تقارير وتغطيات

مافعله الحوثيون ..حرب شاملة على الإنسان

مقال خاص لانزياحات تعليقا الدراسة المسحية التي أجرتها الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين.

نبيل عبد الحفيظ مانع
مستشار وزارة حقوق الإنسان

أكثر من مليوني نازح في اليمن عادوا ديارهم.. لكن ماذا وجدوا؟”

“كيف يمكن للإنسان أن يستعيد حياته الطبيعية في مثل هذه الظروف؟”

‘هؤلاء الأطفال باتوا عرضة للانجرار نحو الجهل والعنف بدلاً من المعرفة والتنوير.”.

“قطاع المياه والصرف الصحي: قضية حياة أو موت”.

الكارثة الأكبر: انعدام الأمن الغذائي

النزوح الداخلي في اليمن يمثل إحدى أكبر المآسي الإنسانية الناتجة عن الصراع المسلح الذي اندلع منذ انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في البلاد. إذ لم يُترك اليمنيون للنزوح فحسب، بل استمرت معاناتهم عند العودة إلى ديارهم المدمرة والمنهكة. لا يمكن وصف ما يواجهه أكثر من مليوني نازح عادوا إلى بيوتهم بغير “الخراب”، ولا يمكن إلا أن نتساءل: كيف يمكن للإنسان أن يستعيد حياته الطبيعية في مثل هذه الظروف؟

 

الدراسة المسحية التي أجرتها الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين كشفت عن أرقام صادمة. الأرقام التي تتحدث عن الدمار الشامل أو الجزئي للمنازل، المدارس المدمرة، المرافق الصحية المعطلة، وانعدام شبكات الصرف الصحي والمياه. كل هذه الإحصاءات تروي جزءاً من معاناة ملايين اليمنيين، وتجسد حجم الكارثة التي حلت بالبلاد.

وفقاً للدراسة، بلغ عدد المنازل المدمرة كلياً 40,163 منزلاً، بينما بلغ عدد المنازل المدمرة جزئياً 93,011 منزلاً، وهي أرقام لا يمكن تجاوزها. ماذا تعني هذه الأرقام؟ تعني ببساطة أن مئات الآلاف من الأسر اليمنية عادت إلى منازل غير صالحة للعيش، منازل تحتاج إلى ترميم أو بناء من جديد، ومن أين لهم هذا في ظل غياب أي موارد أو دعم فعلي من الدولة أو المنظمات الإنسانية؟! هذا هو الواقع المرير الذي يواجه النازحين العائدين.

الكارثة التعليمية

القطاع التعليمي لم يكن بمنأى عن هذا الدمار. الدراسة أشارت إلى أن 28.12% من مناطق العودة لا توجد فيها مدارس على الإطلاق، بينما 135 مدرسة توقفت عن العمل نتيجة لغياب الكادر التعليمي. وما زاد الطين بلة، أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم بلغ 103,194 طالباً، وهو رقم خطير يعكس مأساة جيل كامل من الأطفال الذين حُرموا من حقهم في التعليم.

التعليم ليس مجرد حق، بل هو سلاح مهم لمواجهة الجهل والتطرف والعنف، ومع ذلك، فإن عدم توفر المدارس أو المعلمين يعمق الفجوة التعليمية في المناطق المتضررة من الحرب. هؤلاء الأطفال باتوا عرضة للانجرار نحو الجهل والعنف بدلاً من المعرفة والتنوير.

 

قطاع المياه والصرف الصحي: قضية حياة أو موت

العودة إلى مناطق بلا مياه صالحة للشرب أو شبكات صرف صحي هي عودة إلى المجهول. الدراسة المسحية أشارت إلى أن 43.34% من المناطق التي يتواجد فيها العائدون لا توجد فيها مشاريع مياه، و1,122 منطقة لا توجد فيها شبكات صرف صحي. هذه الأرقام كارثية بكل المقاييس، إذ يعني ذلك أن العائدين يعيشون في ظل ظروف صحية خطيرة تهدد حياتهم وحياة أطفالهم.

