شعر ونثر

لو كان الحزن خمرا سيصير حزني أفخر أنواعه

لم أشرب النبيذ يوماً
لكنني أعرف تماماً ذلك الشعور الذي دفع الراهب دوم بيير بيرينيون لأن يصرخ محتفلاً بعد أول رشفة شمبانيا في التاريخ
لم أجرب الويسكي كذلك
لكنني أشمه في قصائد و روايات فاحت عبقريتها
سمعت عن لذة البراندي
عن فحش الفودكا و قوة التيكيلا..
وعما تفعله البيرة في بطون البحارة وأحلامهم..
و مع هذا لم يسبق و أن تذوقت أي منها أبداً.
غير أني
و عندما أشاهد ملامحكِ عن قرب
عندما أتأمل تفاصيل وجهكِ و أنت تتحدثين ،
عندما أرتشف القليل من ابتسامتك
وأعب من دنان صوتك
أترنح حينها من ثِقل النشوة
و أضحك من شدة النسيان .

*
لو كان الحزن خمراً
سيصير حزني أفخر أنواعه و أغلاها ثمناً ،
في زجاجة خضراء داكنة سيأتي به النادل من القبو
وبرفق سيأخذه منه زعيم العصابة فاحش الثراء و يقدمه للسياسي الطاعن في الفساد والذي يدخن غليونه ببرود..
– أنظر إلى هذه .!
إنه حزن معتق منذ العام 1982
إنه بعمر ديناصور مراهق
أو شاعر
على أهبة الانشطار .

**
في تلك الظهيرة
لمستك من غير قصد
وكان هذا أهم حدث لي منذ أعوام .
لقد أسكرني وأصابعي
ملمس جلدك .!

***
تقولين أنني دائماً ما أشرد حينما نكون معاً
الحقيقة أنني عندما تتحدثين أسافر في تفاصيل وجهك الخلاب..
أراقب النجوم في عينيك والربيع الغض على وجنتيك، سحر ابتسامتك و جنون ضحكاتك..
أشاهد الكلمات وهي تخرج من فمك وتتشكل في الهواء لتبدو وكأنها كائنات فردوسية يمكن لمسها والإمساك بها..
لطالما كانت أحاديثك تسافر بي بعيداً عما تتحدثين..
ولطالما كانت وجهكِ مسرحي المفضل ، و الحانة الوحيدة في بلدة المتاعب والهموم  .

**

أتدرين مالذي قاله بيرينيون بعد أول رشفة من إكتشافه ؟
لقد صرخ  منادياً زملاءه الرهبان :
– هلموا يا إخوتي
إنني أتذوق النجوم .

**

فتعالي إليّ إذاً
و دعي شفتيك تذوبان في محيط فمي
هكذا سأصرخ أنا أيضاً
مستجمعاً رفاقي القتلى والمفقودين :
–  هلموا يا رفاق
إنني أعانق الله   .

من كتاب ” طائر بعكازين “