تشكل الحوادث المرورية في اليمن كارثة إنسانية واجتماعية تتطلب تدخلات عاجلة وحلولاً مستدامة. إن تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والأفراد يمكن أن يساهم في الحد من هذه الكارثة وإنقاذ حياة العديد من اليمنيين. تعتبر الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية خطوة مهمة في هذا الاتجاه، ولكنها تحتاج إلى دعم وتطبيق فعلي على الأرض لتحقيق أهدافها.
كشفت إحصائية حديثة أن الحوادث المرورية أوقعت آلاف الضحايا بين قتيل وجريح سواء في مناطق نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أو في المناطق الخاضعة لسيطرة الميلشيات ،مما يعكس خطورة الوضع المروري في اليمن وتأثيره الكبير على الحياة اليومية للمواطنين.
الواقع المروري في اليمن
من بين الأسباب الرئيسية لهذه الحوادث هي تهالك الطرق وغياب الصيانة، مما يؤدي إلى تفاقم أعداد الضحايا سنوياً، خاصة بين الشباب والنساء والاطفال.
التحديات والأسباب
تعد الطرق المتدهورة وغياب الصيانة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث المرورية في اليمن. ومنذ بداية العام الجاري، شهدت البلاد العديد من حوادث السير في مختلف المحافظات.. كما أن قيادة السيارات المتهالكة والسرعة الزائدة وعدم صيانة الطرقات منذ بدء الحرب يزيد من تعقيد الوضع.
دور الدراجات النارية
تُعتبر الدراجات النارية أيضاً من الأسباب الرئيسية للحوادث المرورية. ففي حادث مروع وقع في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، أسفر عن وفاة 9 أشخاص، من بينهم 3 نساء، كان سبب الحادث هو الدراجات النارية وعدم التزام سائقيها بقوانين السير، مما يجعلها صعبة التفادي ويزيد من خطرها على السلامة المرورية. هكذا زهقت 9ارواح بلمح البصر.
الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية
أقر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية لمراجعة مشروع الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية المقدمة من وزير الداخلية. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تأمين حركة مرورية آمنة وانسيابية، والحد من الازدحامات المرورية في مختلف المدن والمناطق، وضمان السلامة المرورية العامة. كما تهدف إلى حماية المجتمع من المآسي والأضرار الناجمة عن حوادث المرور، وتنمية إحساس المواطن بمسؤوليته المشتركة تجاه تحقيق السلامة العامة وتعميق الوعي بين أفراد المجتمع لمفهوم الثقافة المرورية.
أهداف الاستراتيجية
تتضمن أهداف الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية تأكيد احترام وتطبيق القواعد المرورية، وتحسين مستوى كفاءة العاملين في مجال المرور، والحد من الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث المرورية. كما تتضمن وضع الوضع الراهن والمشكلة المرورية وما تخلفه من أضرار إنسانية ومادية تتجسد في العدد الكبير للوفيات والإصابات والخسائر المادية الناجمة عن حوادث الطرق.
الجهود المجتمعية والسياسية
على الرغم من الأرقام المتصاعدة للحوادث المرورية، يؤكد مراقبون أن الجهات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني ، والأحزاب السياسية لم تهتم أو تلتفت إلى هذه “المحرقة” الناجمة عن حوادث المرور والتي تفتك باليمنيين وتحصد الآلاف منهم سنوياً بين قتلى ومعاقين وأرامل وأيتام ومسجونين معسرين، وتسبب خسائر مادية كبيرة. تعد هذه الكارثة أكبر كارثة إنسانية واجتماعية في اليمن، وتتطلب تضافر الجهود المجتمعية والرسمية لمواجهتها والحد من آثارها.
الأثر الإنساني والاجتماعي
تتجاوز آثار الحوادث المرورية الجانب المادي لتصل إلى الجانب الإنساني والاجتماعي. فقد تسببت الحوادث في خلق العديد من الأرامل والأيتام، وتدمير العديد من الأسر، فضلاً عن العدد الكبير من المصابين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية وتأهيل. كما أن السجون اليمنية تعج بالمسجونين المعسرين بسبب حوادث المرور، مما يزيد من العبء على النظام القضائي والإنساني في البلاد.
تتطلب هذه الكارثة الإنسانية والاجتماعية مواجهة حقيقية عبر تضافر الجهود على جميع المستويات. يجب أن تشمل الحلول تعزيز البنية التحتية للطرق، وتوفير صيانة دورية لها، وتطبيق قوانين المرور بصرامة، وتحسين مستوى التوعية المرورية بين المواطنين. كما يجب تعزيز كفاءة العاملين في مجال المرور وتوفير التدريب اللازم لهم للتعامل مع الحوادث المرورية بفعالية.