تقارير وتغطيات

تصعيد خطير.. استهداف صافر النفطية في مأرب بثلاث طائرات انتحارية حوثية مسيرة

 

  •  الهجوم على صافر يجب أن يشكل نقطة تحول في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع الحوثيين

الهجوم الذي نفذته أمس المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب يعتبر تصعيدا خطيرا له تأثيرات عميقة على مستقبل المحادثات السلمية في اليمن. إن محاولة تدمير منشأة حيوية ومدنية بهذا الشكل تعكس مدى التهديد الذي تشكله هذه الجماعة الإرهابية ليس فقط على اليمن ولكن أيضا على المنطقة بأسرها.

يعكس هذا العمل الإرهابي الاستراتيجية الحقيقية للحوثيين، وهي استغلال المحادثات السلمية كغطاء لمواصلة حملاتهم العسكرية. ما لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات حازمة للرد على هذا النوع من التصعيد، فإن اليمن سيظل ساحة صراع دامي تؤثر على استقرار المنطقة بأسرها.

يأتي الهجوم في وقت حساس تشهد فيه الساحة اليمنية حراكا دبلوماسيا بهدف تحقيق تسوية سلمية. ورغم أن جماعة الحوثي كانت تدعي مرارا وتكرارا استعدادها للحوار، فإن مثل هذه العمليات الإرهابية تبعث برسالة واضحة ومزدوجة: الحوثيون ليسوا جادين بشأن التوصل إلى حل سلمي، وهم على استعداد لاستخدام القوة في سبيل تحقيق أهدافهم السياسية. استهداف منشأة صافر يهدد الاقتصاد اليمني الهش بالفعل، خاصة وأن المنشأة تلعب دورًا محوريًا في توفير الموارد اللازمة للحكومة الشرعية لدعم استقرار البلاد.

وكانت اعلنت القوات المسلحة اليمنية ان المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الإيراني قامت اليوم الجمعة باستهداف منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب بثلاث طائرات انتحارية مسيرة تحمل مواداً شديدة الإنفجار في محاولة إرهابية جبانة لتدمير هذه المنشأة الحيوية المدنية.

واكدت أنه ‘بعون الله تعالى فقد تم إسقاط تلك الطائرات قبل تحقيق أهدافها الإجرامية”

يظهر في الصورة حطام طائرة انتحارية حوثية مسيرة أسقطها الجيش في مأرب

وتبين المعلومات من الجهات المختصة في قواتنا المسلحة أن هذه الطائرات المعادية أُطلقت من نقطة واقعة بين منطقتي دحيضة وقرن الصيعري شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف الواقعة تحت سيطرة العدو.

وتؤكد القوات المسلحة جاهزيتها للرد على مثل هذه الأعمال التي تستهدف مصالح الشعب اليمني ومنشآته الإقتصادية السيادية”.

الهجوم يقوض بشكل مباشر فرص نجاح أي مفاوضات سلام قائمة أو محتملة. لقد أظهرت المليشيات الحوثية أنها تستخدم الحوار كغطاء لمواصلة هجماتها العسكرية وتعزيز سيطرتها على المناطق الاستراتيجية. هذا النوع من التصعيد يزيد من الشكوك حول نوايا الحوثيين الحقيقية، ويثير تساؤلات حول مدى جدية أي مفاوضات سلام تحت هذه الظروف.

علاوة على ذلك، يستهدف الهجوم استنزاف الحكومة الشرعية اقتصاديا، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتقويض أي فرص لتحقيق الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. بالنظر إلى الأهمية الحيوية لصافر كمصدر رئيسي للطاقة والإيرادات، فإن تدميرها يمكن أن يشكل ضربة قاسية للاقتصاد اليمني، مما يزيد من الضغوط على الحكومة ويؤدي إلى تداعيات إنسانية كبيرة.

تحقيقات قالت إن الطائرات المسيرة “خاطف” إيرانية الصنع هي نفسها التي عرضها الحوثيين في صنعاء واسقطها الجيش اليوم في مأرب.

التورط الإيراني في دعم المليشيات الحوثية يعزز من تعقيد الأزمة. فقد أصبحت اليمن ساحة لصراع إقليمي أوسع بين إيران من جهة والدول الخليجية من جهة أخرى. الهجوم على صافر يجب أن يُنظر إليه في سياق الجهود الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة من خلال دعم الوكلاء المسلحين. هذا يضع مزيدا من الضغوط على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة والمبعوثين الدوليين، لإعادة تقييم كيفية التعامل مع الحوثيين. فبدلا من الاستمرار في محادثات سلام غير مثمرة، يجب أن يكون هناك موقف أكثر صرامة ضد هذا النوع من العدوان.

داخليا، يزيد الهجوم من التوترات بين مختلف الأطراف اليمنية، ويدفع نحو مزيد من الاستقطاب. فقد يؤدي هذا النوع من التصعيد إلى تحفيز قوات الحكومة الشرعية وحلفائها على الرد العسكري، مما يؤدي إلى مزيد من العنف وابتعاد فرص الحل السلمي.

الحوثيون يدركون أن أي ضربة ناجحة لمنشأة بحجم صافر ستؤدي إلى انقطاع في الإيرادات المالية للحكومة الشرعية، وربما توقف صادرات النفط، ما يخلق أزمة اقتصادية خانقة. هذا بدوره سيؤدي إلى تدهور في الأوضاع المعيشية في المناطق المحررة وزيادة الفقر والبطالة، وهو ما يسعى الحوثيون لاستغلاله في محاولة لتقويض الشرعية.

الهجوم على صافر يضع الحكومة اليمنية والتحالف العربي في موقف معقد. الرد العسكري القوي يبدو ضروريًا لحماية المنشآت الحيوية والحفاظ على السيطرة على الموارد الاقتصادية. في الوقت نفسه، فإن التصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وتعقيد الجهود الدبلوماسية.

 

من ناحية أخرى، تحتاج الحكومة الشرعية إلى تعزيز الدفاعات حول المنشآت الحيوية والعمل بشكل أوثق مع المجتمع الدولي لضمان عدم تكرار مثل هذه الهجمات. قد يتطلب الأمر أيضًا إعادة النظر في الاستراتيجيات الدبلوماسية والعسكرية للتعامل مع الحوثيين ومن خلفهم إيران.

الهجوم على صافر يجب أن يشكل نقطة تحول في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع الحوثيين. إذا استمرت المفاوضات في ظل استمرار مثل هذه الهجمات، فإنها ستكون مفاوضات غير مجدية. يجب أن يكون هناك ضغط دولي أكبر على الحوثيين للالتزام بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات بنية صادقة.

 

المجتمع الدولي، وخاصة الدول الكبرى والأمم المتحدة، يجب أن تدرك أن الحوار مع جماعة تستخدم الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها لن يؤدي إلى نتائج حقيقية. يجب أن يكون هناك موقف موحد يعاقب من يتورط في الهجمات على المنشآت المدنية ويعزز من حماية المصالح الحيوية للشعب اليمني.