شعر ونثر

ما المدينة إن لم تكن “عدن”؟

ما المدينة إن لم تكن عدن مبارك سالمين
ما المدينة إن لم تكن عدن مبارك سالمين

ما المدينة إن لم تكن أنثى، إناءُ حمم؟؟

إن لم تكن عدنْ،

إيقاعُها:

هرولةُ الماء،

جمل الورّادين، عضلاتهم المبتهجة

لهاثُ الصهاريج وهي تغني: التوابل والماء والنار

عدنُ الابنةُ البكرُ الحارةُ للأرض

أمومةُ الريح

بذرةُ الصيادين وشباكهم وهي تكافح الرصاص

ولهُ الأيض،

ومدّ الأخدود ونخاله الطيب

قمرُ الحرية

سيدةُ الجنوب

مرآةُ الحمام وهو يضوع بالطلق

ما المدينة إن لم تكن عدن،

كدح الملح في الفصول الغارقة في التجريف

بهجة الأرض،

الأيقونة التي فطرها الربُّ:

ثديًا للملاعين ولأبناء الله

أنشوطة للخراب

وزندا عفيًا للأماسي

ما المدينة إن لم تكن أنثى نبيّة

برؤوس أبنائها

تصدّ عن دارها الحديد

ما المدينة إن لم تكن عدن البهية

البهية في احتضاناتها

البهية في شجن الأهل وأعيادهم

البهية في عنفوان ملاقاتهم للبحر،

في الموج والرايات

البهية في عتمتها ومصابيحها

في نومها ومدافنها

البهية في مساجدها وكنائسها ومعابدها

البهية في عذراوات حواريها وأغانيها

البهية في فقرها وعيون صباياها

البهية في زهوها ورضاها

البهية في أغصانها وهداياها

البهية في أذان المسرّات

البهية في مورد الماء والكهرباء

البهية في العرس

البهية في صناديق الإقراض

البهية في شجوها ومعادنها

البهية في الطوابير الحميمة

وغناء الطيور في محطة الباصات

البهية في الآهات وفي البارات

البهية في ملّاحاتها وإشارات أحلامها

في “ناسها”، في شوارعها

البهية في “زغاطاطيها” المقمرة المبخّرة

في الحليب الصباحي والشاي

البهية في أربعينيتها

البهية في عيد الاستقلال

ما المدينة يا صاحبي إن لم تكن هذه المائدة المبروكة

الأم الرؤوم،

الوشم في المخيال، مستيقظ منذ الأزل.

ما المدينة إن لم تكن عدن البهية

عدن التي في “خاطري” تعبت ياليت شعري ما الذي فعلت بها الأيام؟

عدن التي تأتي إذا ابتعدت كينونةُ الرحمن، من تزهو بها الأحلام

ريم على شمسان ما فتئت

مزدانة

ريّانة

تشدو بها الأعلام

فيض السماحة مذ كانت ولم تزل

عدن البهية في أهلتها وزخرفها

عدن البهية في سلام عيونها

في ليلها في شمسها، في اسمها

عدن الطبيبة، والمطعمة، المبنية من تعب العمال، ومن طوفانات قبائل المهمشين من جيش الشعب وشرطته، عدن البحر المشلول، المخصي النهر وقد صبّ طميه في جيب الجنرال، عدن المنسية والسرية، موسيقى “الليوة” في لوعتها، المدنية وهي مطوقة بحضائر دبابات! الطمبرة الملتحفة بالتاريخ، وبالأجناس والهواجس

عدن الجبلية والبحرية

الصيفية والشتوية

الحتمية والمنصورة

ما نعلمه وما نجهله!

ما المدينة إن لم تكن تفاحة، عدنُ؟

عدن التي تصفح عن:

الأوغاد والمرابين والغزاة، الأحذية الملتحية واللصوص والخونة، وكل أصحاب الأوصاف العاهرة. عدن النبيلة الأنفة التي لا تركع… المسكينة التي تمنح الحب وإمكانية السهو والمعرفة، عروسة الفقراء، وحيرة الجيران، العاشقة الهلعة، بئر العفة، بنت النقابات والصحافة والشعر،

ما المدينة إن لم تكن عدن؟

ما المدينة إن لم تكن عدن؟

عدن البهية في رسمها والتفاتتها،

في الفجر والموج يجري إلى أقدامها.