شعر ونثر

اتدرون كيف لم أمت؟

اتدرون كيف لم أمت - عبدالرب الفتاحي
اتدرون كيف لم أمت - عبدالرب الفتاحي

رغم أن الموت كان يسير في الصباح
وكان يكتب قصته وألمه الطويل..
وهو لا يغادر النافذة
وينظر للشمس ويحلم أن يستريح
أحسست أن للموت نكهة الايام
نكهة الأكل والعطر
يلبس ثياب التعب والجهد
ويقوم في المساء ليصلى فهو مرمي في السراب والغياب .

لم أكن أخاف فعند الخوف يصبح لنا جسد من ورق
ولنا عقول ملتهبة غائبة مدمنة على القلق

تسير وتفكر وتقف في الشوارع
وتُشردُ عند الأكل وتعود مخفية من دون وعي

لم أمت فهذا هو الوقت لكي أفكر للحظات المقبلة
وأسير خلف وهمي وأفكر في الفراغ. واحساس الوقت الذي يلفني من دون أن أشعر

ثم إذا أقبل الليل عدت لكي أنام
وبات لي وعد في كل الزوايا
وعند أبواب بيتنا وفي الساحة المجاورة

سوف أنام واعود للنوم وتستمر ساعات الانتظار

يختفي اليوم وتختفي الذاكرة

ويعود لجسدي نبض وسكون وحلم بالعودة

الموت يسافر لكنه يقطع كل المسافات
يتذكر الوجوة ويحب الاصدقاء ويضع لنا حسابات الحياة

هو لن يفكر في العودة من دون هدية

لن يعود مالم يضع مصباح في الطريق المظلمة أو يغلق الطرق المفتوحة

لكنه يعود مع القنص وعند الليل وعند الفجر
هو يختلس اشياءنا

يحرك بطوننا ويهز وجوهنا الذابلة
يكون في وضح النهار مرمي كمسمار قاتل مليئ بالصداء
لم يحن للموت أن يضع ثيابه الجديدة
وشاله المليئ بالبقع الداكنة

وجنبيته التي مازالت تخفي جروح القتل والطعن

الموت لم يزرع زهرة في حواري الحرب..
وحدود المدن والقنص واشلاء الاطفال وحصار المدينة

هناك طوال غيابنا ماتت وزرعت بقايا الورود في بيوتنا المهاجورة

بيوتنا المسكونة بصياح الجن

وصوت الرصاص وهذيان العودة المستحيلة

في كل صباح تبدو مدينة الموت جميلة

هي تصافح الشمس عند الشروق وعند الغروب

تضع وقتها عند حافة الشوارع

وكافة المقاهي والمطاعم وفي اماكن النوم ومخلفات الرحيل والهجرة والنزوح