحباط في أوساط اليمنيين الذين يرون مؤسساتهم تتهاوى واحدة تلو الأخرى.
رسالة سياسية مدمرة:
هذا القرار يحمل رسالة سياسية واضحة: الحوثيون لا يعترفون بأي مؤسسات خارج نطاق سيطرتهم، ويعتبرون أي جهة لا تخضع لهم عدواً يجب القضاء عليه. إلغاء نقابة المحامين يعكس أيضاً رغبة الحوثيين في تدمير كل مؤسسات الدولة اليمنية واستبدالها بهياكل بديلة تخدم مشروعهم الطائفي. إنهم يسعون إلى بناء دولة داخل الدولة، دولة لا مكان فيها للقانون أو العدالة، بل للولاء الأعمى للميليشيا وأيديولوجيتها.
رد فعل المجتمع الدولي والمجتمع اليمني:
المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه الخطوة التي تؤكد مجدداً أن الحوثيين لا يمكن اعتبارهم شريكاً في أي عملية سياسية تستهدف إعادة السلام إلى اليمن. إلغاء نقابة المحامين هو تصعيد خطير يجب مواجهته بإجراءات ملموسة، بما في ذلك فرض عقوبات على القيادات الحوثية المتورطة في تدمير المؤسسات اليمنية. أما المجتمع اليمني، فعليه أن يدرك خطورة هذا القرار ويدافع عن نقابته وعن حقه في وجود نظام قانوني مستقل بعيداً عن هيمنة الميليشيات.