تقارير وتغطيات

” انزياحات” .. رغم اختلافنا مع بعض مواقفه وآرائه السابقة : الحرية للناشط السياسي رداد الحذيفي

ندعو كافة الأطراف المعنية إلى التوقف عن استخدام القمع والترهيب كأداة في النزاع السياسي، فاليمن لا يمكن أن يستعيد عافيته إلا من خلال بناء نظام سياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية السياسية”

تعرب منصة “انزياحات” عن إدانتها الشديدة لاختطاف الناشط السياسي رداد سعيد قاسم الحذيفي من قبل مليشيات الحوثي في محافظة إب، إثر آرائه السياسية التي نشرها على منصات التواصل الاجتماعي. ورغم اختلافنا مع فكرة توريث الحكم الجمهوري من خلال دعم أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق، التي ظل يروج لها ، إلا أننا نؤكد بضمير حي وشرف الاختلاف السياسي، رفضنا القاطع لتلك الممارسات القمعية بحقه.

***

قمع حرية التعبير واستمرار التكميم

 

إن اختطاف رداد سعيد قاسم الحذيفي لا يعد حادثة منفردة، بل يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات التي تستهدف قمع حرية التعبير في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي. وعلى الرغم من أن الحذيفي قد ساند الحوثيين في فترة ما، إلا أن استخدام هذه الجماعة للعنف والترهيب بحق الأفراد لمجرد تعبيرهم عن آرائهم السياسية يعكس الوجه الحقيقي لمشروعها السلطوي القائم على تكميم الأفواه وتقييد الحريات، مايجب أن نقف ضد ممارساتها القمعية جميعا أحزابا ونخبا وانتلجنسيا.

 

إننا نعتبر أن حرية التعبير حق مكفول للجميع، بغض النظر عن الآراء السياسية أو الانتماءات الفكرية. وأن أي محاولات لتقييد هذا الحق أو ترهيب الأفراد بهدف إجبارهم على الصمت أو التراجع عن مواقفهم هو انتهاك صارخ لا يمكن القبول به، ويتنافى مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

***

مواقف رداد سعيد قاسم الحذيفي

 

لسنا بصدد الدفاع عن كافة مواقف رداد سعيد قاسم الحذيفي، فقد كانت له مواقف أثارت الجدل، خصوصا فيما يتعلق بدعمه لفكرة توريث الحكم الجمهوري عبر انتخابات مستقبلية قد يترشح فيها أحمد علي عبد الله صالح. نرى في هذا الموقف محاولة للالتفاف على مبادئ النظام الجمهوري وتحويله إلى شكل آخر من أشكال الحكم العائلي، وهو ما لا يختلف كثيرا عن انقلاب الحوثيين على النظام الجمهوري.

 

ورغم اختلافنا مع الحذيفي في هذه النقطة، إلا أن ذلك لا يعني إطلاقا تبرير التعسف الذي تعرض له. فقيم الديمقراطية والحرية تعني احترام التنوع في الآراء والمواقف السياسية، وحتى إذا كانت تلك المواقف لا تتفق مع ما نؤمن به.

لذا نقول ونطالب بالحرية للناشط السياسي رداد سعيد قاسم الحذيفي.

***

نقد سلوك الحوثيين

 

منذ استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء وما تبعها من سيطرة على مناطق واسعة من اليمن، كان سلوكهم السلطوي متسقا في قمع أي معارضة. اختطاف الحذيفي هو مثال آخر على هذا النهج المستمر. كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه أو معارضة سياسات الحوثيين يجد نفسه عرضة للاعتقال أو الترهيب أو حتى التصفية الجسدية.

 

وما يزيد من خطورة الوضع هو أن هذا القمع يستمر في وقت تعلن فيه مليشيات الحوثي تشكيل “حكومة التغيير والبناء” غير المعترف بها دوليا. إن هذا السلوك القمعي المتزامن مع الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة يمثل مؤشرا خطيرا على توجهات الحوثيين الرامية إلى إحكام قبضتهم على كل مفاصل الحياة في المناطق التي يسيطرون عليها، وفرض صوت واحد يعبر عنهم فقط، في محاولة لإخراس كافة الأصوات المعارضة.

***

تضامننا مع الحذيفي

 

.. نكرر ، رغم اختلافنا الفكري والسياسي مع رداد سعيد قاسم الحذيفي، ورغم إدراكنا بأنه كان في وقت ما مؤيدا لجماعة الحوثيين، إلا أن موقفنا هنا يتجاوز كل تلك الاعتبارات. نحن نقف بصلابة ضد القمع أيا كانت مبرراته أو خلفياته. إن التضامن مع الحذيفي هو تضامن مع كل ناشط سياسي أو صحفي أو معارض يقف في وجه الظلم والقمع. كما أن هذا التضامن ينبع من إيماننا العميق بأن حرية التعبير لا ينبغي أن تكون مرهونة بانتماء الشخص السياسي أو بمدى اتفاقنا مع آرائه.

**”

مسؤولية المجتمع الدولي

إن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات، وخاصة بعد إعلان مليشيات الحوثي عن تشكيل حكومتها غير الشرعية، هو أمر مقلق. ندعو الأمم المتحدة وكافة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكف عن هذه الممارسات القمعية والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي.

 

ونؤكد أن استمرار الحوثيين في قمع الحريات المدنية والسياسية يضعف بشكل كبير أي جهود لإحلال السلام في اليمن. إن أي عملية سلام حقيقية لا يمكن أن تتم في ظل وجود ميليشيا تستخدم الاعتقال والترهيب كوسيلة لإسكات الأصوات المعارضة. لا يمكن الحديث عن سلام دائم ومستقر في اليمن بينما يُختطف النشطاء والمعارضون ويُعذبون في السجون لمجرد أنهم يعبرون عن آرائهم بحرية.

***

في الختام، تجدد منصة “انزياحات” تضامنها مع رداد سعيد قاسم الحذيفي وكل معتقلي الرأي في اليمن، وندعو إلى الإفراج الفوري عنهم والكشف عن مصيرهم. إن الاختلاف في الآراء والمواقف السياسية لا يمكن أن يكون مبررا للاعتقال أو القمع. كما نؤكد أن موقفنا هذا ليس فقط دفاعا عن الحذيفي كشخص، بل هو دفاع عن حق كل يمني في التعبير عن رأيه دون خوف من الاعتقال أو التعذيب.

وندعو كافة الأطراف المعنية إلى التوقف عن استخدام القمع والترهيب كأداة في النزاع السياسي، فاليمن لا يمكن أن يستعيد عافيته إلا من خلال بناء نظام سياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية السياسية.

كما نؤكد أن هذه الانتهاكات لا تسقط بالتقادم، وأن مرتكبيها لن يفلتوا من المساءلة القانونية، فالمستقبل سيكون حتما للعدالة ولحقوق الإنسان.