تقارير وتغطيات

استغلال العمل الإنساني: إكراه الموظفين والتهديد المستمر

 

إجبار العاملين في المجال الإنساني على تقديم تعهدات بالعمل وفق الشروط الحوثية يعد انتهاكًا للمواثيق الدولية.

في ختام "دورة ثقافية".. الحوثيون يجبرون موظفي المنظمات على التعهد بالعمل وفق شروطهم .. تؤكد المصادر
في ختام “دورة ثقافية”.. الحوثيون يجبرون موظفي المنظمات على التعهد بالعمل وفق شروطهم .. تؤكد المصادر

في مناطق سيطرتهم، تواصل ميليشيا الحوثي فرض سيطرتها على كافة القطاعات الحيوية، بما في ذلك العمل الإنساني الذي يعد شريان الحياة الوحيد للكثير من اليمنيين. لم تكتف الميليشيا باعتقال عدد من موظفي المنظمات الإنسانية واتهامهم الباطل بالتجسس لصالح دول أجنبية، بل عمدت إلى إجبار من تبقى منهم على العمل وفق شروطها الخاصة، في انتهاك صارخ لمبادئ الحياد الإنساني.

خلال الدورة الثقافية التي أقامتها الميليشيا على مدار خمسة أيام، خضع أكثر من 3,287 موظفا يعملون في منظمات إنسانية دولية ومحلية لضغوط غير مسبوقة. لم يكن الهدف من هذه الدورة تدريبهم على سبل تعزيز العمل الإنساني أو دعم المحتاجين، بل كان غرضها الواضح هو تكريس الولاء للحوثيين، وضمان أن تظل العمليات الإنسانية تخضع لشروطهم ورؤيتهم السياسية.

أحد أبرز الوجوه القيادية في الجماعة، إبراهيم الحملي، الذي يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية (سكمشا)، قاد هذه اللقاءات بنفسه. وبحضور المنسق المقيم للأمم المتحدة في صنعاء، جوليان هارنيس، تم توجيه رسائل تهديد واضحة لموظفي المنظمات الإنسانية بعدم الانخراط في أي “أعمال تجسسية”، وهو اتهام مستمر تستخدمه الميليشيا لتبرير اعتقال النشطاء والعاملين في المجال الإنساني.

 

لم تتوقف التهديدات عند هذا الحد، بل أكد الحوثيون أن على الموظفين الالتزام “بالعمل وفق مبادئ العمل الإنساني والقوانين اليمنية”، وهي في واقع الحال قوانين الحوثيين التي تهدف إلى تسييس وتوجيه المساعدات بما يخدم مصالح الجماعة، وليس مصالح الشعب اليمني.

إجبار العاملين في المجال الإنساني على تقديم تعهدات بالعمل وفق الشروط الحوثية يعد انتهاكًا للمواثيق الدولية ويشكل تهديدًا لحيادية المساعدات. هذه الممارسات تفضح نوايا الميليشيا الحقيقية، التي لا تسعى إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني بقدر ما تسعى لاستغلال تلك المعاناة كورقة ضغط سياسية.

المنظمات الدولية والمحلية التي تعمل في اليمن تواجه تحديات هائلة في ظل هذه الظروف. ولعل أكبر تلك التحديات هو الحفاظ على الحيادية والاستقلالية في مواجهة ضغوط الحوثيين المستمرة. المجتمع الدولي يجب أن يتحرك بشكل حاسم لحماية العاملين في المجال الإنساني، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين دون تدخل أو تلاعب.

إن ما يحدث اليوم ليس سوى جزء من استراتيجية أكبر يسعى الحوثيون من خلالها إلى تشويه عمل المنظمات الإنسانية وتحويله إلى أداة في صراعهم العسكري والسياسي. يجب على المجتمع الدولي، والأمم المتحدة على وجه الخصوص، التحرك بسرعة لفضح هذه الانتهاكات والعمل على ضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني في اليمن.