تصريف الصرف الصحي بطرق عشوائية عبر بيارات غير مخططة هو كارثة بيئية وصحية تنتظر الانفجار في أي لحظة. كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية إذا كانت حتى الضروريات الأساسية للحياة مثل المياه والصرف الصحي غير متوفرة؟

قطاع الصحة في حالة انهيار

تحتل الرعاية الصحية جزءا رئيسيا من حقوق الإنسان، ولكن في اليمن، قطاع الصحة هو أحد القطاعات الأكثر تضررا جراء الحرب. التقرير كشف أن 24% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا يوجد فيها كادر طبي، بينما 28% من المرافق الصحية لا تحصل على أي دعم، سواء كان ذلك من الحكومة أو المنظمات الدولية. ومع ذلك، يبقى المواطن اليمني البسيط الذي يعود إلى بيته بعد نزوح طويل، عاجزا عن إيجاد الخدمات الصحية التي يحتاجها هو وأسرته.

الكارثة الأكبر: انعدام الأمن الغذائي

إذا كان الطعام والماء حقين أساسيين لأي إنسان، فإن انعدام الأمن الغذائي يعد من أشد الكوارث التي يمكن أن تواجهها المجتمعات. الدراسة كشفت أن 285,388 أسرة عائدة لا يتوفر لديها مصدر دخل ثابت، في حين لا تستطيع 86,874 أسرة ممارسة أعمالها السابقة. هذا يعني أن العائدين ليس لديهم أي وسيلة لإعالة أنفسهم أو أسرهم، وهم في وضعية ضعف شديد أمام الفقر والجوع.

انعدام الحماية القانونية

وفي ظل كل هذا الدمار، يأتي فقدان الوثائق القانونية ليزيد الطين بلة. 22,512 أسرة فقدت وثائقها، و315,248 أسرة بحاجة إلى دعم قانوني. إنه عبء إضافي يعيشه النازحون العائدون، إذ لا يمكنهم حتى استرداد حقوقهم أو إعادة بناء حياتهم بدون الوثائق التي تثبت هوياتهم أو ممتلكاتهم.

ما يحدث في اليمن اليوم هو جريمة ضد الإنسانية بكل معنى الكلمة. فالحوثيون لم يدمروا المباني فقط، بل دمروا حياة الملايين. الحرب التي أشعلوها لم تقتصر على ساحات القتال، بل امتدت لتشمل كل زاوية وكل بيت وكل مدرسة وكل مستشفى. إن إعادة بناء اليمن ليست مجرد عملية ترميم للمباني، بل هي عملية استعادة لكرامة الإنسان اليمني التي تم سحقها.

اليمنيون يستحقون الحياة، يستحقون العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة، لكن ما يواجهونه اليوم هو عودة إلى الدمار والبؤس. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في إعادة إعمار اليمن وتقديم الدعم اللازم للنازحين العائدين، وألا يتركهم يواجهون هذا المصير وحدهم.

إن ما فعله الحوثيون باليمن ليس مجرد حرب عسكرية، بل هو حرب شاملة على الإنسان، حرب استهدفت الحياة نفسها، وكل يوم يمضي دون حل هو يوم آخر من الألم والمعاناة للشعب اليمني.

***

أكثر من مليوني نازح في اليمن عادوا ديارهم.. لكن ماذا وجدوا؟

نقلا عن نشوان نيوز 

*“عدد المنازل المدمرة كليًا بلغ 40,163 منزلاً، أي بنسبة 6.42% من إجمالي 625,538 منزلاً”.

*”عدد المنازل المدمرة جزئيًا بلغ 93,011 منزلاً، بنسبة 14.87% من إجمالي عدد المنازل البالغ 625,538 منزلاً”.

*“كشفت الدراسة أن 43.34% من المناطق التي يتواجد فيها العائدون لا توجد فيها مشاريع مياه، و1,122 منطقة لا توجد فيها شبكات صرف صحي عامة، موزعة على 73 مديرية و12 محافظة”.

*” عدد المدارس في مناطق العودة المشمولة في المسح والموزعة على 73 مديرية بلغ 1,724 مدرسة، فيما 28.12% من مناطق العودة المشمولة لا توجد فيها مدارس”.

*“كشفت الدراسة أن 22,512 أسرة فقدت وثائقها..24% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا يتواجد فيها كادر طبي..

………

تكشف دراسة مسحية أجرتها الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين عن تفاصيل صادمة بشأن أوضاع النازحين العائدين إلى ديارهم، والذين وجدوا خراباً وأضاعاً قاسية.

