صباح الخير يا الله
صباح جبل النهدين
صباح الغصة التي تومض في قلب تلك النجوم الخائفة من حرية الكلاب الضالة
صباح الذين هنا
والذين هناك
والذين يريدون أن تكون أسماؤهم نظيفة
وصالحة للحب
صباح الخير أيتها الكلمات التي تحاصرها رائحة النشادر
صباح الوطن الذي يحتاج إلى النظافة الشخصية
والسجائر المهربة
والاستغفار
لسنا وحدنا يا الله في هذا الفراغ
لسنا وحدنا في هذا الهباء
وليس معنا أحد
ولا نحاول أن نبدو أقوى
ولا نريد أن نكون مناضلين أو وطنيين جداً
أو سماسرة شعارات
نحن هنا يا الله في التوقيت المناسب للموت
وأنت هناك حيث لا تجيء
ولا تصلك دعوات الأمهات ولا الرصاص الطائش الذي يقتلنا
شكراً يا الله البعيد
يا الله هناك
يا الله الذي ليس هنا
شكراً للبعيد أيضاً
وللمسافة التي تتكدَّس فيها الخيبات
والشهداء والنياشين
والأصدقاء المثخنون بالندم
والحبيبات الخائفات منك يا الله البعيد جداً
شكراً للذين في الزنزانة صار إلههم واحداً
وطيباً ومسالماً
ويحب الفول والكُدم
ويوزِّع الآهات بالتساوي
شكراً للذين ينتظرون اليوم التالي
شكراً للذين هنا يبحثون عن مسافةٍ آمنة
والذين ينتظرون الله كل صباح
والذين يحبون الله من مسافة صفر
ويحدِّقون في السقف
شكراً للظلام الذي يجيء رغم أنفنا حتى في وضح النهار
شكراً للمآذن العالية والأحلام المنخفضة
شكراً للزيارة الأسبوعيةوالوطن الذي في الخارج
شكراً لشمس الحرية التي نراها من بين القضبان
شكراً للأمل اليومي
شكراً لشارع الستين الذي يجيء منه كل شيء إلا الشعور بالوطن
شكراً كثيراً يا الله الذي أنت هناك خارج هذه الزنزانة
يا الله الذي تمنح أمي أوهاماً واهيةً
ودموعاً كثيرة
وشيخوخةً حزينة
وليلاً كثيراً
وذكريات.
في حين أنها لا تحتاج إلى أكثر من وطنٍ للجميع وعدلٍ وأمنٍ غير سياسي
وخبزٍ بلا دموع.
2008/6/27
من مجموعة: ” انتهت الزيارة يا وطن! “