حادثة انفجار محطة الغاز في مديرية المنصورة بالعاصمة المؤقتة عدن تسلط الضوء على قضية اجتماعية وأمنية بالغة الأهمية، وهي التهاون والاهمال من قبل السلطات المختصة على منح التراخيص لهذه المحطات. ما جرى ليس مجرد حادث عرضي، بل هو نتيجة لخلل عميق في آليات الرقابة والتنظيم والسلامة المهنية.
زيارة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك لموقع الانفجار وتوجيهاته بالتحقيق العاجل في أسباب الحادث تعكس اهتمام الحكومة بسلامة المواطنين وحرصها على معالجة الخلل القائم. غير أن هذه التوجيهات، على الرغم من أهميتها، يجب أن تكون جزءا من استراتيجية أوسع وشاملة لإعادة تنظيم هذا القطاع الحيوي.
التسبب والإهمال من قبل ملاك المحطات ليست مجرد مسألة فنية تتعلق بمستويات الأمان، بل هي قضية اجتماعية كبرى ترتبط بالفساد وغياب المساءلة. عندما يُسمح لمحطات الغاز بالعمل في الأحياء السكنية دون الالتزام بمعايير السلامة، فإن ذلك يعكس ضعفاً في نظام الترخيص ومراقبة تطبيق القوانين. كما أن وجود مثل هذه المحطات في أماكن مكتظة بالسكان دون اتخاذ تدابير وقائية كافية يعرض حياة الناس للخطر ويهدد أمنهم.
المشكلة لا تقتصر على الحادث نفسه، بل تمتد لتشمل كيفية إدارة الأزمة بعد وقوعها. التفاعل السريع للحكومة مع الحادث وتوجيه رئيس الوزراء بالتحقيق ومعاقبة المسؤولين عن التقصير خطوة إيجابية، لكنها لن تكون كافية إذا لم تُتخذ إجراءات رادعة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث. يجب أن يكون هناك نظام محاسبة صارم يضمن محاسبة كل من يتورط في منح تصاريح غير قانونية أو يتهاون في تطبيق معايير السلامة.
المجتمع العدني، بل والمجتمع اليمني ككل، يعاني من قضايا أخرى تتعلق بالسلامة العامة وتوفير الخدمات الأساسية. انفجار محطة الغاز في المنصورة هو جزء من سلسلة حوادث مشابهة شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وكلها تشير إلى نفس السبب: ضعف الرقابة والإشراف وعدم الجدية في التعامل مع متطلبات السلامة العامة.
في النهاية، يتطلب الأمر وعيا جماعيا بمخاطر التهاون والإهمال في مثل هذه الأمور الحيوية. يجب أن تتحمل الحكومة والسلطات المحلية مسؤولياتها تجاه حماية حياة المواطنين، ويجب أن يتعاون المواطنون أنفسهم في الإبلاغ عن أي مخالفات أو تهديدات لسلامتهم. إن قضية انفجار محطة الغاز ليست مجرد قضية حادث عرضي، بل هي قضية أخلاقية واجتماعية تستدعي التحرك الفوري الجاد لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل.
هذه الحادثة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار يدفع السلطات المحلية والحكومة المركزية إلى إعادة النظر في السياسات المعمول بها تجاه محطات الغاز وغيرها من المنشآت الخطرة. كما يجب أن يتم تعزيز دور الأجهزة الرقابية وتزويدها بالصلاحيات والموارد اللازمة لضمان تطبيق القوانين ومعايير السلامة بصرامة.