وأوضحت الدراسة، التي حملت عنوان “العائدين في اليمن”، تفاصيل واقع العائدين في المنازل ومناطق العودة، وأعدادهم، ومواقع تواجدهم، واحتياجاتهم ضمن القطاعات الإنسانية المختلفة بناءً على مسح ميداني شامل.

وأفادت الوحدة التنفيذية للنازحين – وهي مؤسسة حكومية تتبع رئاسة الوزراء ومختصة بإدارة وحماية ومساعدة النازحين والعائدين – بأن عدد العائدين في المناطق المحررة في اليمن بلغ 410,770 أسرة، أي ما يعادل مليونين و199 ألفًا و60 فردًا، يتوزعون في 1,433 منطقة.

وقد احتلت محافظة عدن المرتبة الأولى حيث يتواجد فيها 755,036 عائدًا، ما يمثل نسبة 34.33% من إجمالي العائدين في المحافظات المحررة، و49% من إجمالي العائدين في المناطق. كما كشفت الدراسة أن عدد حالات الضعف بين العائدين بلغ 271 ألفًا و197 حالة ضعف.

الاحتياجات الإنسانية

ركزت الدراسة على الاحتياجات الإنسانية في القطاعات المختلفة، حيث أظهرت أن عدد المنازل المدمرة كليًا بلغ 40,163 منزلاً، أي بنسبة 6.42% من إجمالي 625,538 منزلاً.

وبينت نتائج المسح أن عدد المنازل المدمرة جزئيًا بلغ 93,011 منزلاً، بنسبة 14.87% من إجمالي عدد المنازل البالغ 625,538 منزلاً.

وأوضحت أن عدد المناطق التي تحتاج إلى أثاث ومواد إيواء بلغ 434 منطقة، بنسبة 30.29%. كما أشارت الدراسة إلى أن الحاجة للترميم والبناء بلغت 760 منزلاً، بنسبة 53.04%، مع تسجيل أكبر احتياج في محافظة تعز بعدد 317 منزلاً، تليها محافظة شبوة بعدد 109 منازل.

فيما بلغ عدد احتياجات المأوى من مواد أخرى 239 احتياجًا، بنسبة 16.68%. وكشفت الدراسة أن 1,433 منطقة تحتاج إلى أثاث ومواد إيواء وترميم منازل.

 

قطاع المياه والإصحاح البيئي

‌كشفت الدراسة أن 43.34% من المناطق التي يتواجد فيها العائدون لا توجد فيها مشاريع مياه، و1,122 منطقة لا توجد فيها شبكات صرف صحي عامة، موزعة على 73 مديرية و12 محافظة. وأوضحت الدراسة أن 1,091 منطقة يتم فيها تصريف الصرف الصحي بطرق عشوائية عبر بيارات غير مخططة، وأن 51.22% من شبكات الصرف الصحي في 73 مديرية و1,433 منطقة متوقفة بسبب عدم صيانتها.

كما بينت الدراسة أن 236 مشروعًا من مشاريع المياه لا تعمل في 73 مديرية و12 محافظة من المحافظات المشمولة في عملية المسح. وتبين أن 17% من مناطق العائدين بحاجة إلى إنشاء شبكة مياه متكاملة، و18% بحاجة إلى صيانة شبكات المياه والمضخات.

قطاع الصحة والتغذية

ذكر التقرير أن عدد مناطق العائدين التي تحتاج بشكل ملح إلى مرافق صحية بلغ 835 منطقة، بنسبة 58%. كما كشفت الدراسة أن 28% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا تحصل على دعم، وأن 26% منها مدمرة بسبب الحرب.

وأوضح التقرير أن 24% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا يتواجد فيها كادر طبي، وأن 9% من المرافق الصحية لم يتم استكمال بنائها، فيما 16% من المرافق الصحية بحاجة إلى صيانة وترميم جزئي. وأفاد التقرير بأن 67% من المرافق الصحية في مناطق العودة بحاجة إلى مستلزمات طبية، و16% بحاجة إلى إعادة تأهيل بالكامل، و40% بحاجة إلى توفير سيارات إسعاف، بينما تحتاج 56% من المرافق الصحية إلى دعم الكادر الصحي بالرواتب، و12% بحاجة إلى استكمال البناء.

