- لماذا لايعقد جلسات مجلس النواب في تعز؟!
في مشهدٍ غريب، ظهر رئيس مجلس النواب اليمني في مسقط رأسه بتعز بعد غياب طويل عن الأضواء، كمن يحاول جاهدا أن يسترجع زمنا فات وذكرى فقدها. تُرى ما الذي دفعه الى الظهور بعد غيابه الطويل؟ هل كان يحاول إحياء ما تبقى من رماد سلطته التي تكاد تتلاشى مع كل قرار أو تصريح يصدره؟ أم أن زيارة الرئيس رشاد العليمي للتو قد أثارت غيرة هذا الرجل، فقرر فجأة أن يستعرض عضلاته الواهنة في ساحة السياسة؟
لقد كانت زيارة الرئيس رشاد العليمي لتلك المدينة المناضلة بمثابة حجر ألقي في المياه الراكدة، فتدفق الماء وسرى في عروق المدينة التي كانت تحتاج حقا إلى هذا النبض الحي. لكن، ما إن انقشعت سحب الزيارة الرئاسية حتى لاح لنا ظلٌ باهت لشخصٍ بدا وكأنه يلهث خلف الأضواء، ربما ليثبت للعالم أن وجوده لم يندثر بعد.
معاذ، ابن رئيس مجلس النواب، لا شك أنه يقف في كواليس هذا العرض الهزلي، يترقب ماذا سيكتب والده على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي. ما يثير السخرية هو كيف أن هذا “الرجل العظيم!”، الذي يحمل في جعبته لقبا ثقيلا مثل “رئيس مجلس النواب”، يختزل طموحه في مشاهد إعلامية بائسة، ومحاولة إقناع سكان تعز بوجوده بعد أن غابت ملامحه حتى عن الساحة السياسية.
لكن فلنكن واقعيين، البركاني ليس غائبا عن المشهد كليا، بل كان له ظهور أخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وقف ومعه أعضاء من البرلمان ضد وجود شركة إتصالات يمنية إماراتية بحجة التجسس لكن لم تستفزهم تجسس جماعة الحوثي وتحكمها بقطاع الإتصالات لسنوات ؛ كان الوقوف في مثل هكذا موقف دون عمل إجراء وحل لمعضلة بقاء قطاع الإتصالات تحت سيطرة الحوثيين وبطريقةٍ لم تخلُ من السذاجة. ولعل هذه الحادثة كانت إيذانا ببدء نهايته السياسية، إذا ما اعتبرنا التعطيل و المنع دون حل ..عن وجود قطاع إتصالات بعيدا عن سيطرة الحوثيين آخر إنجازات رجال السياسة.
زيارة “شيخ المانجا “لتعز جاءت بعد أن رأى الرئيس العليمي يُستقبل بحرارة وكرامة في تلك المدينة الباسلة. وكأنما أيقظت فيه رغبة قديمة في استعراض قدرته على الحشد، حتى وإن كان ذلك عبر عبارات طنانة ومحاولة إقناع السلطة المحلية هناك بأنه لا يزال قادرا على التأثير. ولكن، لنكن صرحاء، لا أحد يأخذ هذا الرجل على محمل الجد، فالزمن قد تجاوز أحلامه السلطوية البالية.
إن البركاني، بسعيه المحموم خلف السلطة، يظهر وكأنه لم يتعلم من دروس التاريخ. فاليمن التي مرت بسنوات من الحروب والصراعات، لم تعد بحاجة إلى زعامات من ورق ، و” كروش”وما فعله في تعز لا يعدو كونه محاولة يائسة لإعادة تدوير فشل سابق، ظنا منه أن أهل تعز سيُعجبون بجولة قصيرة وقليل من الكلام المنمق.. والنكات السامجة.
في نهاية الأمر، يبقى البركاني مثالا حيا على أن السلطة ليست مجرد لقب أو منصب، بل مسؤولية وأفعال. أما هذا “الظهور البائس” فلا يعدو كونه فقرة في مسرحية قديمة، اعتاد الجمهور على نهايتها قبل أن تبدأ. والسؤال الذي يظل يطرح نفسه هو: هل يدرك البركاني حجم السخرية التي يثيرها وجوده، أم أنه مستمر في لعب دور البطل في مسرحية لم يشاهده أحد بعد وهو يتبهذل فيها مثل أي كومبارس؟
في كل الأحوال، يبدو أن رئيس مجلس النواب اليمني لم يعد يرى من الحلول إلا في زيارته لتلك المدينة التي لطالما كانت مصدر إلهام للثوار والمقاتلين. ولكنه نسي أن تعز ليست بحاجة إلى من يزور ويغادر، بل إلى من يبني ويصمد..
ثم لماذا لايعقد جلسات مجلس النواب في تعز؟!
.طبعا البركاني استطاب لذة العيش في المملكة العربية السعودية التي تغدق عليه بملايين الريالات السعودية ،وإذا كان البركاني قد اختار طريق السخرية لنفسه، فإن تعز ستختار طريق العزة والكرامة، ولو لم يبقَ لها إلا حجرٌ واحد تقف عليه!.