 

قطاع الأمن الغذائي

أشارت الدراسة إلى أن 285,388 أسرة عائدة لا يتوفر لديها مصدر دخل ثابت، بنسبة 45% من إجمالي عدد الأسر العائدة، فيما لا تستطيع 86,874 أسرة ممارسة أعمالها السابقة (أي قبل النزوح). وأفادت الدراسة بأن 41,648 أسرة عائدة بحاجة إلى استصلاح الأراضي الزراعية. كما أظهر تحليل البيانات أن 91,307 أسر عائدة تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش، بينما تعتمد 112,908 أسرة على الأجر اليومي كمصدر ثانوي للعيش.

قطاع التعليم

كشف التقرير الصادر عن الدراسة المسحية أن عدد المدارس في مناطق العودة المشمولة في المسح والموزعة على 73 مديرية بلغ 1,724 مدرسة، فيما 28.12% من مناطق العودة المشمولة لا توجد فيها مدارس. وأوضح التقرير أن 103,194 طالبًا غير ملتحقين بالتعليم موزعين على 1,433 منطقة و73 مديرية و12 محافظة، فيما بلغ عدد الأطفال في سن التعليم 513,857 طفلاً موزعين على 1,433 منطقة و73 مديرية و12 محافظة.

وأفاد التقرير بأن 135 مدرسة في مناطق العودة لا تعمل، ويرجع سبب توقفها إلى عدم وجود كادر تدريسي، فيما 364 مدرسة بحاجة إلى إعادة تأهيل كامل، و1,214 مدرسة، بنسبة 69.89%، بحاجة إلى دعم بالكادر التدريسي.

كما كشف التقرير أن 48% من مرافق التعليم العالي لا تقوم بمهامها بالمستوى المطلوب بسبب عدم توفر الكادر التدريسي، وأن 14.49% من المباني الخاصة بالتعليم العالي بحاجة إلى استكمال بنائها، بينما 35.27% من مرافق التعليم العالي بحاجة إلى توفير مستلزمات تعليمية، و33.82% بحاجة إلى توفير كادر تعليمي.

قطاع الحماية

كشفت الدراسة أن 22,512 أسرة فقدت وثائقها، موزعة على 1,433 منطقة و73 مديرية و12 محافظة، وأن 315,248 أسرة بحاجة إلى دعم قانوني، فيما 76,231 أسرة بحاجة إلى استشارات قانونية، موزعة على نفس المناطق والمديريات والمحافظات.

وأظهرت الدراسة أن 15 مديرية من إجمالي 73 مديرية تحتاج أقسام الشرطة فيها إلى إعادة تأهيل لتتمكن من القيام بدورها بالمستوى المطلوب. وأشارت الدراسة إلى أن 40% من أقسام الشرطة توقفت عن القيام بواجبها بسبب الحرب، فيما تعود 60% من الأسباب إلى ضعف الإمكانيات.

وأوضحت الدراسة أن 36 مديرية، بنسبة 49%، لا تقوم المحاكم فيها بدورها، بينما تقوم المحاكم بدورها في 37 مديرية بنسبة 51%. وذكرت أن 59% من أسباب توقف المحاكم كانت نتيجة لظروف الحرب، فيما تعود 41% من الأسباب إلى تدمير المباني الخاصة بالمحاكم.

وأفادت الدراسة بأن 79.83% من المناطق المشمولة في المسح خالية من الألغام، بينما تتواجد ألغام في 20.17% من المناطق. كما ذكرت أن 25 مديرية، بنسبة 34% من إجمالي 73 مديرية مشمولة في المسح، لا يتواجد فيها مكتب للأحوال المدنية، فيما يتواجد مكتب للأحوال المدنية في 48 مديرية، بنسبة 66%.

التوصيات

أوصت الدراسة بالعمل على الحلول الدائمة من خلال تبني مشاريع مستدامة والعمل من خلال المؤسسات الحكومية المقدمة للخدمات، وتبني استراتيجية للخروج في جميع المشاريع التي تنفذها المنظمات. كما أوصت بتعزيز السلم المجتمعي وتخفيف التوتر بين المجتمعات المضيفة والمستضافة.

وشددت الدراسة على ضرورة العمل المشترك بين مؤسسات الدولة وفريق العمل الإنساني، معتبرةً أنه السبيل الوحيد للتعامل مع الأزمة الإنسانية وتخفيف وطأتها، مع إشراك العائدين في التخطيط لمستقبلهم. وأوصت أيضا بضرورة العمل على إيجاد آلية لتوفير الاحتياجات في جميع القطاعات الإنسانية.